شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مجزرة تولوز تخيم على الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا ‏

مجزرة تولوز تخيم على الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا ‏
  "المرشح سركوزي يلوّح بفزّاعة الإسلاميين" كان ذلك هو العنوان الذي اختارته صحيفة ليبراسيون...

 

"المرشح سركوزي يلوّح بفزّاعة الإسلاميين" كان ذلك هو العنوان الذي اختارته صحيفة ليبراسيون الفرنسية عشية انطلاق الملتقى السنوي التاسع والعشرين لمسلمي فرنسا الذي ينعقد هذه السنة في أجواء مشحونة بالتوتّر ‏بعد هجمات تولوز ومونتوبان التي أودت بحياة سبعة أشخاص وانتهت بمقتل المشتبه به في تنفيذها.

وليس أدل على هذا التوتر من تحذيرات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المتكرّرة وشديدة اللهجة إلى اتحاد ‏المنظمات الإسلامية في فرنسا ضد "مروجي الدعوات إلى العنف والبغضاء ومعاداة السامية والتي من‎ ‎شأنها أن تشكل هجمات لا تحتمل على الكرامة البشرية ومبادئ ‏الجمهورية"‏ والذين ‏يمكن أن يتحدثوا خلال‎ ‎مؤتمره الذي يعقد هذه السنة من السادس إلى التاسع من أبريل الجاري بقصر المعارض بـ"لوبرجيه"، بضواحي باريس.

ويتوقع المنظّمون أن يشهد "لوبرجيه" هذه السنة أكبر عدد من المشاركين منذ نشأة "الإتحاد". وقد استقبل قصر المعارض السنة الماضية أكثر من 150 ألف مشارك من فرنسا ومن البلدان المجاورة كبلجيكا وبريطانيا وألمانيا وهولندا.

 

جاب الله: لا استثناءات، ولا تسامح!

لكن هذه المرة لن يرحب الرئيس نيكولا ساركوزي بالحضور مثلما عبر عنه في خطابه سنة 2003 لما كان وزيرًا للداخلية.

هذه المرة وجّه الرئيس المنتهية ولايته تحذيرا شديد اللهجة في رسالة إلى رئيس "الإتحاد" أحمد جاب الله قائلاً: "أوجه ‏تحذيرًا واضحًا يجب أن يؤخذ مأخذ الجد. كل من يتبنى تصريحات تتعارض مع مبادئ الجمهورية ‏سوف يتعرض فورًا للطرد من أراضي الجمهورية الفرنسية. ولن تكون هناك أي استثناءات. ولن يتم ‏التسامح مع أي كان".

وكان ساركوزي يرد على رسالة وجهها إليه جاب الله ‏بتاريخ 27 مارس عبر له من خلالها عن شكره لدعوته إلى "عدم الخلط بين المسلمين" عقب الهجمات وعن ‏التزامه بالحرص على عدم ترك البعض يستغلون منبر المؤتمر لتوجيه دعوات تحرض على ‏العنف أو الكراهية.

ولم يوافق ساركوزي جاب الله الرأي بخصوص الداعية القطري المصري الأصل يوسف القرضاوي، أحد الدعاة الذين كانت قد وجهت لهم الدعوة ‏لحضور المؤتمر قبل أن تمنعهم باريس من المجيء.

وكان "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا" قد أصدر بيانًا بخصوص منع الدعاة من المشاركة في الملتقى السنوي، جاء فيه أنّ "قرار منع الشيخ يوسف القرضاوي قرار لا مبرّر له، إلاّ أن الاتحاد لا يتمنى الدخول في مزايدات إعلامية".

وأضاف البيان أن "الشيخ عبد الله بصفر كان وما يزال يدعو لاحترام الأديان"، و"الشيخ عائض القرني معروف بمنهجه الوسطي المعتدل"، و"الدكتور صفوت حجازي معروف بروحانيته ونبذه للعنف"، و"الشيخ عكرمة صبري لم يدع يومًا إلى الحقد والعنف".

وخلص البيان إلى القول أنه "بتشويه سمعة ضيوفه، يخشى اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا أن تكون هذه القرارات لنيل إعجاب بعض القوى الضاغطة ويتأسف من هذه المواقف المتصلة بظروف الحملة الانتخابية بمزايداتها حول الديانة الإسلامية".

ورد ساركوزي قائلاً: "هذا الداعية (القرضاوي) يحث على التعامل مع النساء بطريقة مهينة، ويدافع عن ‏ختان البنات ويجرم الشذوذ الجنسي" كما "يبرر العمليات الانتحارية بفلسطين، ويعتبر محرقة اليهود ‏عقابا إلهيًّا"، بحسب صحيفة لوفيجارو المقربة من الرئيس المنتهية ولايته.

