«طُرُق الجيش»، أو «طرق الموت» كما يطلق عليها السائقون؛ نظرًا لمشاهد الرعب التي تشهدها على مدار الساعة منذ نفّذتها الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة.
فمنذ يونيو 2014 وتوسّع نطاق اقتصاد المؤسسة العسكرية حتى وصل إلى إنشاء الطرق وصيانتها وإحصائيات حوادث الطرق وعداد الموتى في تصاعد مستمر؛ ولا يمر أسبوع إلا وتطالعنا الصحف والمواقع الإخبارية بسقوط ضحايا ومصابين إثر حادث تصادم أو انقلاب سيارة على طريق الجيش الصحراوي الشرقي، الرابط بين القاهرة ومحافظات الوجه القلبي.
وصباح أمس الاربعاء، شهد مدخل قرية بني حسن الشروق على الطريق الصحراوي الشرقي بالمنيا انقلاب سيارة؛ أسفر عن مصرع طفلة وإصابة تسعة آخرين بكدمات وسحجات متفرقة الجسم، تبين أنهم من أسرة واحدة.
25 ألف ضحية
ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمي في 2016، جاءت مصر ضمن أسوأ عشر دول في العالم في ارتفاع معدلات حوادث الطرق التي تؤدي إلى الوفاة.
وذكر التقرير أن عدد ضحايا الحوادث في 2015 في مصر بلغ 25 ألفًا و500 شخص بين قتيل ومصاب، إضافة إلى أكثر من 30 مليار جنيه خسائر مادية.
سوء قيادة و طرق سيئة
وقال خبراء مرور إن أغلب حوادث الطرق في مصر سببها سيارات النقل الثقيل، وسوء حالة شبكة الطرق، إضافة إلى إهمال السائقين لقواعد المرور وتجاوز السرعة المقررة والقيادة تحت تأثير المخدرات.
وقال العقيد خالد عكاشة إنّ «مصر الأولى عالميًا في حوادث الطرق؛ لأنها الدولة الوحيدة في العالم التي تمنح رخصة قيادة مرورية دون الالتحاق بمدرسة مرورية معتمدة؛ ما يتسبب في حوادث الطر، وبالتالي السائق في مصر غير مؤهل علميًا في المرور».
وأضاف في تصريح لـ«رصد» أنّ «هناك عشوائية في إعداد بعض الطرق، ومع غياب إشارات الطرق وعلامات التنبيه وقلة الإضاءة كل ذلك يعطي مناخ لوقوع الحوادث».
تجاوز المعدلات العالمية
ويتراوح المعدل العالمي لقتلى حوادث الطرق لكل عشرة آلاف مركبة ما بين عشرة أفراد و12، لكنه يصل في مصر إلى 25 ضحية؛ أي ضعف المعدل العالمي.
وأيضًا يبلغ عدد قتلى حوادث الطرق لكل مائة كيلومتر في مصر 131 قتيلًا، في حين أن المعدل العالمي يتراوح ما بين أربعة قتلى و20؛ أي إنّ المعدل في مصر يزيد على 30 ضعف المعدل العالمي.
ويوضح مؤشر قسوة الحادثة أن مصر فيها 22 قتيلًا لكل مائة مصاب، في حين أن المعدل العالمي ثلاثة قتلى لكل ماشة مصاب.
بداية طريق الموت
نفّذت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة «محور الجيش شرق النيل» وقالت إنّه مطابق للمواصفات القياسية العالمية؛ لكنه يأتي ضمن توسّع القوات المسلحة في السيطرة الاقتصادية والاستحواذ على مشروعات طرق وطاقة وبنية تحتية وتولي مهام للسلع التموينية وبيع مواد غذائية، والشركات التابعة للجيش معفية من الضرائب والفوائد، مع استغلال المجندين في السخرة والعمل.
في بداية الطريق تكون الإضاءة قوية مع عبارة «تصحبكم السلام»، ثم لافتة مكتوبة عليها «أسيوط 309 كيلو»، ولافتة كبرى مكتوب عليها «احذر: السرعة مراقبة بالرادار»، ولوحات إرشادية أخرى مكتوب عليها السرعات المراد اتباعها على الطريق، وبعد قرابة 2 كيلو تنتهي الإضاءة ويدخل السائقون في الطريق الأسود؛ معتمدين على إضاءات كشافات السيارة!
محطات وقود الجيش فقط
على يمين الطريق ويساره تنتشر الصحاري الشاسعة، ليست هناك محطة وقود إلا بالقرب من بوابات العبور الرسمية التي تسبق مداخل المحافظات أو المناطق المحددة؛ مثل حلوان والكريمات، وتتبع الشركة الوطنية.
بينما تقع أسيوط والمنيا على بعد 500 متر تقربيًا من الطريق، وتختفي محطات الوقود من الطريق؛ ما يسبب أزمات للسائقين الذين تتعطل سياراتهم ولا يجدون من ينجدهم.
الإسعاف
لا توجد وحدات الإسعاف على الطريق باستثناء سيارة في مدخل الكريمات، وكذا مدينة أسيوط.
غياب الاتصلات والدخول في منحنيات
بدخول سيارتك الطريق تنقطع عن العالم؛ فلا يوجد اتصالات، وتنقطع الشبكات، ثم تنتشر المنحنيات في الطريق بصورة كبرى، وتحتاج إلى تهدئة السرعة واتّباع الإرشادات.
السيول تأكل الطريق
تسببت السيول في تآكل أجزاء من الطريق، خاصة في المنطقة المنحصرة بين حلوان وبني سويف، وهي المنطقة التي تنتشر فيها بعض الحوادث.