شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

همم وهمم

همم  وهمم
هِمَمٌ .... وهمم عبد العزيز مشرف تاريخ الحركات الوطنية الشعبية فى بلادنا العربية ملىء بالنماذج البشرية...

هِمَمٌ …. وهمم
عبد العزيز مشرف

تاريخ الحركات الوطنية الشعبية فى بلادنا العربية ملىء بالنماذج البشرية المؤثرة ، والعلماء الصادقين ، الذين عاشوا حياتهم يتحدثون عن المعانى العليا ، ويدعون الناس إليها ، حتى إذا ما جاءت ساعة الصدق كانوا على قدر ما قالوا حركة وانبعاثاً للحق ، ليس أولهم ولا آخرهم عمر مكرم ولا محمد كريم ولا سليمان الحلبى ولا سيد قطب ولا عبد القادر الجزائرى ولا ….. ، قافلة من العلماء العاملين الذين جسدوا كلامهم عملاً ، وكسوا ألفاظهم ودعواتهم لحماً ونفخوا فيها من أرواحهم ، حتى إذا ما انتقلوا إلى العالم الآخر بقيت أعمالهم شاهدة لهم وعلى صدق دعوتهم حين واجهوا لحظة الحقيقة .

ومن الناس صنف يظل طوال حياته يطنطن بالفخم المزخرف المبهرج من الكلام والأوصاف ، ويلتف حولهم من يلتف ، ويتخذهم رءوساً من يتخذ ، ويسيرون على كل لسان ، فإذا ما واجهتهم لحظة الحقيقة خسروا انفسهم وانقلبوا على ذواتهم ، وفجع الناس فيهم ، وظهر أن صدق الفعل والموقف ، وأن الاستعداد للصدع بكلمة الحق ودفع الثمن لا يستطيعه سوى الأفذاذ من الرجال ، الذين ادخرتهم أممهم للدفع بهم حين يتقاعس الآخرون .

من منا لم يسمع الدكتور العلامة / محمد سعيد البوطى أو يسمع عنه ؟! وقد طبقت شهرته الآفاق ، وذاع واشتهر فصارعند القوم إماماً ، لكنه فى مواجهة لحظة الحقيقة – فى سوريا – لم نسمعه ينكر ولا ينهى ولا يأمر ، والأمر أوضح من يتوقف فيه عالم أو طالب علم ، فصار سكوته تكئة لنظام الأسد ، وفتنة لخلق كثير .

وعلى النقيض منه الشيخ ” العرور” وهو سورى – أيضاً – لم تقدر له شهرة البوطى لكنه عند اللحظة التى يفترق فيها الناس كان فى الجانب الصواب مدافعاً منافحاً عن حق وقضية حتى لو دفع الثمن نفياً وطرداً .

العجيب أن فريق هواة الكلام المزين المعسول المغسول من مضمونه لا يفتقدون أبداً للتعلّات ، والتبريرات التى يفسرون بها مواقفهم – وللحق – ربما كان لدى بعضهم لبس أو سوء فهم ناتج فى الأصل عن سوء تصور للواقع ناجم عن غفلة الوعى ، وعدم إدراك المخاطر، وكان يكفيهم ان يسكتوا مع أن السكوت فى حقهم منقصة ؛ لأن الأنظار إليهم مصوبة ، والنفوس بهم معلقة ، فإذا بهم ينحازون إلى الجانب الخطأ أو لا يميزون للناس بين فريقين ؛ ولذلك راينا من يدعو للعسكر على عرفات فى ذروة انهماكهم فى التهام البلد ، ويجمع لهم الأموال التى لا يدرى هو أين ذهبت ، يدفعها الفقراء – كالعادة – لجلاديهم ، وإذا ما اتضح فساد تصوراتهم ومنهجهم سكتوا وصمتوا فى اللحظة التى يجب عليهم فيها التبيين ، وأن يكونوا للأمة قادة يجتمع الناس إليهم ، صمتوا حتى ليشك المتابع وتأخذه الريب كل مأخذ فى موقفهم وفهمهم .

ويبقى نفر من الذين منّ الله عليهم بصدق القول والعمل ، يستحيون أن تكون أقوالهم فى الماضى – وقت السعة – مخالفة لأفعالهم الآن – وقت الاختبار والتجربة – هؤلاء تراهم بين الناس معتصمين ومتظاهرين وداعين الناس للاجتماع إليهم ، وهذا – وإن جعلهم غرضاً لسهام شتى ؛ فإنهم لا يبالون ، وكم من مرة يكونوا سبباً فى اجتماع عزائم بعد ما استرخت ، وإنقاذ مواقف بعدما تردّت ، لا أتردد هنا أن أذكر الشيخ الأستاذ / حازم صلاح أبو إسماعيل ، المعتصم بميدان التحرير فى وجه تسلط العسكر على سيادة الأمة ، وفى وجه غفلة الفصائل والتيارات والجماعات ، المعتصم بالميدان ؛ ليقول للجميع هلموا إلينا ولا تتركونا وحدنا ، واجعلونا بؤرة تجتمعون إليها وعليها ولا يمنعنكم تأخر عن تلحقوا بنا .

هذا الشيخ ومن معه يقيمون الحجة البالغة على الجميع ، ويعيدون فى هذه الأمة مثل الأولين أصحاب المواقف المشهودة ، والصدق فى لحظات الحقيقة ، ويذوب أمام صنيعهم الزيف ، والمواربة والمداهنة والمصانعة ، و تعود عمائم ولحىً إلى جحورها الدعوية بلا فضيلة عمل يصدقون به ما يقولونه ، ولقد اختار كل فريق مسلكاً ، وغداً سيكتب التاريخ من صدق فوفى ، ومن ادّعى الفضيلة فذل ، وادّعى الرشد فضل.

ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلاً **** ويأتيك بالأخبار من لم تُزَوّدِ



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023