ومن أحدث الهجومات على القرضاوي وعلى الداعية محمود المصري ـ اللذين قررا "العدول عن الحضور" للمشاركة في المؤتمر ـ ما جاء على لسان وزيرة الدولة المكلفة بالشباب والحياة الجامعية، جانيت بوغراب، في مقال نشرته في "لوموند".

فقد قالت بوغراب إن "الداعيتين المعروفين بخطبهما المتطرفة، يجسدان توجهًا قديمًا ومع ذلك يستخدمان قنوات التلفزيون لبث فتاوى متطرفة ‏وعدائية. فهما يجيزان مثلاً العنف ضد النساء على يد أزواجهن ويبرران التفجيرات الانتحارية في إسرائيل. ويشاهد الملايين من المسلمين أسبوعيًّا برنامج ‏'‏الشريعة والحياة‏'‏ ليوسف القرضاوي الذي ‏تبثه قناة الجزيرة".‏

وتساءلت الوزيرة "كيف يمكن لأناس عاقلين استدعاء مثل هؤلاء الأشخاص للقدوم إلى بلادنا؟ إن ‏هؤلاء الأشخاص هم نفيٌ للإنسانية اللصيقة بأمتنا".

وكانت مرشحة اليمين المتطرف لانتخابات الرئاسة الفرنسية مارين لوبن من أول من فتح النار على القرضاوي وعلى أمير قطر وطالبت بحل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، الذي رد بإعلان إجراء امام القضاء.

 

حضور طارق رمضان يزيد الطين بلّةً

نشر "الاتحاد" على موقعه قائمة المحاضرين الذين سيشاركون في الملتقى، والتي تتضمن أسماء الداعية المصري، الشيخ محمود المصري، ومواطنه عمر عبد الكافي، والقارئ السعودي، الشيخ عبد الله بن علي بصفر، والناشطة والصحفية اليمنية توكل كرمان الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في 2011، والتي أصبحت عضوة في مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يمثل الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين باليمن.

ومن المحتمل أن يشارك زعيم حركة النهضة الإسلامية التونسية، الشيخ راشد الغنوشي، في الملتقى.

وسيكون السويسري من أصل مصري، د.طارق سعيد رمضان، الأستاذ المحاضر في علوم الإسلام بأوكسفورد بريطانيا وجامعة فرايبورغ سويسرا، من أبرز المشاركين، رغم أنف السلطات الفرنسية التي أعربت عن أسفها عن توجيه المنظمين دعوة لطارق رمضان، "حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا" كما يحلو لأغلب وسائل الإعلام الفرنسي أن تعرف به دائمًا، و"المتعارض مع روح الجمهورية الفرنسية"، كما تتهمه بعضها.

لكن رمضان، الذي كان قد قرر منذ سنة التوقف عن حضور معارض "لوبرجيه"، أكد حضوره هذه المرة في فيديو نشره على مدونته، وكان رمضان قد ندد بهجمات تولوز ومونتوبان، لكنه طالب في حديث مع إذاعة "آر تي أل" الفرنسية بـ"محاولة فهم وليس تبرير" العمل الذي قام به منفذها محمد مراح، والذي يطرح قضية "تهميش" المسلمين في فرنسا والذي "تتحمل السلطات الفرنسية جزءًا من المسؤولية فيه"، كما قال.

رمضان والقرضاوي: شحم على نار

وفي آخر إصداراته، "الإسلام والصحوة العربية"، تعرّض طارق رمضان للقرضاوي بالنقد، مشيرًا إلى أن القرضاوي استعمل "الورقة الطائفية" في تفسيره للأزمة البحرينية، زاعمًا أن المظاهرات المناهضة للنظام هي شيعية وطائفية وبالتالي "غير مشروعة"، وهذا يعد "تبريرًا ضمنيًّا للقمع وللتمييز ضد الشيعة".

كما أن رمضان انتقد التغطية "الغير الحيادية" لقناة الجزيرة القطرية، ضاربًا مثالاً على ذلك تغطية القناة لأحداث سوريا والبحرين.

لكن هذه الانتقادات لم تمنع الشيخة موزة بنت ناصر، إحدى زوجات أمير قطر ورئيسة مجلس إدارة "مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع"، من اختيار طارق رمضان لرئاسة "مركز دراسات التشريع الإسلامى والأخلاق" الذي دشّن منتصف يناير الماضي والذي يتخذ من "كلية الدراسات الإسلامية" في قطر مقرًّا رئيسيًّا له.

