شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الحرب العالمية الثانية بعيون نسوية

استعرضت صحيفة «الجارديان» البريطانية نقدًا فنيًا لكتاب «الوجه غير النسوي للحرب» أو «The unwomanly face of war» للكاتبة البيلاروسية «سفيتلانا أليكسييفيتش» وشر لأول مرة في عام 1985.

وقالت الصحيفة إن الكتاب يعرض الحرب العالمية الثانية بعيون المئات من النساء، معتبرة أنه شيء خارق للعادة، والآن نُشر بالإنجليزية لأوّل مرة بعد أن بيعت منه في السنوات الماضية قرابة مائتي مليون نسخة في العالم؛ ليعيد إحياء عالم الحرب والجنود والممرضات والنساء الذين تركوا في المعركة وغابوا عن الروايات السوفيتية الرسمية.

إلى نص النقد الفني:

يعتبر هذا الكتاب صعبًا في القراءة، سواء من الناحية العاطفية أو الفكرية؛ ولكن من الصعب إيجاد كتاب مثله من ناحية الأهمية، بجانب وجود غضب قويّ ظهر في مقدمة الكتاب لم نرَ له مثيلًا في كتب التاريخ؛ إذا كانت رسالتها أنّ «هذه القصص تستحق الاستماع إليها».

لا تريد الكاتبة من القرّاء أن ينسوا أنه لم يستمع أحد إلى هؤلاء النساء، والأسوأ من ذلك هو قمعهن. قالت الكاتبة في مقدمة الكتاب: «تملك النساء في الحروب ألوانها وروائحها وأضواءها ومشاعرها وكلماتها الخاصة، لا يوجد أبطال وإنجازات لا تُصدّقان؛ ولكن مجرد أشخاص بسيطة يقومون بأفعال غير إنسانية يقوم بها البشر».

أوضحت الكاتبة في أكثر من مرة كيف ترددت النساء اللاتي تحدثت معهن، وعند بداية حديثهن تجد صعوبة في إيقاف تيار الوعي الذي يخرج في كلماتهن، وتحدثن كذلك كأن الأحداث وقعت لشخص آخر.

صوّرت لنا الكاتبة أهوالًا وتناقضات مصغرة. رغم ذلك، ما جذبني هو التفاصيل الصغيرة؛ مثل دفء الحياة وحيويتها، وكيف أنه بعد انتهاء الحرب كان يصعب على أغلب الجنود الذهاب إلى التسوق وشراء اللحوم؛ بسبب ما رؤوه من جثث.

عندما تحدّثت الكاتبة إلى قائدة المدفعية المضادة «فالنتينا شوديف» قاطعتها صديقتها «ألكسندرا» عن ذكرياتها في حصار لينينغراد، وتذكّرت كيف عرفت امرأة مسنة اعتادت أن تتدرب على إلقاء المياه المغلية من نافذتها حتى تهاجم الفاشيين في حالة غزوهم للمنطقة، ورأت أن ذلك كل ما يمكن أن تفعله.

نُشرت القصص تحت عناوين «الحياة اليومية والحياة الأساسية، الموت والخوف من مواجهة الموت، وحدة الرصاصة والإنسان»، وهناك فصلان اتّسما بالمشاعر وكانا يتحدثان عن الحب والجمال. في جملة مؤثرة، قيل في الكتاب: «كيف يمكن لفتاة تنام في الخنادق وتسير بالأحذية الثقيلة والمعاطف ألّا تتمكن من الضحك والرقص وارتداء فساتين صيفية وتنسى الأحذية والزهور؟! لقد كانت الفتيات في سن 18 أو 20 سنة».

تتحدث رقيبة لتؤكد أنها كانت تنام بالأقراط؛ لأنها الشيء الوحيد المسموح لهن ارتداؤه، فيما تحدثت أخرى عن غريزة الجمال رغم المعاطف العسكرية الخشنة والمعدات الثقيلة.

روت العقيدات قصصًا عن عقيد أسموه «الأب»، أصرّ على إدخال فرشاة شعر للنساء؛ وهو ما أفرحهن، وأكّد أنها ليست ضمن قواعد العسكرية، ولكنه يريدهن أن يكن جميلات؛ لأنّ الحرب لن تنتهي في أي وقت قريب.

تقول ممرضة إنّ الخوف الذي كان يخيم على النساء هو أن يصبحن قبيحات بعد الموت؛ إذ لم يكن يخشون من التمزق أو الموت.

رغم أن الكتاب مشوّق؛ من الصعوبة إنهاؤه سريعًا. تُقدّم الكاتبة فيه تاريخًا شفويًا وأجزاء من محادثات، دون تحديد تواريخ وأحداث معينة؛ وتعتبر هذه وسيلة قوية لإعادة إحياء التاريخ. تحدّثت النساء إلى الكاتبة كصديقة لهم، ولم يتعاملوا معها من منطلق كونها صحفية أو مؤرّخة.

تقول مجندة أخرى تدعى «تامارا أمنياغينا» إنّ الرجال كانوا يشعرون بالعار إذا قاتلت فتاة عمرها 17 عامًا، رغم أنها في النهاية تتمكن من سحق العدو؛ ولكن واجهت معظم المجندات المتطوعات هذا الموقف، ولكنهن جُنّدن في النهاية.

أكثر الأشياء التي خشت معظم السيدات الحديث عنه هو الحب، وكيف أعدن بناء علاقتهن الرومانسية بعد عودتهن من الحرب. عند حديثهن إلى الكتابة عن هذا الجزء كانوا يطلبن منها تغيير أسمائهن الأخيرة؛ ففي ذلك الوقت ممنوع الحديث في مثل هذه الأشياء.

هناك قصص أخرى عن سفر أزواج وزوجاتهم معًا للحرب، وفي حالات لا يعودون سويًا، إضافة إلى شهادات لقتال أزواج وزوجاتهم في مناطق مختلفة ويتساءلون كيف ستكون الحياة إذا عاد الطرف الآخر من دون أذرع أو أرجل.

تعتبر قوة الكاتبة في بحثها دومًا عن اللحظات الإنسانية، مثل فستان زفاف مصنوع من الضمادات أو حلويات تركت أسفل وسادة رقيب، وشعور الفتاة بالرقص لأول مرة بعد إمضائها شهورًا ترتدي أحذية ثقيلة.

تعتبر إنجازات الكاتبة قوية للغاية في قوة تجارب هؤلاء النساء المذهلات نفسها.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023