شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كلفت العراق مليار وربع دولار.. اتهامات الفساد المالي تلاحق أول قمة عربية ببغداد منذ غزو الكويت

كلفت العراق مليار وربع دولار.. اتهامات الفساد المالي تلاحق أول قمة عربية ببغداد منذ غزو الكويت
  لم تكد العاصمة العراقية بغداد تطوي حلم العودة إلى الساحة العربية ودخول التاريخ بالنجاح في تحدي عقد...

 

لم تكد العاصمة العراقية بغداد تطوي حلم العودة إلى الساحة العربية ودخول التاريخ بالنجاح في تحدي عقد القمة العربية، حتى برز إلى الواجهة ملف الفساد الذي رافق انعقاد القمة بشكل يدخلها التاريخ كذلك ولكن لجهة حجم الإهدار والإنفاق الذي تخطى المليارات، وسط أجواء فساد مالي وإداري غير مسبوقة.

فقد شرعت لجنة النزاهة النيابية في البرلمان العراقي في تحقيق بشأن شبهات فساد مالي مرتبطة بالتحضيرات الخاصة باستضافة القمة العربية في بغداد، والتي وصفها مراقبون بأنها القمة الأكثر كلفة بين القمم العربية السابقة؛ حيث إنه وبعد انتهاء القمة استفسر مجموعة من البرلمانيين العراقيين، ومن بينهم أعضاء في لجنة النزاهة البرلمانية، عن حقيقة الأموال التي اختفت خلال مرحلة التحضير للقمة مؤكدين أنها أرقام مهولة كان يمكن أن تكتفي بغداد بربعها كي تُتمّ الانعقاد على أكمل وجه، أما الأسباب بحسب هؤلاء فتتعدّد بين الغطاء السياسي الذي يتمتع به وزير خارجية العراق هوشيار زيباري، الذي كان يتولى المسئولية المباشرة عن الإجراءات والتحضيرات المرافقة للقمة، ودعوة البعض من قادة الكتل والأحزاب إلى تأجيل فتح ملف الفساد تجنبًا لخلق حالة من "الشوشرة" قبيل انعقاد القمة.

وفي الكواليس الرسمية تفاصيل كافية بحسب تقدير هؤلاء النواب تدفع لسحب الثقة من زيباري الذي يتربّع على كرسي الخارجية منذ ثماني سنوات تخلّلها الكثير من اللغط وطالته شبهات كان أبسطها الفساد المالي، من دون إغفال إهماله ملفات العراق الأكثر خطورة لا سيما ما يتعلّق باللاجئين والسفارات والقنصليات وصفقات التسلّح وملفات الديون والفصل السابع.

يُضاف إلى ذلك ميناء مبارك الكويتي الذي كان زيباري أقرّ بشرعيته رغم تقرير اللجنة القانونية التابعة لوزارة النقل العراقية الذي أوكلت تعيين الأضرار التي يتسبّب بها الميناء بعد تنفيذه، وأضاف حسين الأسدي النائب عن "ائتلاف دولة القانون" بالقول "لقد تمكنت من جمع خمسة وعشرين توقيعاً من أعضاء برلمانيين لهذه الغاية، وأنا ماضٍ في جمع تواقيع أكثر"، لافتاً "نحن كنواب لا نعلم حتى الساعة، وكذلك حال الشارع العراقي واللجان القانونية، حقيقة الأرقام والمبالغ التي تمّ صرفها في قمة بغداد، علماً أن هناك ما يشير إلى أنها تخطت المليار ونصف المليار دولار".

80مليون دولار لتجديد فندق الرشيد فقط

ويضيف الأسدي "لدينا أرقام قياسية مقارنة بما قد صرف للقمم العربية في بلدان أخرى، فالخارجية العراقية أنفقت ما قرابته المليون دولار على الورود…. وصرفت لـ"إعادة تأهيل" فندق "الرشيد" وحده خمسين مليون دولار، علماً أن القوات الأميركية كانت صرفت من صندوق العراق ثلاثين مليون دولار للغاية نفسها، أي تمّ صرف ثمانين مليون دولار على فندق في المنطقة الخضراء تكلفة بنائه لا تتجاوز الأربعين مليون دولار".

حجم الفساد الذي تتحدث عنه الهيئة البرلمانية دفعها إلى إرسال الوثائق والمعلومات التي حصلت عليها مباشرة إلى القضاء العراقي من دون أن تنتظر عمليّة الاستجواب، وذلك خوفاً مما يشهده القضاء من تسويف لقضايا الفساد المرتبطة بالجهات السياسية النافذة.

وفي هذا السياق، علّق بعض النواب بالقول "إن القمة العربيّة ساهمت في كسر الطوق الذي أحاطت به وزارة الخارجية نفسها، حيث كشفت ما تعيشه من خلل في ملفات عديدة كلها تشير بإصبع الاتهام إلى زيباري المكلّف برئاسة لجنة العقود في الخارجية كما الإشراف المباشر على التحضيرات التي سبقت القمة".

وتكشف النائبة عالية ناصيف عن "العراقية البيضاء" أن لجنة النزاهة تعقد حالياً اجتماعات مكثفة، وقد حصلت على ملفات عقود تأهيل مريبة كانت قد شكّلت في وزارة الخارجية بإشراف مباشر من الوزير.

