بقلم د. أحمد عبد الخالق
من علامات الساعة: ظهور الرويبضة، وهو التافه من الناس، الذي يتكلم في الأمور العظيمة، التي تحتاج إلى أصحاب الرأي والحكمة والعقل، وأصحاب الخبرة والتجربة، لكننا اصبحنا نرى ونسمع أناسا من التوافه الذين باعوا ضمائرهم وعقولهم بثمن بخس ويساندهم ويغدق عليهم أصحاب القلوب السوداء، الذين لا هم لهم ولا شاغل يشغلهم، إلا إثارة الفتن، والتشكيك، وبلبلة الرأي العام، وتضليل العامة المساكين بالكذب، وتخريب البلاد. بحجة أنهم يريدون إصلاحها ومصلحتها. ووجدت أمامي قول الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ{12} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ{13} }البقرة11- 13.
والعجيب أنك أخي القارئ، أصبحت ترى هؤلاء، يعتمدون على الكذب ويتحرونه، حتى أصبحوا يكذبون، وهم على بقين أنهم يعلمون أنهم يكذبون، حتى صار الكذب عندهم خلقا لا يستطيعون أن يتخلوا عنه بأي حال من الأحوال. وأذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.}
وأذكرهم بأنه مهما كان هناك من خلاف في الرأي، أو في الفكر، فإنه لا يؤدي بأي حال من الأحوال إلى هذه الحملة القائمة على الكذب والفجور. فالمؤمن لا تحمله عداوته لأحد على ظلمه وتجريحه. لكن هؤلاء التوافه ليسوا من هذا الصنف الراقي، بل هم من الصنف السافل الفاجر، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب. وإذا خاصم فجر. وإذا عاهد غدر}
إن هؤلاء التوافه، يستغلون أدب المسئولين واحترامهم، وسعة صدورهم، لذلك فقد تعودنا أن يخرج علينا العديد في كل يوم في وسائل الإعلام بإساءات وبذاءات!!! ومنهم من يدعو لمليونية لتطهير البلد من الإخوان، وحرق مقار الإخوان – يعني يدعوا للتخريب وعدم استقرار الأمن وحرب أهلية- فلمصلحة من هذا أيها الرويبضة التافه؟؟ ثم قل لي: من أنت أيها الرويبضة حتى تتكلم عن الإخوان؟ وماذا تعرف عن الإخوان؟ وما هو وزنك الحقيقي؟
إن هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد، أظهرت كل واحد على حقيقته. وبينت للشعب المخلصين والأفاكين، وأصحاب المصالح والمتربصين وأصحاب الأحقاد، حتى أصبحنا اليوم نميز بين الغث والسمين. ولقد فضحهم الله تعالى، فمهما أخفوا عداوتهم وحقدهم، إلا انهم لم يستطيعوا أن يسيطروا على أنفسهم، فصاروا يبثون سمومهم، ويظهر ذلك على ألسنتهم دون وعي منهم. وذلك كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }آل عمران118
ودعوني أسأل هؤلاء المرتزقة، لمصلحة مَن تحرقون، أو تريدون حرق موسسات ومقرات قائمة يمتلكها أصحابها من خالص أموالهم وجهدهم وجهادهم؟ لمصلحة مَن تريدون للدولة أن تظل في صراع، وأن لا يتفرغ الشعب للتنمية والبناء والنهضة؟ هل يعقل أنكم تعملون لمصلحة مصر؟ لا، والله.!!!
لماذا لم تثوروا على اللصوص الذين نهبوا خيرات الشعب؟ لماذا لم تتوجهوا لحرق القصور والفلل، التي بنيت بدماء المصريين المظلومين؟ وأين كنتم أيها التوافه أيام الحكم السابق ؟ لم نسمع عنكم من قبل ولم نعرف شيئا عن تاريخكم النضالي؟ الحقيقة أن كل ما نعرفه عن تاريخكم أنكم كنتم وما زلتم ذيولا. تأكلون على كل الموائد، وتتبعون كل ناعق، وتفبلون الأيدي والأرجل، وتبحثون عن مصالحكم حتى ولو كان ذلك على حساب شرفكم وكرامتكم – هذا إن كان مازال عندكم شرف وكرامة – !!!
إن الذين كلفتم بحربهم وإسقاط رئاستهم، هؤلاء تاريخهم النضالي والثوري والدعوي والسياسي، يشهد لهم، وهم في غنى عن الحديث عنهم. فعودوا إلى رشدكم. وتكلموا على قدر حجمكم. واعرفوا من أنتم. فأنتم تريدون أن تصنعوا من أنفسكم أبطالا وثوارا بالتطاول على الشرفاء من أبناء هذا الشعب العظيم الذي أصبح ناضجا وواعيا ولا تنطلي عليه هذه الأكاذيب التي تروجون لها. وأقول لكم: ما قاله الله تعالى: {هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }آل عمران119 . لا تدخلوا التاريخ من الباب الخلفي. لا تدخلوا التاريخ من أبوابه السوداء، بل ادخلوه من أبوابه المشرقة. كونوا مع الصادقين. حتى يكتب التاريخ عنكم ما يشرف أبناءكم من بعدكم ويرفع رؤوسهم. لا تكونوا سببا في إحراج أبنائكم من بعدكم فيكيلون لكم اللعنات بعد مماتكم.
وأختم كلماتي هذه بهذ البيت من الشعر وافهم منه أيها الرويبضة ما شئت: كناطح صخرة يوما ليوهنها…….فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }غافر44