بعد أربع سنوات من إدارة نظام السيسي لملف سد النهضة، جاءت النتائج كارثية على مصر، حيث تستعد إثيوبيا لتخزين مياة النيل، بعد أن فرضت شروطها على مصر، وفقد النظام المصري جميع أوراق الضغط التي يمتلكها، وأصبح ليس لديه أي شيء للتفاوض به مع إثيوبيا.
فشل النظام المصري في إدارة ملف سد النهضة أثار التساؤلات حول أسباب هذا الفشل، وكيف فقدت الحكومة المصرية كل أوراق الضغط لديها في إدارة هذا الملف.
وفيما يلي رصد لأبرز أخطاء نظام السيسي والتي تسببت في خسارة مصر المفاوضات، وأصبح تنفيذ السد أمرًا واقعًا طبقًا للشروط الإثيوبية.
خسارة السودان كحليف
تسببت علاقات نظام السيسي مع السودان، والتوتر بينهما في خسارة مصر حليفًا هامًا في أزمة سد النهضة، واختارت حكومة الخرطوم الوقوف بجوار إثيوبيا في الأزمة، ودعم بناء السد، وإجراء الاتفاقيات الاقتصادية التي تسمح للسودان الاستفادة من بناء السد.
وجدد وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور التأكيد على حق إثيوبيا في الاستفادة من مواردها الطبيعية، في إشارة منه إلى حقها في إكمال بناء سد النهضة.
وجاء التصريح ردًا على اتهام وسائل إعلام مصرية السودان بالانحياز إلى إثيوبيا على حساب مصر في قضية “سد النهضة”.
وقال غندور، في التصريح الذي أدلى به في مطار أديس أبابا الدولي قبيل مغادرته إثيوبيا، «إن السودان ليس وسيطًا ولا محايدًا في قضية «سد النهضة»، فهو صاحب حق مثله مثل إثيوبيا ومصر».
احتراف إثيوبي
وفي تعليقه على ملف مياه النيل بشكل عام، قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى علوي، في حوار نشرته صحيفة «الشروق» الثلاثاء، «إن إثيوبيا لعبت بشكل حِرفي خطير خلال الأربع سنوات الأخيرة، حيث أعطت المشروع هندسيًا لشركة إيطالية، والجزء الكهربي أعطته لشركة إسرائيلية، كما أجرت اتصالات سياسية مع كثير من دول أفريقيا، ونالت تأييدًا من جميع هذه الدول، بما فيها السودان»، وفق قوله.
مع مرور الوقت أصبح موقف الجانب الإثيوبي من بناء سد النهضة أقوى، حسب الخبراء مستشهدين بقول رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين، إن سد النهضة وصل إلى مراحل يصعب إيقاف العمل فيه.
ووصف الرئيس الإثيوبي السد بأنه «مشروع قومي يجمع عليه كل الإثيوبيين» موضحًا أن العمل في السد يسير وفق الخطط والبرامج،التي وضعتها الحكومة من أجل اكتماله خلال الفترة المحددة له.
مواقف متراخية لوزارة الري
جاءت مواقف وزير الري المصري الدكتور حسام مغازي غير مفهومة، بسبب دفاعه المستمر عن الجانب الإثيوبي، وتبني مواقفهم، دون النظر إلى حقوق مصر، ومثال على ذلك، المؤتمر الصحفي الذي عقد في مصر بين وزير الري المصري ونظيره الإثيوبي الذي قال إن إثيوبيا لن توقع على أي اتفاقية مياه مع مصر لأن مصر لا تأخذ جزءا من النيل الأبيض، فانبرى وزير الري المصري ليدافع عن هذا الرأي وصدق على كلامه.
اتفاقية المبادئ
جاءت اتفاقية المبادئ التي وقعها عبدالفتاح السيسي، مع رئيس الوزراء الإثيوبي، لتمثل ضربة كبرى في مفاوضات سد النهضة، حيث أكد خبير وأستاذ الري والأراضي بكلية الزراعة بجامعة القاهرة الدكتور نادر نور الدين أن مصر تسرعت في التوقيع على وثيقة إعلان المبادئ حول سد «النهضة» بشكل غير مبرر، وأنها أخطأت بالتفاوض حول السد، وأنه كان يجب عليها أن تتفاوض على حصتها المائية، معتبرًا مواقف وزير الري المصري غير مفهومة، بسبب دفاعه المستمر عن الجانب الإثيوبي، وتبني مواقفه، دون النظر إلى حقوق مصر، وفق قوله.
اعتراف مقابل اعتراف
وتساءل الدكتور نادر نور الدين في تصريح نقله موقع فيتو: ما الداعي لمبادرة وزارتي الخارجية والري المصريتين، والاعتراف بالسد دون شروط أو تحفظات على أبعاده، وارتفاعه أو سعة تخزينه، برغم أن السياسات الدولية عنوانها الأخذ والعطاء، أي التنازل عن شيء مقابل الحصول على شيء، لذلك كان يجب أن تضع مصر اعترافها بالسد مقابل اعتراف إثيوبيا بحصة مصر المائية، والتعهد بالحفاظ عليها، بعد إنشاء السد، لكننا فقدنا للأسف آخر ورقة مناورات نمتلكها، فأصبحنا في ورطة حقيقية.
وأضاف أنه من الخطأ أننا نتفاوض حول السد، بل كان يجب أن نتفاوض على حصتنا المائية، فمصر معتادة أن تتسلم سنويا نحو 50 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق، فكان يجب أن يدور الاتفاق حول تلك الحصة، وسبل ضمانها.
وعن أهم البنود التي يعارضها في وثيقة المبادئ، قال: «منحنا إثيوبيا من خلال وثيقة المبادئ بعض الأمور التي لم تكن تحلم بأن تحصل عليها يوما، مثل البند الأول الذي نص على الاعتراف بالسيادة المطلقة لإثيوبيا على جميع موادرها المائية، أي إنه من حقها ردم ومنع خروج النهر من أراضيها، وكأن نهر النيل نهر إثيوبي فقط، وليس نهرا مشتركا، بسيادة مشتركة، متجاهلين بذلك القانون الدولي للمياه الصادر عام 1997 من الأمم المتحدة، المختص بتنظيم العلاقة بين الدول الشريكة في الأنهار الدولية».
وأضاف: كما نص البند الخامس على أن تتفق الدول الثلاث على نظام الملء الأول لخزان السد، ومن حق إثيوبيا بعد ذلك تغيير هذا النظام، وإخطار مصر والسودان، وبرغم فداحة البند في التفريط في حق مصر، إلا أن إثيوبيا لم تكتف بذلك، إذ صرح وزير الخارجية الإثيوبي قائلا: «إن خطة إنشاء السد نفسه، ليس لها أي علاقة بالمفاوضات مع مصر والسودان، أي أنه يلغي بنود إعلان المبادئ نفسه، مستكملا تصريحاته أن إثيوبيا لن تقدم تنازلات لمصر، والاتفاق معها بشأن حصة المياه، حتى أصبح منحة أو عطاء من إثيوبيا أن تترك لنا أي قدر من المياه».
وأردف: «كما ورد في التوقيع الثاني على البنود الإضافية لوثيقة المبادئ، بند كان لابد أن ترفضه مصر، وألا تقبل التوقيع عليه، وهو الخاص بدعوة إثيوبيا للإعلاميين والوفود الشعبية المصرية لزيارة السد، كأننا نشارك في الحملة الدعائية له، وإضفاء شرعية ومباركة شعبية مصرية على الأمر».