يبدو أن ما أرادته دول الخليج المحاصرة لقطر، من خسائر تتكبدها الدوحة للرضوخ أمام السعودية والإمارات وفرض سيطرتها، طالها في النهاية بعد تأثر اقتصادها بفرض الحصار على قطر.
وفي المقابل يجدد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استعداد بلاده لحلّ الأزمة الخليجية بالحوار ودون إملاءات أو تدخل في السيادة الوطنية، مشيرا إلى أن «ما حدث في شهر يونيو 2017 (حصار قطر) قوانا ودفعنا للمزيد من العمل لصالح الوطن».
ودفع الحصار قطر للبحث عن بدائل خارجية للاستغناء عن دول الجوار في الاقتصاد والغذاء والدواء التي تحتاج إليها، حيث تستورد قطر 80% من احتياجاتها الغذائية عبر جيرانها الخليجيين.
خسائر السعودية
انعكس وقف التبادل التجاري مع قطر على الاقتصاد السعودي، وشكلت المقاطعة ضربة قوية للشركات في الدول المقاطعة، بعد تعليمات سعودية بوقف التعامل مع المستوردين القطريين.
وقدر المحلل المالي يوسف أبو حليقة خسائر المستثمر الخليجي من دول الحصار خلال شهر واحد من الأزمة، بحوالي 15 مليار ريال منذ بدء الأزمة، مشيرا إلى أن الخليجيين يملكون نفس النسبة التي يملكها المواطن القطري، وبالتالي فإن خسائرهم يمكن أن تصل إلى نسبة 100%.
ويذكر أن سوق الأسهم السعودية خسرت حوالي 22 مليار دولار من القيمة السوقية في يوليو الماضي، حيث تراجع المؤشر الرئيسي للسوق بحوالي 4.6%. وانخفض 12 قطاعاً من قطاعات السوق، أبرزها الاتصالات بنسبة 5.7%، والبنوك بنسبة 4.7%، والمواد الأساسية بنسبة 3.3%.
وتعد شركة المراعي السعودية، إحدى ضحايا الحصار، بعد غلق سوق رئيسية لها، في الدوحة.
وكشفت «بلومبيرج» أن 25% من صناعات الشركة تتجه لدول الخليج وبينهم قطر، مشيرة إلى أن أسهم المراعي تراجعت لأدنى مستوى في 8 أشهر، يوم إعلان المقاطعة.
خسائر الإمارات
قالت مجلة «فوربس» إن الرياض وأبو ظبي حصدتا العواصف بعد أن قامتا بزرع الريح، حيث ساعدت الأزمة التي افتعلتها الدولتان مع قطر على زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وتشير تقارير أن الأزمة الخليجية الأخيرة تسببت في فقدان مصداقية دول الحصار أمام المستثمرين، خاصة بعد الانتهاكات التي ارتكبتها في حق الاقتصاد القطري، خاصة بعد احتجاز 5 آلاف حاوية بمنطقة «جبل علي» وإعادتها من حيث أتت، وتجميد أموال ورفض تحويلها والإيعاز لمؤجري عقارات يملكها قطريون بإلغاء العقود وإعادة شاحنات كانت متجهة إلى قطر وطرد مستثمرين ومنعهم من الدخول لإدارة أعمالهم ومعرفة مصيرها.
وقالت «بلومبيرج» في تقريرها إن شركة الخليج للسكر، وهي أكبر مصفاة للسكر في العالم، الموجودة في الإمارات، هي من أبرز الخاسرين من جراء الحصار.
وتضم لائحة الخاسرين المحتملين من الحصار شركة دريك آند سكل العالمية، التي تتخذ من دبي مقراً لها، والتي فقدت أكثر من 10% من قيمتها السوقية هذا العام، لديها حوالي 500 مليون درهم (136 مليون دولار) من المشاريع في قطر.
وأكد مستثمرون في الإمارات أن «دبي» هي الخاسر الأكبر والمتضرر الأول من حصار قطر وتتعرض لما يشبه بالكارثة الاقتصادية حالياً بعد هروب بعض رؤوس الأموال منها وإحجام المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة لاسيما أنها تعتمد بالدرجة الأولى على الاستثمارات الأجنبية.
خسائر قطر
قطر هي الأخرى تكبدت اقتصادها خسائر ضخمة فقد أظهرت بيانات مصرف قطر المركزي، أن صافي احتياطي النقد الأجنبي لديها تراجع 10.4 مليار دولار في يونيو إلى 24.4 مليار دولار، حيث وصلت الاحتياطيات لأدنى مستوى في خمسة أعوام على الأقل، وفق وكالة رويترز.
ويمتلك جهاز قطر للاستثمار، الذي نادرا ما يناقش عملياته علنا، أصولا حول العالم تزيد قيمتها على 300 مليار دولار.
وأفادت مصادر لوكالة رويترز، أن جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادية للبلاد، نقل حيازات من أسهم محلية تزيد قيمتها عن 30 مليار دولار إلى وزارة المالية وقد يبيع أصولا أخرى في إطار خطة لإعادة الهيكلة.
وفي الوقت الذي نجحت فيه قطر في إيجاد أسواق بديلة عن الأسواق السعودية، إلا أن هذه الأسواق البديلة تكبد الاقتصاد القطري خسائر كبرى.
واستعانت الدوحة بكل من تركيا وإيران ودول أخرى عن طريق إقامة جسر جوي شكلت عموده الفقري الخطوط الجوية القطرية لتفادي كارثة حقيقية في الإمدادات الحيوية.
إلا أن تكلفة شحن المواد الغذائية والأدوية بحريا أو جويا، سوف يزيد من التكلفة للسلع المقدمة وفي حال عدم قيام الحكومة القطرية بدعم السلع من احتياطاتها المالية فإن ارتفاع أسعارها سيؤدي إلى التضخم وتراجع مستوى المعيشة.
خصصت قطر الشهر الماضي، لجنة مختصة لتلقي جميع الطلبات الخاصة بطلب التعويضات عن الخسائر التي سببها الحصار المفروض عليها.