استعرض مقال في صحيفة «ميدل إيست مونيتور» أسباب إنشاء قاعدة عسكرية غرب البلاد وإطلاق اسم «محمد نجيب» عليها، كما تناول بالنقد والتحليل حديث عبدالفتاح السيسي عقب افتتاحها مقارنة بحديث أمير قطر تميم بن حامد الذي سبقه بيوم واحد.
إلى نصّ المقال:
تذكّر الجيش المصري فجأة الرئيس الراحل محمد نجيب، بعد أن أطاح به ضباطه وسجنوه وأهانوه ثم محوه من تاريخهم المزيف، كأوّل رئيس مصري يأتي بعد إنهاء النظام الملكي. وبعد إطلاق سراحه، وضع في منزله من دون راتب؛ ما أجبر ابنه على العمل سائقًا لسيارة أجرة.
الآن، ومن دون سابق إنذار، تذكّر السيسي «محمد نجيب» كأوّل رئيس مصري، وافتتح قاعدة عسكرية باسمه في الحدود الغربية مع ليبيا، بحضور محمد بن زايد الحاكم الفعلي لأبو ظبي والملك حمد بن عيسى آل خليفة من البحرين، وأمير سعودي يمثل الملك سلمان، وقائد محاولة الانقلاب الليبية خليفة حفتر.
ركب القادة جميعًا في سيارة مفتوحة من الأعلى وعليها أعلام الدول المشاركة، فيما يبدو وكأنها رسالة إلى حكومة قطر بأنّ أعلام دول الخليج المقاطعة لها ترفرف في السماء المصرية.
ومنذ الإطاحة بمرسي في 2013، تعامل السيسي بمكر مع الدول الأجنبية من الناحية السياسية بدلًا من التعامل كرئيس دولة، وسخر من قطر في خطاباته باعتبارها دولة صغيرة ذات كثافة سكانية قليلة ورغم ذلك تحاول التدخل في شؤون مصر الداخلية.
وقال السيسي إنّ مصر تنفق فيها مائة مليون نسمة ينفقون على وجبات الإفطار والغداء والعشاء أكثر مما تنفقه هذه الدولة في عام، وتساءل: هل يمكنها دفع مائة مليار لمصر؟ مستكملًا أنها لا تستطيع؛ لذا يجب عليها الاهتمام بشؤونها الخاصة.
لا يعتبر ذلك تصرّفًا مسؤولًا يصدر عن رئيس جمهورية يحترم شعبه ويشاهده العالم، لم يتسبب السيسي في إهانة قطر فقط؛ لكنه أهان المصريين، لأن تصريحه يحمل معنى أن من يستطع دفع مائة مليار يمكنه شراء الدولة.
ما أثار اهتمامي هو الضحك الهيستيري لحاكمي البحرين والإمارات على تهكم السيسي، رغم أن الكثافة السكانية لدولتيهما صغيرة وتعتبران كذلك دولتين صغيرتين.
جاء خطاب السيسي المنحدر، سواء من الناحية السياسية أو الأخلاقية، في الصباح التالي لخطاب أمير قطر تميم بن حمد الذي أذهل العالم بهدوئه وثقته وفخره بقيمة شعبه واحترامه لخصومة عندما تحدّث عنهم.
كذلك، لم ينس الأمير القطري الحديث عن القدس وحصار الأقصى، وهو ما تجاهله السيسي ولم يشر إلى الوضع بأي شكل؛ رغم أن هذا الخطاب جاء في يوم الغضب نفسه في القدس. بالطبع قارن محللون للوضع بين قائد ذي مستوى عالٍ لدولة خليجية صغرى وقائد لدولة كبرى مثل مصر يتباهى بكثافة سكانية عالية رغم أنه يحكمهم بالإهانة والخداع والاستغلال.
بالعودة إلى الحديث عن القاعدة العسكرية، ظهرت تساؤلات؛ من بينها: لماذا أنشئت غرب مصر بالقرب من الحدود مع ليبيا بدلًا من إنشائها في الشرق بالقرب من «إسرائيل»؟
في العادة، تجمع القاعدة العسكرية جنود دولةٍ ما خارج دولتهم، مثل القاعدة الأميركية في قطر؛ لكن عندما يكونون داخل دولهم فإنها تسمى «ثكنة عسكرية». لذا؛ ظهر تساؤل آخر عن مدى صحة وجود هذه القاعدة في مطروح للجنود الأجانب، وهو ما دعمه وجود محمد بن زايد وتوقع البعض دفعه أموالًا في هذه القاعدة من أجل خدمة مصالح دولته في ليبيا ودعم حفتر ضد المتمردين، وما زاد الشكوك في هذا الأمر حضور الجنرال الليبي في افتتاحية هذه القاعدة.
ويعتبر الوضع الحالي خطيرًا للغاية منذ سيطرة السيسي على السلطة، واستمرت مصر تحت تأثير أبو ظبي؛ لذا من المنطقي اعتبار محمد بن زايد مصر إحدى إماراته؛ خاصة أنه دفع أموالًا كثيرة للتأكد من الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيًا محمد مرسي، ونجح السيسي في دور التابع للأمير الإماراتي باتّباع أوامره وكأنه يشكره على مساعدته للوصول إلى السلطة.
يجب أن نحزن جميعًا على مصر؛ فبعد أن كانت دولة معروفة بـ«أم الدنيا» أصبحت الآن تابعة لأبو ظبي ونزوات حكامها.