تعتبر العلاقات المصرية مع دولة جنوب السودان، من أحد أهم الملفات التي تقلق الخرطوم، وتتسبب في توتر العلاقات مع مصر؛ فالدعم غير المحدود الذي يقدمه نظام عبد الفتاح السيسي لدولة جنوب السودان، والتي تعاني توترًا في العلاقات مع الخرطوم، يقلق نظام عمر البشير، في ظل اتهامات النظام السوداني الصريحة لمصر وجنوب السودان بدعم المسلحين المتمردين في إقليم دارفور، الأمر الذي نفته مصر وجنوب السودان.
وتعتبر دولة جنوب السودان، هي أكثر الدول التي تحصل على مساعدات من مصر، وتتمتع بعلاقات أكثر من جيدة معها، وحظيت بدعم مصري منذ اللحظات الأولى لقيامها، كما تشير الاتهامات لنظام مبارك بأنه كان من أكبر الداعمين لانفصال جنوب السودان، وأنه أرسل السلاح للمتمردين لدعم الانفصال .
المتمردين
واتهم الرئيس السوداني عمر البشير، مصر ودولة جنوب السودان بدعم قوات من حركات دارفور المسلحة حاولت التوغل في إقليم دارفور عبر محورين انطلقا من ليبيا ودولة الجنوب.
وعلى الرغم من توتر العلاقات بين السودان ومصر، لكن هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها الخرطوم، صراحة، القاهرة بدعم المتمردين السودانيين في دارفور.
وقال الرئيس البشير أمام احتفال لتكريم متقاعدي القوات المسلحة بوزارة الدفاع بالخرطوم، «إن قوات الجيش والدعم السريع غنمت مدرعات ومركبات مصرية أستخدمها متمردو دارفور في هجومهم الأحد الماضي على الولايتين».
وأوضح أن القوات المهاجمة انطلقت من دولة جنوب السودان ومن ليبيا على متن مدرعات مصرية.
وأشار الرئيس السوداني إلى امتناع مصر عن دعم بلاده في قتالها الطويل ضد التمرد في جنوب السودان وفي دارفور، مقابل مساهمة السودان في الحروب التي خاضتها مصر ضد إسرائيل منذ عام 1967 وحتى حرب أكتوبر 1973.
وقال «حاربنا في جنوب السودان عشرين عاماً ولَم تدعمنا مصر بطلقة واحدة بحجة أن ما يجري في السودان شأن داخلي».
وطالما اتهمت الحكومة السودانية حركات دارفور بالقتال ضمن قوات اللواء خليفة حفتر قائد عملية الكرامة في ليبيا والذي يحظى بدعم مصر.
حكومة الجنوب
قدم نظام السيسي دعمًا غير محدود لحكومة جنوب السودان، في حربها ضد المعارضين، وتتهم المعارضة المسلحة بجنوب السودان بقيادة رياك مشار النظام المصري بتقديم الدعم العسكري لحكومة الرئيس سلفاكير ميارديت التي تواجه تمردا منذ أواخر عام 2013.
وتؤكد المعارضة أن نظام عبد الفتاح السيسي قدم دعما عسكريا ولوجستيا لحكومة جوبا ومدها بطائرة عسكرية لإحكام سيطرتها على مدينة ملكال القريبة من مناطق إنتاج النفط بجنوب السودان أثناء دخول قوات المتمردين لبعض من أجزاء المدينة.
وكانت القيادة العسكرية للمعارضة المسلحة بجنوب السودان قد اتهمت القوات الجوية المصرية بقصف قواعدها في بلدة كاكا القريبة من ملكال وأشارت إلى وقوع حوالي تسعة انفجارات في مواقع لها.
دعم غير محدود
وفور انفصال دولة جنوب السودان سارعت مصر إلى إعلان دعمها للدولة والاعتراف بها كدولة مستقلة، بل وإقامة علاقات دبلوماسية معها.
وفي إطار دعم مصر لدولة جنوب السودان، أرسلت أكبر قوة لقوات حفظ السلام الدولية بجنوب السودان، كما شاركت مصر في تطوير المشروعات ودعم التنمية في دولة الجنوب، فقامت بوضع حجر الأساس لجامعة الإسكندرية في الجنوب، ومنحت أبناء الجنوب منحا دراسية سنوية بالجامعات المصرية، كما أقامت عيادة طبية بولاية جوبا الجنوبية، بالإضافة إلى البدء في تطهير مياه النيل، والذي يعد شريان الحياة لجميع دول حوض النيل، والرابط بين دولة الجنوب ومصر، من أجل الملاحة والمشاريع المشتركة في مجال المياه.
كما سعت مصر إلى زيادة دعمها لدولة جنوب السودان في مجالات التعليم والصحة والمشروعات الخدمية والبنية التحتية، والتعاون المشترك في كافة المجالات.
ونظمت مصر مؤتمرا في فبراير 2015 لعرض دراسات إقامة سد متعدد الأغراض في جنوب السودان، من أجل توليد الكهرباء وتوفير مياه الشرب لأكثر من 500 ألف نسمة في إطار دعم مصر لدولة الجنوب، كما قدمت مصر دعمًا ماديًا غير محدود لحكومة جنوب السودان.