وفي الحفل الافتتاحي الضخم ـ وبحضور الشيخة موزة والشيخ القرضاوي ومفتي البوسنة، الشيخ مصطفى سيريتش، وجون اسبوزيتو، مدير مركز التفاهم الإسلامى المسيحى بجامعة جورجتاون، وعدد من كبار المتخصصين في مجال الدراسات الإسلامية بالعالم ـ تغيرت نبرة خطاب طارق رمضان.

بعد الثناء على الشيخة موزة والشيخ القرضاوي، تحدث رمضان طويلا عن "الإصلاح التكيفي، الذي يتكيف مع الواقع الحالي مع الحفاظ على القيم الإسلامية، وعن الإصلاح التحولي، الذي يصلح الواقع عبرالمبادئ الإسلامية ومقاصد الشريعة ويختلف عن الإصلاح التكيفي لأنه يشدد على ضرورة عدم نسيان الجانب الروحي أو الرباني".

وأضاف "لا بد من الجمع بين علماء الشريعة والنصوص وعلماء الواقع من أجل إصلاح المجتمع". وتلك هي " خصوصية المركز"، كما قال.

 

"لتسجدوا لخنازيركم"

مهما يكن من أمر، فقد تواصلت الاعتقالات في أوساط الإسلاميين المتطرفين. وقالت الصحف الخميس أنه جرى إلقاء القبض في عدد من المدن (مرسيليا، ‏بوردو، بو، فالانس، كاربانترا…) على عشرة أشخاص آخرين يرجح أنه سبق لهم أن زاروا أفغانستان وباكستان ‏أو أنهم كانوا يعتزمون التوجه إلى هناك من أجل القتال إلى جانب الجهاديين.‏

وتأتي هذه الاعتقالات بعد أقل من أسبوع من الاعتقالات التي استهدفت أعضاء جماعة ‏‏"فرسان العزة" السلفية. وقد وجه الاتهام إلى ثلاثة عشر منهم الثلاثاء الماضي ‏فيما تم وضع تسعة رهن الحجز الاحتياطي.

‏وكان زعيم الجماعة، محمد أشملان (أبو حمزة)، قد وجه وابلا من الشتائم لساركوزي ولوزير داخليته كلود غيان عبر الشبكة العنكبوتية، ونقلتها لوفيغارو، من بينها "كلود غيان وساركوزي، عصابة مثيرة للاشمئزاز، يا لها من رائحة كريهة! عندما ‏نرى وجوهكم، فإننا نصاب بالغثيان. ستذهبون إلى الجحيم، إن شاء الله! سوف تشتعل النار تحت ‏قدميكم (…)".

وأشارت لوفيجارو أن من بين تلك الرسائل نجد أيضا ‏شريط فيديو يقول من خلاله "أنا هنا في بلدي، وأنا أنحدر من بمدينة بروتون بفرنسا، والحمد لله. العديد من ‏أفراد '‏فرسان العزة'‏ هم فرنسيو المولد ولهم عيون زرقاء"، قبل أن يضيف "لتسجدوا لخنازيركم. ‏يبدو أنكم تعشقون ذلك. ويوجد حتى العديد من هذه الخنازير في ‏ بروتون". ‏

ظاهرة الإسلاموفوبيا في اتساع

وقد نشرت ليبراسيون الخميس مقالاً لـ"برنديت سوفاجي" استعرضت فيه طبيعة "العلاقات المضطربة" التي نسجها ساركوزي مع الأوساط المسلمة في ‏فرنسا، حيث سعى في بداية الأمر إلى استمالتهم قبل أن يقرر ترجيح المقاربة الأمنية، من أجل قطع ‏الطريق أمام اليمين المتطرف. ‏

تحت عنوان "اللعبة الغامضة لنيكولا ساركوزي" تستعرض الكاتبة تاريخ العلاقة بين ساركوزي والمنظمات الإسلامية في فرنسا منذ أن كان يشغل منصب وزير الداخلية.

وتشير سوفاجي في سياق تقريرها "مع اقتراب موعد الرئاسيات، استمرت العلاقة بين نيكولا ساركوزي والأوساط ‏المسلمة في فرنسا في التدهور".

وأبرزت الكاتبة أن "على الساحة السياسية، في فرنسا كما في باقي ‏أنحاء أوروبا، بدأت تتوسع ظاهرة الإسلاموفوبيا". ‏‏وأضافت إن التجمع السنوي لاتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا أضحى في قلب الحملة الانتخابية لهذه السنة".



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023