وتضيف ناصيف، وهي عضو في لجنة النزاهة، قائلة إن "موضوع العقود المبرمة كما التنازلات التي قدمت لبعض الدول شرط حضور القمة وموضوع ميناء مبارك وآبار البترول المشتركة، هي بمثابة الرشاوى التي قدمتها بغداد لتثبت قدرتها على دعوة العرب إلى بغداد، ولكن لن يكون ذلك على حساب المال العراقي".

من جهته، استغرب النائب المستقل وعضو هيئة النزاهة كذلك صباح الساعدي "هذا الحجم من الإنفاق على قمة بروتوكولية لم تقدّم شيئاً للعراقيين وللعرب، تحديداً فلسطين"، إن "الدول المؤتمرة تتمثل بالحكام العرب الذين يقفون إلى جانب الجلاد وينسون الضحيّة"، مؤكداً، من ناحية أخرى، أن "الغطاء السياسي الذي تتمتع به الجهات النافذة في العراق، ومنها وزير الخارجية، لم يعد على البلاد سوى بالهدر والفساد، ونرفض القبول بأي تسويات تطلبها هذه الجهات، فنحن ماضون في استجواب الوزير.. القمة شأن، وما حصل شأن آخر".

أما حسين الأسدي -عضو لجنة النزاهة النيابية- إن اللجنة لاحظت وجود مؤشرات تدل على فساد إداري ومالي في أغلب التعاقدات التي أبرمتها اللجنة التحضيرية لتوفير الدعم اللوجستي للقمة.

مبالغة بالصرف

وكشف الأسدي عن تخصيص أموال طائلة لمشاريع ترميم الفنادق والمباني المخصصة للقمة، ويقول إن "فندق الرشيد صرف عليه مبلغ خمسين مليون دولار للترميم، في حين أن القوات الأميركية قبل انسحابها صرفت عليه نحو ثلاثين مليون دولار، مع أن قيمته الفعلية لا تصل إلى خمسين مليون دولار"، مشيراً إلى أن "أكثر من مليار و200 مليون دينار -ما يعادل عشرة ملايين دولار- من أموال القمة صرفت على تأهيل منزل أحد المسئولين الكبار رغم أن المنزل لا علاقة له بالقمة".

يتابع الأسدي أن اللجنة التحضيرية للقمة اشترت ستين سيارة مصفحة من نوع مرسيدس بسعر 259 ألف دولار للسيارة الواحدة، التي لا يتجاوز سعرها 120 ألف دولار، إضافة إلى شراء 300 سيارة أخرى غير مصفحة.

مليار و250 مليون دولار حجم مصروفات القمة

وكانت تسريبات إعلامية أكدت أن المبالغ المصروفة على القمة بلغت أكثر من مليار وربع المليار دولار، فيما نفى ذلك رئيس الوزراء نوري المالكي، حيث أشار إلى أن التخصيصات كانت أكثر من 500 مليون دولار بقليل.

من جهته يؤكد عدنان السراج -عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي- أن هذه الاتهامات جاءت ضمن الحملات المسعورة لإيقاف عقد مؤتمر القمة منذ أن تم تأجيله العام الماضي، مؤكداً أن هناك آليات للمحاسبة والرقابة المالية ولجنة النزاهة هي التي تتولى التدقيق في هذه الأمور. ويضيف "حتى الآن لم يثبت أي شيء من خلال هذه الدوائر الثلاث الرقابية في البلد, أن هناك هدرا في الأموال المخصصة للقمة", ويتهم جهات لم يسمها بأنها تقف وراء هذه الاتهامات بهدف تشويه صورة الحكومة وعلى رأسها نوري المالكي.

هدر كبير

وفي السياق نفسه تقول النائبة عن العراقية البيضاء عالية نصيف لـ(رصد.كوم) إن لجنة النزاهة لاحظت أن المبالغ التي خصصت لتأهيل هذه القمة تفوق إمكانية التأهيل بل يمكن بناء فنادق جديدة بكامل المواصفات وبشركات عالمية.

وتضيف نصيف قائلة "في المرحلة الثانية بعد تأجيل القمة عام 2011 وردت تقارير إلى لجنة النزاهة تشير إلى وجود إسراف وهدر مالي كبير ما يؤشر وجود عمليات فساد مالي وإداري في تحضيرات القمة".

وتشير إلى أن "لجنة النزاهة اتخذت قرارا بتأجيل هذا الموضوع إلى ما بعد انعقاد القمة لعدم التأثير على احتضان بغداد للقمة". وتؤكد نصيف أن هذا الموضوع سيبحث داخل البرلمان من قبل لجنة النزاهة.

مجرد تسريبات

في مقابل ذلك, يرى السياسي المستقل وعضو البرلمان السابق شاكر كتاب أن هذا الموضوع مجرد تسريبات إعلامية، مشيراً إلى أن التسريبات بدت متراكمة "وأعتقد أن أحد أطراف الحكومة صرح بأن ما صرف على القمة لم يتجاوز 400 مليون دولار وهو ما يدعو للتساؤل عن أي فساد واستغلال غير سليم للمصاريف يمكن أن يكون في هذه الحالة".



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023