شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الثورة بوسائل أخرى – هيثم صلاح

الثورة بوسائل أخرى – هيثم صلاح
  قال سيدنا معاوية بن أبي سفيان مرة " ما آخذه بلساني لا آخذه بسيفي..... "

 

قال سيدنا معاوية بن أبي سفيان مرة " ما آخذه بلساني لا آخذه بسيفي….. "
 
وصلت الثورة لمرحلة متقدمة نوعا ما بإيصال أحد أفرادها إلى سدة الحكم , و مع ما يمنحه هذا الموقع من مميزات و صلاحيات ستستفيد منها مسيرة الثورة حتى تتقدم للأمام و لكنه أيضا يفرض بعض القيود على الرئيس بحكم منصبه . سيضطر الرئيس أن يعلن إحترامه لمؤسسات الدولة القائمة القضائية و العسكرية رغم تأكدنا و تأكده من أنها تقود الثورة المضادة لأنه في النهاية رجل دولة . و سيعمد الرئيس حينها إلى إستخدام صلاحياته بدقة و تأني من خلال مباراة شطرنج شرسة يحكم القانون القائم قواعدها و تشعل أعصابنا نحن الثوار إلى أقصى حد . بين بيادق العسكر و القانون و الثوار تدور معركة العقول بعد أن أصبحت الميادين غير مجدية إلى حد كبير أو أن إستخدامها الحالي غير مجدي و الرئيس – ممثل الثورة – يستخدم الآن أدوات السياسة و القانون لبناء قاعدة ينطلق منها لإستكمال كل أهداف الثورة . يبني واقعا جديدا في مواجهة كل أجهزة الدولة القديمة التي إعتادت رؤية بذلة عسكرية على رأسهم , مفاده أن رئيسكم الحالي هو مدني إسلامي و عليكم أن تستيجبوا لهذا الواقع و تعملوا في إطاره .
 
أصبح شباب الكليات العسكرية يؤدون التحية العسكرية لرئيس ملتحي ثم يقلدهم هو أنواط الواجب و هذا يغير قناعات القادمون الجدد إلى مؤسسات الأمن الأمن القومي و السلاح . مؤسسة كالمخابرات و هي المسئولة عن الأمن المعلوماتي الخاص بالدولة و أحد أهم أدوات الثورة المضادة قبل الإنتخابات أصبحت تابعة لرئاسة يقودها رئيس تابع للثورة التي كانوا يعملون ضدها .. و اقع جديد . و بينما تدور المعركة السياسية و القانونية بشكل بارد و بعيدا عن وعي مواطن الشارع العادي … تجري عملية بناء الأهلية السياسية للرئيس و حزبه عبر تقديم الخدمات و جذب الإستثمارات لرفع المعاناة عن هذا المواطن الذي ظل في إطار إقتصاد متجمد أكله الفساد لمدة ثلاثين عاما لا يجد حاجاته الأساسية , فهذا المواطن لا يفهم جدوى المعركة حول الديموقراطية و الدولة المدنية إذا لم يجد ما يسد به مستحقات أبنائه .
 
وعندما يدرك هذا المواطن أن حكم المدنيين هو القادر على جلب الرخاء إلى حياته و يقارن بين هذا الرخاء و الجمود الذي عانى منه أثناء حكم مبارك سيقوم هو بتحصين الحكم المدني ضد التدخل العسكري . هكذا تسير ثورة   الرئيس الخاصة حيث لم يستطع مقاومة طبيعته التي تؤمن بالتدرج بناءا على الخلفية الإخوانية و تظهر هذه الطبيعة بجلاء في تعامل الرئيس مع الإعلان الدستوري , فعوضا عن الإعلان بحسم عن إلغاءه يتخذ من الإجراءات و يصدر من القرارات و القوانين ما يفرغه من مضمونه و يجعله في حكم المنعدم و لكن الحقيقة أن الإعلان عمليا ما زال قائما و مازالت القوانين تحتاج إلى تصديق المجلس العسكري و مازالت موازنة الدولة في جيبه و بالتالي فإننا نحتاج إلى إجراءات أكثر حسما و أوضح أثرا . 
 
و بينما تمضي ثورة الرئيس الخاص بأسلوبها المتميز الذي يلهب أعصابنا إلى أقصى و نحن نشاهده يتخذ الخطوات بالقطعة .. فإننا نضع خطوطنا الحمراء التي لا يجب أن يتخطاها حذر الرئيس . فبقاء الإعلان الدستوري تحت أي مسمى يعني أن يتحكم العسكلر في واقعنا بسلطته التشريعية و إنما كذلك في مستقبلنا بتدخله في كتابة الدستور عبر التأسيسية التي سيشكلها حسب إعلانه و هذا يعد إهانة لدماء الشهداء الذين قدموا حياتهم لتحرير المصريين من الدولة العسكرية  . و التباطؤ في إطلاق سراح المعتقلين رغم أن هذا أقل سلطات الرئيس يعد إستجابة لضغوط العسكر و ترك الأمر في أيديهم و هو ما لا يليق برئيس الثورة . كما أن الرضى بتعيين الوزراء من قبل المجلس العسكري كالإعلام و الدفاع و الداخلية يعني ترك نفس أدوات الثورة المضادة في يد المجلس العسكري بحيث يستطيع الإنقضاض على الثورة و قيادتها مرة أخرى بعد تهيئة الرأي العام لذلك . و عليه فإن أمام الرئيس ثلاث فروض ثورية يستطيع بعدها مفاوضة العسكر على ما يريد .. أولا إسقاط الإعلان الدستوري .. ثانيا : تشكيل حكومة مستقلة تماما عن تدخل المجلس العسكري .. ثالثا الإفراج عن كل المعتقلين السياسين ظلما في سجون العسكر .
 
بدون هذه الثلاثة يصبح كمن يساعد العسكر على وضع الألغام في طريقه و إغتيال أهليته السياسية بالتدريج حتى تتم الإطاحة به نهائيا . و يبدو الخشية من أي رد فعل عنيف من العسكر لن تكون في محلها لأن مسار الأحداث يوضح أن هناك خلافات داخل المجلس العسكري كما أنهم يعلمون أن قاعدة الجيش غير مستقرة تحت أقدامهم . فلو كان هؤلاء متفقين على المواجهة لأشعلوها عندما بدأ الرئيس رحلة التحرير بقرار إعادة البرلمان و لكنهم لم يفعلوا . على الرئيس أن يعلم أنه مكلف و أن للثورة رب لا نعبد نحن سواه و ليس لدينا خط أحمر سوى خط الثورة و لا نريد للحذر أن يجعلنا يوما ما نوجه تحركنا إليه كما نوجهه للعسكر سواء بسواء . يا سيادة الرئيس أليس الله بكاف عبده .. و يخوفونك بالذين من دونه .. فلا تخف .
 
المصدر: رصد 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023