في إطار الصراع الخليجي الدائر الآن، وحصار الدول الخليجية بقيادة السعودية قطر، سلّطت صحيفة «الديلي صباح» الضوء على الدور التركي في الأزمة ومحاولتها لسد الفجوة التي تركها الحصار على قطر، إضافة إلى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في الأزمة وأظهر دول الحصار «حمقى»، بحسب وصف الصحيفة.
بدأت الصحيفة مقالها لافتة إلى أنّ الصدع القطري بدأ بتهديدات خطيرة عقب قطع دول التحالف ومصر علاقتها بها، واعتقد كثيرون أنّ هناك انقلابًا سريعًا سيحدث في قطر أو تحركًا آخر يهدد سيادتها.
ففي الوقت الذي فرضت فيه هذه الدول حصارًا عليها، حاولت الكويت لعب دور الوسيط برئاسة أميرها الشيخ صباح الأحمد، وقدمت إلى قطر مطالب دول الحصار الـ13، التي وصفتها الصحيفة بـ«القاسية»، واعتمدت هذه الدول على دعم الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» الذي شارك ببضع تغريدات بعد إبرام صفقة أسلحة بقيمة 350 مليار دولار مع السعوديين.
كما لفتت الصحيفة إلى أن رفض قطر تنفيذ هذه المطالب وإصرار دول الحصار على تنفيذها يجعلنا نفكر في أن جبهة الحصار ستواصل الدفع بخطوات أخرى، وصفتها الصحيفة بـ«الخطوات الحمقاء»، موضحة هذا ما تعلمناه من تجربة الماضي مع الانقلاب الدموي الذي وقع في مصر أمام أعين العالم.
أوضحت أيضًا أنّ حربًا باردة نشبت الآن في منطقة الخليج ويبدو أنها لن تتحول إلى صراع مباشر يتصاعد كما اعتقد الجميع في البداية؛ فما دامت جبهة الحصار لا تتراجع فالتوتر قد يستمر سنوات، لافتة إلى رأي خبراء عرب يؤكّد أنّ الخطوات التركية حالت دون نشوب نزاع حاد في قطر، مرجعة ذلك إلى نقطتين: الأولى زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى تركيا مباشرة بعد اندلاع الصراع.
ويُنظر إلى زيارة «ظريف» من الخليج على أنها رسالة مهمة للعالم العربي، بعد فشلها في الحصول على دعم الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة. لكن، على الجانب الآخر، تخشى كتلة الخليج من أن تغزو إيران البحرين، التي تواجه مشكلة بالفعل مع المعارضة الشيعية التي تحاول قمعها.
النقطة الأخرى التي تحدثت عنها الصحيفة: تحرك أنقرة لسد الفجوة وتصدير المواد الغذائية للحفاظ على امتلاء رفوف المتاجر في قطر، والتصديق على قانون لتسريع نشر القوات التركية في قاعدة «العديد» بالقرب من الدوحة. ورأت الصحيفة أن أنقرة بهذه الطريقة غيرت مسار الأحداث.
فموقف الإدارة الأميركية الصامت عقب تغريدات «ترامب»، وكذلك صمت بقية دول العالم الغربي انتظارًا للرابح في النهاية، انتهى بمجرد تأكيد تركيا ضرورة إنهاء الأزمة في أقرب وقت ممكن، وسلطت الصحيفة الضوء على مكالمة هاتفية بين «ترامب وأردوغان» تناولت قضية قطر، أوضحت التقارير أنها أظهرت للبيت الأبيض تصميم أنقرة على التدخل لحل الأزمة، وتساءلت الصحيفة: «هل اعتمدت دول الحصار على موقف ترامب بعد صفقة الأسلحة؟» وأجابت: «يبدو ذلك».
تابعت الصحيفة في مقالها أن دول الحصار في مجلس التعاون خسرت هذه اللعبة وفقدت سيطرتها على المجلس؛ لاعتمادها على ترامب فقط لدعمهم في رؤيتهم، وغياب خطط بديلة، ووصفتهم الصحيفة بأنهم «الحمقى» الذين استهدفوا مكانة قطر فتأثرت مكانتهم هم.
كما لفتت إلى تسريب المخابرات الأميركية مؤخرًا معلومات تفيد بأن الإمارات كانت وراء اختراق وكالة الأنباء الرسمية القطرية ومواقع التواصل الاجتماعي في 23 مايو الماضي؛ وهو ما مهّد الطريق أمام الأزمة، موضحة أنه يمكن تفسير هذا التطور على أنه رسالة من واشنطن إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية: «لا تثقوا فينا، يمكننا أن نخذلكم».
من التطورات الهامة الأخرى التي ذكرتها «الديلي صباح» أنّ الدول الأربع التي أرادت أن ترى قطر راكعة على ركبتيها أعلنت التراجع عن مطالب أبرزها إغلاق القاعدة التركية، معلنة أنها تريد التوصل إلى اتفاق على ستة مبادئ عامة بشأن الشروط السلمية؛ مثل الالتزام بمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله، وحظر جميع أعمال التحريض وتبرير الكراهية والعنف، والالتزام بجميع نتائج القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عقدت في الرياض في مايو 2017.
ختمت الصحيفة مقالها بأنّ دول الحصار أرادت الصيد لكنها أصبحت الفريسة دون إداركها، موضحة أنّ زيارة أردوغان التي استغرقت يومين إلى قطر والكويت والسعودية الأسبوع الماضي من الممكن أن تهدّئ من الأزمة، على الرغم من إخفاء نتائجها حتى الآن.