تُهمٌ غير معلنة، وأماكن مجهولة جُهّزت للدعاة والشخصيات البارزة السعودية حتى يلتزموا الصمت تجاه الأزمة القطرية، وأن يتجاوبوا في الهجوم على دولة قطر، والمشاركة في الحملة الإعلامية التي تؤيد حصارها.
وبمجرّد أن حل مساء الأحد، عمد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى التخلص من أكبر دعاة المملكة والوطن العربي؛ فقاد هجومًا مباغتًا على أكثر من 20 شخصية في المملكة، وزج بهم في أماكن لم يُعلن عنها حتى الآن؛ من أبرزهم الداعيان سلمان العودة وعوض القرني.
وتمثّل حملات الاعتقال هذه ذروة هجوم ولي العهد السعودي على خصومه الإسلاميين الحركيين الذين يطالبون الحكومة بوقف الفساد المالي والإداري والإفراج عن المعتقلين السياسيين؛ بعدما اعتقلت السلطات السعودية العالِم الشيخ عبدالعزيز الطريفي أواخر شهر أبريل عام 2016.
اعتقال أكثر من 20 شخصًا
نقل الصحفي السعودي تركي شلهوب عن مصادر لم يسمّها أنّ عدد المعتقلين أمس واليوم فقط يتجاوز 20 شخصًا، مؤكدًا أن السلطات أقدمت على اعتقال الدكتور علي العمري، مدير قناة «فور شباب».
تأكد أيضا وللأسف #اعتقال_علي_العمري
ومصادر تتحدث عن أن عدد الذين تم اعتقالهم أمس واليوم فقط، يتجاوز الـ 20 شخصا !! pic.twitter.com/yKYp1wjBDO— تركي الشلهوب (@TurkiShalhoub) September 10, 2017
رفض الابتزاز
وقال مصدّر مقرب من «سلمان العودة» إنّه «أتته أوامر من مستشارين إعلاميين في جهات مسؤولة طالبوه فيها بشتم قيادة قطر شخصيًا ووصفها بالإرهابية والمعتدية؛ لكنه رفض الخضوع إلى الابتزاز».
ويوضّح أنّ سلمان كان يتصور «أنّ المسألة لا تعدو كونها اجتهادًا شخصيًا من المستشار، قبل أن يفاجأ بأنّ الأوامر صدرت من أعلى سلطة في البلاد».
ولمع نجم سلمان العودة، وهو أستاذ سابق في كلية الشريعة في تسعينيات القرن الماضي، عندما وقّع على «خطاب المطالب» الذي طالب الحكومة آنذاك بإحداث انفراجة سياسية في البلاد وبمشاركة شعبية أكثر؛ وانتهى الأمر باعتقاله لمدة خمس سنوات قبل أن يُفرج عنه عام 1999.
رفض الهجوم على قطر
وأكّدت صفحة «العهد الجديد»، التي تدعي أنّها مقربة من غرفة صانعي القرار داخل القصر الملكي في السعودية، نبأ اعتقال الداعية السعودي عوض القرني بعد ساعات من انتشار خبر اعتقال سلمان العودة.
وأوضحت الصفحة أنّ قوة من الديون الملكي السعودي اقتحمت أمس منزل الداعية واقتادته إلى مكان غير معلوم، بينما لم يُخبر أحد عن الأسباب أو مكان الاعتقال.
اقتحمت مساء أمس قوة من الديوان منزل الشيخ عوض القرني، واقتادته إلى مكان مجهول، ولم يتم إخبار أي أحد عن أسباب أو مكان الإعتقال.
— العهد الجديد (@Ahdjadid) September 10, 2017
وذكر «العهد الجديد» أنّ الديوان الملكي السعودي طلب من «عوض القرني» أن يساند موقفه في الأزمة مع قطر فرفض؛ فُهدد بالاعتقال، بحسب ما ذكر في تغريدة على حسابه.
للمعلومية اتصل الديوان على الشيخين عوض والعودة وطلبا منهما موقفا ضد قطر. أجابهما الشيخان: لن نكون معكم. قالوا لهم: نعتقلكم. قالا: إفعلوا ذلك
— العهد الجديد (@Ahdjadid) September 10, 2017
كما يعدّ عوض القرني أحد رموز فترة الصحوة التي عاشها المجتمع السعودي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، لكن خطّه لم يكن معاديًا للحكومة؛ ما أثار صدمة كبرى لدى الشارع السعودي لاعتقاله اليوم، وهو ما يشير إلى عشوائية الاعتقالات وقوتها هذه المرة.
ويرى نشطاء حقوقيون أنّ التهمة غير المعلنة لاعتقال سلمان العودة، الذي يحظى بانتشار واسع في الخليج العربي، بالإضافة إلى عوض القرني، هي الصمت ورفضهما المشاركة في الحملة الإعلامية التي رافقت حصار قطر عقب اختراق دول الحصار موقع وكالة الأنباء القطرية «قنا».
وفي شهر يونيو 2016، اعتقلت السلطات المفكر الإسلامي إبراهيم السكران لرفضه «رؤية 2030»، كما أمر ابن سلمان باعتقال شيوخ دين محسوبين على ابن عمه ولي العهد السابق محمد بن نايف؛ ومنهم سعد البريك، قبل أن يُفرج عنه ووضعه رهن الإقامة الجبرية.