طل مصري لا يعرفه إلا القليل على أرض مصر، من أبناء محافظة الشرقية مركز الزقازيق، ولد في 8 / 11 / 1968, وتخرج في الثانوية الأزهرية ثم التحق بالخدمة العسكرية كمجند على الحدود المصرية الإسرائيلية لمدة 3 سنوات في يونيو 1988، استفزته غيرته على كرامة وطنه والاعتداء على حرمة المسجد الأقصى وعلى دماء المسلمين هناك؛ لينتقم لهم، ورغم نبل هدفه والمخاطر التي تعرض لها في سبيل تحقيقه إلا إنه تمت معاقبته والتضييق عليه بدلا من تكريمه؛ ليكون رمزا وطنيا يقتدى به، كان لرصد لقاء مع أيمن محمد حسن – صاحب تلك الواقعة -؛ ليحكي لنا تفاصيلها, وما واجهه ولقاه من معاناة بعدها.
رصد: ما الذي دفعك لاستهداف الإسرائيليين وقتلهم؟
إن مشهد الجندي الإسرائيلي القائم على الحدود المصرية الإسرائيلية, وهو يدنس علم بلدي ويمسحه بحذائه أثناء أدائي الخدمة مع تجاهل قائدي للأمر، استفزني وجعلني أفكر في قتله, وأخطط لذلك الأمر، ولكن ارتكاب إسرائيل خلال تلك الفترة لمذبحة المسجد الأقصى وقتلها للمصلين أثناء سجودهم في صلاة العصر على يد دورية عسكرية تابعة للكيان الصهيوني دون أن يتحرك ملوك ورؤساء العالم العربي أصحاب الهوية الإسلامية، جعلني أغير خططي من قتل العسكري الإسرائيلي الذي دنس العلم المصري إلى الانتقام لشهداء المصلين في المسجد الأقصى.
رصد: كيف أعددت لتلك العملية الفدائية؟
قمت بإعداد نفسي والتدريب على حمل السلاح، ووضعت به الذخيرة الكافية, والتي تقدر بحوالي 600 طلقة، ومراقبة تحركات الدوريات والعساكر لمدة 46 يوما، وحددت ضباطا ومجندين وفنيين مطار النقب الإسرائيلي؛ ليكونوا هدفا لي, واحتسبت نفسي عند الله شهيدا في سبيل الدفاع عن شرفي العسكري ونصرة للمسجد الأقصى.
رصد: كيف تمت تلك العملية الفدائية؟ وما التحديات التي واجهتك؟
في تمام الساعة السادسة صباحا في 26 من نوفمبر لعام 1990 حملت أسلحتي وذخيرتي وعبرت الحدود من موقعي العسكري بالجانب المصري إلى داخل الحدود الإسرائيلية في منطقة رأس النقب، وبعد عبوري إلى الجانب الإسرائيلي أعددت كمينا عسكريا, وإذا بي وأنا في انتظار هدفي لمحتني سيارة ربع نقل تابعة للجيش الإسرائيلي تحمل أغذية وإمدادات لمطار النقب العسكري, فقمت بإطلاق الرصاص عليها, وتعاملت معها كهدف عسكري عدائي، وقتلت سائقها, وانقلبت السيارة في وادي صحراء النقب، ثم فوجئت بسيارة أخرى تابعة للمخابرات الإسرائيلية في طريقها لمطار النقب, وكان يقودها ضابط كبير برتبة عميد بالمخابرات الإسرائيلية بمفرده وقتلته أيضا، وعلمت فيما بعد أنه أحد كبار العاملين في مفاعل ديمونة النووي, وأنه أيضا أحد قيادات المخابرات الإسرائيلية «موساد» الذين لطخت أيديهم بدماء العرب والمسلمين.
بعد ذلك وجدت أتوبيسا آخر يحمل أفرادا وجنودا وفنيين عاملين بمطار النقب العسكري الإسرائيلي، وقد وصلت إلى مكاني الذي تمركزت فيه, والذي يقع بين نقطتي العلامتين الحدوديتين «80، 82»، وعندما اقترب الأتوبيس من موقعي أطلقت رصاصة على سائقه لإيقاف الأتوبيس, وأفرغت خزينة سلاحي كاملة عليه, وتأكدت من مقتلهم.
بعدها وصل الأتوبيس الثاني هدفي الأساسي الذي خططت له، حاملا ضباط مطار النقب العسكري الإسرائيلي, وأجريت مناورة للتمويه حتى يشاهد الضباط الأتوبيس الأول المضروب, فيتوقفوا ليحاولوا إنقاذ ركابه الجرحى, وبالفعل توقف الأتوبيس فبادرتهم بإطلاق نيراني المفاجئة على مقدمته, ولقي سائقه حتفه فورا، ثم واصلت إطلاق الرصاص على المقعدين الأماميين وقتلت الضباط الأربعة فورا, واختبأ الفرد الذي يجلس بالمقعد الفردي على الباب الأمامي المجاور للسائق, وخفض رأسه, واعتقدت وفاته, ولكنه قام بغلق أبواب الأتوبيس حتى لا يمكنني من الصعود لحصادهم قتلا، وفوجئت به يسحب أجزاء سلاحه استعدادا لضربي, ولكنني تحركت بسرعة للاختباء، وقمت بإطلاق الرصاص على أجناب الأتوبيس لإسقاط أكبر قدر من القتلى, وفوجئت بفرد التأمين «الحارس» يطلق الرصاص نحوي، ولقد أصابني بطلقة سطحية بفروة رأسي, وقفزت بسرعة, وقمت بتفريغ الرصاص حتى قتلته، وفوجئت بستة ضباط إسرائيليين يصوبون مسدساتهم تجاهي فاختبأت خلف التبة القريبة من موقع الحادث, واتخذت موقعا للمواجهة والتصدي لهم، وتبادلنا إطلاق النيران حتى قتلتهم جميعا دفعة واحدة, وأفرغت فيهم ستة خزانات أسلحة كل منها تحوي 30 طلقة، كما أفرغت خزنة أخرى في ضابط إسرائيلي حاول فتح الباب الخلفي للأتوبيس.
وذلك بعد مرور أربعة دقائق من انتهاء عمليتي وقتلي للإسرائيليين وانسحابي عائدا إلى داخل الحدود المصرية سمعت صرخة عقب وصول سيارة الدورية العسكرية العادية لتأمين أتوبيس ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي.
رصد: ماذا فعلت بعد ذلك هل سلمت نفسك؟
اتجهت لتسليم نفسي لقيادتي فبدل ما يتم تكريمي، ذلك التكريم الذي لم أنتظره ولم أفكر فيه بقدر ما كان يسيطر عليه الانتقام من الأعداء، قاموا بتحويلي إلى النيابة العسكرية, وجاء هذا بأمر مباشر بقرار من القائد الأعلى للقوات المسلحة, وليس رئيس النيابة كما هو المعتاد, وصدر قرار ضدي بالسجن لمدة 12 عاما قضيت منهم عشر سنوات بسجن أبو زعبل, وتم الإفراج عني بعدها لحسن السير والسلوك.
رصد: وماذا فعلت بعد خروجك من السجن؟
ضاق بي الحال فكل ما أذهب إلى عمل كان يتم طردي منه؛ بسبب أمن الدولة, وتدخلهم لدى أصحاب الأماكن التي أتجه إليها، مما جعلني أضطر للعمل الحر كسباك، حتى أستطيع الإنفاق على زوجتي، التي تزوجتها بعد خروجي من السجن، وابني وابنتي.