لا شكّ أنّ للإمارات دورًا في دعم مليشيات قائد محاولة الانقلاب اللواء خليفة حفتر بشكل مباشر وغير مباشر، ضمن اتجاهات بدعم موجة الثورات المضادة للربيع العربي، وإن لم يكن هذا الدور معلنًا فإنه دائمًا ما يظهر جليًّا في المعلومات والوثائق والرسائل والمكالمات المسربة.
وفي هذا التقرير، نتتبع بالرصد والتحليل الدور الإماراتي في الداخل الليبي.
قاعدة نجيب العسكرية
أثار حضور خليفة حفتر حفل افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية في 24 يوليو الماضي مع ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد تكهنات بشأن دور القاعدة المصرية في دعم قوات حفتر، ودورها كقاعدة تخدم مصالح دول الخليج أيضًا ضد أي تهديدات محتملة.
وبحسب محللين وخبراء، فإن هذه القاعدة تعتبر دعمًا قويًا لجيش حفتر في ليبيا؛ حيث التعزيزات والإمدادات المصرية لجيش حفتر في ظل دعم عبدالفتاح السيسي له ضد الثوار.
تسريب نقل السلاح
وفي مايو 2015م، بثت قناة «مكملين» الفضائية تسريبًا صوتيًا جديدًا من داخل مكتب عبدالفتاح السيسي عندما كان وزيرًا للدفاع يتعلق هذه المرة بشحنات أسلحة ترسلها الإمارات عبر مصر إلى الداخل الليبي.
وتكلّم اللواء عباس كامل مع اللواء «عيسى عبلان المزروعي»، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، وبعد تبادل كامل للتحية مع اللواء عيسى، قائلًا :«أنا عرفت إن في حاجة جاية من عند حضراتكم بكرة عندنا، سي 17 هتنزل عندنا، ثم أضاف: «ولو تحب نحط الجاجة فيها مفيش مشكلة».
وفي جزء آخر من التسريب، تحدث عباس كامل مع وزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسي عن «أنّ الأصناف جميعها موجودة فيما عدا البند الأخير»، وما يؤكد أن هذه الأصناف الـ48 ألف قطعة التي تحدث عنها كامل هي أسلحة تؤجر فيها بشكل غير قانوني.
وتستخدم سي 17 للنقل الجوي الاستراتيجي السريع للقوات والشحنات إلى قواعد التشغيل الرئيسة أو إلى أمام القواعد التي تعمل في جميع أنحاء العالم.
يظهر التسريب سلسلة حوارات لمدير مكتب السيسي في وزارة الدفاع اللواء عباس كامل مع أشخاص من بينهم رئيس أركان الجيش المصري «محمود حجازي» وشخص لم يُتأكد من هويته بالتحديد، لكنه يدعى «محمد إسماعيل»، رجّحت قناة «مكملين» أنّه ضابط مخابرات ليبي من فلول القذافي بليبيا، بينما يرجح البعض أنه مدير مكتب نجل القذافي «سيف الإسلام»، وهو مسؤول عن جلب السلاح من مصر.
وكشفت التسريبات أنّ ثمة مليشيا تدعى «كتيبة القعقاع» تحارب في ليبيا تموّلها الإمارات وتسلحها بشحنات أسلحة تمر من مصر، التي تستفيد من بيع الأسلحة إلى هناك أو تمررها بصفقات مع النظام الإماراتي، التي تدعم القوات الموالية لخليفة حفتر.
خرق حظر السلاح
كشف التقرير السنوي للجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا في يونيو الماضي عن خرق دولة الإمارات بصورة متكررة نظام العقوبات الدولية المفروض على ليبيا؛ عن طريق تجاوز حظر التسليح المفروض عليها.
وقالت اللجنة في تقريرها إن الإمارات قدّمت الدعم العسكري إلى قوات قائد محاولة الانقلاب خليفة حفتر على أنها شحنات مواد غير قاتلة.
ووفق تقرير اللجنة، أدّى الدعم الإماراتي إلى زيادة قدرات قوات حفتر الجوية بصورة كبرى لتضمن المساعدات الإماراتية مواد دخلت في تجديد الطائرات المُعطّلة سابقًا؛ معتبرة أن المساعدات الإماراتية أدت -دون شك- إلى تزايد أعداد الضحايا في النزاع الدائر في ليبيا.
الإمارات تنشر طائرات
وفي مايو الماضي، كشف تقرير نشرته مجلة «Time» عن نشر الإمارات طائرات حربية أميركية الصنع في قاعدة تسيطر عليها قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر شرق ليبيا.
وذكرت المجلة الأميركية أن صورًا لأقمار اصطناعية التُقطت في يوليو الماضي أظهرت ستّ طائرات ثابتة الأجنحة على الأقل من صنع أميركي، وطائرتين صينيتين من دون طيار على أرضية قاعدة الكاظم شرق ليبيا.
وقال التقرير إنّ طائرات «Archange» المعنية من طراز مطور لنوع استخدمه الجيش الأميركي في حرب فيتنام، تصنعه شركة «Iomax USA»، ومقرها ولاية كارولينا الشمالية، وهذا الطراز مصمم للاستخدام المزدوج الحربي والمدني، ويمكن تزويده بأسلحة وبمعدات متقدمة للمراقبة والاستطلاع.
كما أن سرعتها البطيئة وتحليقها على ارتفاعات منخفضة تجعلها سلاحًا مثاليًا لأداء دوريات على الحدود ومحاربة الإرهاب وحركات التمرد ومكافحة المخدرات والقرصنة.
شراء المبعوث الأممي
في يونيو 2015، كشفت تسريبات عن تلقي «برناردينو ليون» عرضًا على بريده الإلكتروني من جانب دولة الإمارات للعمل رئيسًا لأكاديمية دبلوماسية جديدة أُطلقت مؤخرًا في العاصمة أبو ظبي لتدريب الدبلوماسيين الإماراتيين مقابل 35 ألف جنيه إسترليني شهريًا؛ بعد أن ينتهي من مهمته الليبية.
وفي شهرين فقط، بدأ تبادل الرسائل إلكترونيًا مع أبو ظبي بشأن قيمة بدل السكن الخاص به في أبو ظبي، الذي استقر على 96 ألف دولار أميركي سنويًا.
وكشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية أنّ هناك إيميلات جديدة تفضح تآمر المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا «برناردينو ليون» مع الإمارات.
وقال الكاتب في صحيفة الجارديان «رانديب راميش»، في مقال تحت عنوان «كان ينبغي أن تكون الأمم المتحدة هي الحل في ليبيا؛ إلا أنها هي المشكلة»، إن «إيميلات جديدة -لم تكشف من قبل- تظهر أن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المنتهية ولايته طلب الإذن من السلطات الإماراتية بطرح اسم سفير ليبيا في أبو ظبي عارف النايض مرشحًا لرئاسة حكومة التوافق الوطني، وأن ليون كان منهمكًا في إبرام خطة مع مجلس الأمن القومي التابع للإمارات بشأن كيفية إدارة القوات المسلحة الليبية».
وأضاف «راميش» في مقاله، المنشور عشية الموعد النهائي لإعلان حكومة التوافق الليبية، أن طبيعة العلاقة بين «ليون» والإمارات تثير الشكوك بشأن دور الأمم المتحدة في ليبيا، وتجعلها جزءًا من المشكلة بدلًا من أن تكون جزءًا من الحل؛ خصوصًا في ضوء تعيين «ليون في منصب مرموق في معهد دبلوماسي إماراتي، بناء على اتفاق وقع بين الطرفين إبان عمله كوسيط دولي في ليبيا».