أثار قرار رئيس الوزراء الجديد الدكتور هشام قنديل باستحداث وزارة جديدة لمياه الشرب والصرف الصحي حالة من الجدل بين عدد من السياسيين حول فكرة استحداث الوزارات أو دمجها، ففي الوقت الذي طالب فيه البعض بضرورة استحداث وزارات جديدة عملا بمبدأ التخصص وإسناد الأمر لأهله، وهو ما سيعود بزيادة الدخل والانتاج الخاص بالدولة، رفض أخرون الفكرة مطالبين بأن يتم تقليص عدد الوزارات وأن لا ننظر للكم بل الكيف، خاصة أن هذا الأمر هو المعمول في معظم البلاد المتقدمة، أو علي الأقل عدم العمل به خلال المرحلة الراهنة التي تمر بها لتفادي تحمل الدولة أعباء مالية وإدارية جديدة.
طالب الدكتور محمد جمال حشمت، عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، بأن يقوم باستحداث وزارات بعينها، فهذا أمر يساهم في إحداث نهضة حقيقية ونقلة نوعية في بناء الجمهورية الثانية، فينبغي أن تكون هناك وزارة مخصصة للثروة الحيوانية والسمكية والدواجن بعيدا عن وزارة الزراعة، نظرا لأهمية تلك القطاعات التي نحن بحاجة ضرورية للعناية بها بالقدر الكافي، وهو ما سيعود بالكثير من الانتاج والدخل للدولة، وكذلك أن تكون هناك وزارة للبحث والابتكار والمشروعات الصغيرة، كي تتبني المواهب والمبتكرين، وتحّول الأفكار الابتكارية لمخترعات على أرض الواقع.
كما طالب – في تصريح لـ"رصد.كوم" – بأن يتم تخصيص وزارة للتخطيط من أجل أن تنسق بين كافة الوزارات المختلفة، وإدارة أعمال وشئون كل الوزارات الاخري- خاصة أن هناك تداخل كبير في أعمال بعض الوزارات- وأن تقوم بتقييم أعمال الوزارات، ووضع الخطط الاستراتيجية، فبدون ذلك ستعود العشوائية والتخبط والفوضي في أتخاذ القرارات، وأن يكون الوزير المسئول عن تلك الوزارة مسئولا عن المتابعة ورصد وتقييم الأعمال والمحاسبة والمراقبة لأعمال الوزارات الأخري، فغياب التنسيق يعتبر من أكثر الأشياء فداحة في العمل التنفيذي، لأنه يهدر الكثير من الأموال والجهد، فسينتج قرارات كل منها يسير في اتجاه منفصل وقد تكون متناقضة ومتضاربة.
ونوة إلي أن الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، وعد سابقا بدراسة أن تكون هناك وزارة خاصة بالمصريين في الخارج، وذلك للاهتمام بشئونهم ورعايتهم بشكل أفضل.
وأيضا يفضل حشمت أن يتم دراسة دمج وزارة التعاون الدولي مع وزارة الخارجية جيدا – كما كان سابقا- فهذا سيعيد اللحمة وتنسيق المواقف بينهما، وكذلك الاستثمار والصناعة والطاقة، بشرط ان يتم النظر في هذا الأمر بعناية قبل أتخاذ القرار، مشيرًا إلي أن انفصال تلك الوزارات يهدر الكثير من الأموال والجهود في حين أن تكون هناك جهة واحدة تراقب وتنفذ.
بينما رأي محمد صلاح الشيخ، القيادي السابق في حزب الوفد، وأحد مؤسسي حزب الدستور، أنه الأفضل والأنسب هو تقليص أعداد الوزارات الموجودة حاليا وليس زيادة عددها، من خلال إلغاء وزارات بعينها أو دمج وزارات مع أخرى، بدلا من أن يتم استحداث وزارات جديدة نحن جميعا في غنى عن التكاليف التي ستتحملها الدولة بسببها، لافتا إلى أن هذا الأمر معمول به في معظم البلاد المتقدمة، وقال:" لا يمكن مثلا مقارنة عدد الوزارات في الولايات المتحدة بعدد الوزارات التي توجد في مصر".
وأضاف أن المجتمع الديمقراطي والنهضوي لا ينظر أبدا للكيف بل للكم فقط سواء في عدد الوزارات أو غيرها، بشرط أن يتم تخصيص صلاحيات وإمكانيات لتلك الوزارات، فهذا سيؤدي لتفادي التداخل أو التخبط في القرارات الوزارية، وألا تكون الأيادي مرتعشة، وبالتالي فالتقليص أولى وأفضل وستكون له نتائج إيجابية علي مسيرة عمل مصر الثورة التي يجب أن تخطو خطوات علي الطريق الصحيح.
وأقترح صلاح الشيخ أن يتم إلغاء وزارة الإعلام وإنشاء مجلس أعلي للإعلام، فلا توجد دولة متقدمة بها وزارة للإعلام، وأن يتم دمج وزارة التعاون الدولي في الخارجية، والري في الزراعة، ووزارات أخري كثيرة، ترسيخا للديمقراطية، ومنع إهدار الأموال التي تنفق علي مستشارين ووزراء دون أن يكون هناك طائل كبير من ورائهم.
من جانبه، طالب الدكتور خيري عمر، الخبير السياسي، بألا يتم استحداث أو دمج وزارات خلال هذه المرحلة الراهنة، فهذا الأمر سيكلف الدولة الكثير من الأموال والأعباء الإدارية والاجراءات الروتينية التي لن يكون لها عائد كبير هذه الأيام، إلا أنه يمكن النظر في ذلك بعد فترة، وأثناء تشكيل حكومة جديدة التي ستعقب حكومة الدكتور هشام قنديل، خاصة أنه يجب أن ننتظر إقرار الدستور الجديد الذي سيحدد ملامح التنمية التي ستطبق خلال الفترة المقبلة.
وطالب عمر بأن يتم صياغة هياكل الوزارات الحالية وإعادة ترتيبها من الداخل –مع الإبقاء عليها كما هي- وأن يتم وضع خطة محددة وواضحة لعمل الوزارات بشكل جديد، وأن يتم توظيف موظفي تلك الوزارات واستغلالهم بشكل جيد.