كشفت واقعة تفجير كنيسة مارمرقس، في إبريل الماضي، عن انعدام تأهيل أفراد تأمين وحراسة المنشآت في وزارة الداخلية، خاصة بعدما اتضح أن العريف شرطة أسماء حسين فقدت حياتها، جراء تفجير تلك الكنيسة، بعد يومين من انتقالها للعمل في قوة تأمين الكنيسة، رغم أن تأهيلها المهني كان مكتبياً.
وقضت أسماء فترة طويلة من خدمتها في قسم إصدار التصاريح الأمنية بشرطة ميناء الإسكندرية، بينما لم تعمل إطلاقاً في تأمين المنشآت، وفقا لما كشفه شقيقها علي حسين لـ«العربي الجديد»، قائلا «وصلها قبل الحادث بيومين تكليف للالتحاق بعملها الجديد».
اللواء السابق فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق «الأمن الوطني حاليا) قال:«بوابة الأمن وحدها لا تكفي، لا بد من تأهيل فرد الأمن المعين خدمه أمام تلك البوابة»، مؤكدا أن هذه الحالة تكشف أن أفراد الشرطة المكلفين بالعمل في تأمين المنشآت والمراقبين للبوابات لم يتم تأهيلهم بشكل كاف ولم يحصلوا على تدريبات على كيفية التعامل مع أدوات كشف المفرقعات أو البوابات الأمنية».
وأشار علام إلى أن هذا القصور، يعد سببا لتأجيل موسكو المتكرر إعادة السياح الروس إلى مصر، منذ حادث تفجير الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء في أكتوبر من عام 2015، بالرغم من اقتناء الأجهزة المعنية في مصر أحدث أنظمة الأمن الإلكترونية، قائلا «يبدو أن هناك تخوفا من كفاءة العنصر البشري المعني بالعمل على تلك المنظومات».
يذكر أن تفاصيل التحقيقات في القضية رقم 1040 لسنة 2016 والمعروفة اعلاميًا بقضية تفجيرات الكنائس (البطرسية والإسكندرية وطنطا) كشف عن سماح قوة تأمين كنيسة مارجرجس بطنطا، لكل المصلين بالمرور من البوابة الإلكترونيه للكنيسة دون إيقاف أحد منهم حتى مع سماع صافرة الإنذار التي كانت تنطلق بين الحين والآخر، «بسبب تزايد أعداد المترددين على الكنيسة في ذلك اليوم الذي وافق عيد السعف (أحد الشعانين)، في ظل تذمر المصلين من إعاقة حركتهم، وهو الأمر الذي استغله الانتحاري حتى يمر بالحزام الناسف من بوابة التأمين الإلكترونية وينفذ عمليته».
الجيش والشرطة مؤسسين لشركات أمن
تعمل 312 شركة في مجال الأنظمة الأمنية طبقا لدفاتر إدارة التصاريح في مجمع خدمات الاستثمار التابع للهيئة العامة للاستثمار في القاهرة، من بينها 92 شركة حصلت على تصاريح لمزاوالة نشاطها في عام 2016، “غير أن 80% من ملاك ومؤسسي تلك الشركات ضباط شرطة أو جيش سابقون، وعدد ليس بالقليل من النسبة المتبقية لتلك الشركات (20%)، يملكها ضباط حاليون من الباطن يسجلون الشركات بأسماء زوجاتهم أو أخواتهم أو أحد أقاربهم.
وتحتاج تلك الشركات إلى موافقات أمنية لا يستطيع غير ضباط الجيش أو الشرطة الحصول عليها لاستكمال أوراق التأسيس، وفق ما أكده مصدر مطلع بمجمع خدمات الاستثمار طلب عدم ذكر اسمه للحفاظ على أمنه الشخصي.
7 آلاف بوابة إلكترونية
استوردت مصر 7 آلاف بوابة أمنية إلكترونية خلال عامي 2015 و2016، إلا أن منفذي 4 حوادث إرهابية جرت خلال العامين الماضيين مروا من بوابات التأمين الإلكترونية، ونفذوا عملياتهم دون أن توقفهم البوابات أو أفراد الأمن العاملون عليها، فمن يتحمل المسؤولية، العنصر البشري أم مشكلة فنية في البوابات؟
نجاهل صفارات الإنذار
عبر تسجيلات كاميرات المراقبة شاهد أعضاء النيابة العامة ومسؤولون في وزارة الداخلية والكنيسة منفذ انفجار كنيسة مارجرجس بمدينة طنطا في إبريل الماضي، وهو يدخل وسط المصلين عبر البوابة الإلكترونية الموجودة أمام باب الكنيسة ثم عبر أخرى كانت مثبتة داخل الكنيسة بالقرب من قاعة الصلاة.
وطبقا لما قاله مصدران قضائيان أحدهما في نيابة أمن الدولة العليا وآخر من نيابة وسط طنطا لـ«العربى الجديد» فإن تسعة شهود ومصابين أكدوا أن البوابة أصدرت صوت إنذار، لكن لم يوقف أحد من قوة التأمين الانتحاري أو غيره من المترددين على الكنيسة.
وهو ما تكرر أيضا في حادث تفجير الكاتدرائية بالقاهرة في ديسمبر من العام الماضي، إذ رصدت الكاميرات مرور الانتحاري مسرعا عبر البوابة التي لم يقف أمامها أفراد الأمن، أيضا في يوينو من عام 2015 رصدت الكاميرات الانتحاريين منفذي تفجير وقع في ساحة معبد الكرنك الأمامية بالأقصر، بينما يمر الأول عبر البوابة مرتديا حزاما ناسفا، فيما عبر الثاني بوابة أمن الجراج.
ولم يوقفهما أحد إلا بعد أن فجر أحدهما نفسه وقتل الأمن الثاني، كما أكدت التحقيقات أيضا أن منفذ الهجوم على سائح بفندق في الغردقة خلال يناير من عام 2016 مر أيضا من البوابة الموجودة في مدخل الفندق، ولم يفتشه أحد، رغم أن صوت الإنذار كان واضحا للجميع بحسب تحقيقات النيابة العامة.
وبسبب تكرار تلك الحوادث أجرت وزارة الداخلية تحقيقات إدارية خلصت نتائجها، كما يقول اللواء رفعت عبد الحميد خبير العلوم الجنائية، مدير إدارة المباحث الجنائية في الإسكندرية سابقا، إلى أن تراخي العنصر البشري يقف خلف اختراق تلك المنظومات الأمنية الإلكترونية.
نتيجة التحقيق.. خصم راتب شهر
وانتهت التحقيقات الإدارية مع أفراد الأمن المكلفين بتأمين الكاتدرائية المرقسية في القاهرة إلى خصم راتب شهر منهم، وحرمانهم من الترقية لمدة عامين ونقلهم إلى وظائف إدارية، بحسب ما كشفه مسؤول أمني كبير.
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لكونه غير مخول بالكشف عن تلك المعلومات:«حققنا معهم لأنهم كانوا بعيدين عن البوابة الأمنية وقت دخول الانتحاري وتنفيذ جريمته»، مؤكدا التحقيق مع أفراد أمن كنيسة مارجرجس بطنطا لسماحهم للمترددين على الكنيسة بالدخول دون تفتيش.
الكنائس تفضل البوابات الصينية
عقب تفجيري كنيستي مارجرجس ومارمرقس، زاد الطلب على البوابات من قبل مسؤولي الكنائس، بحسب ما كشفه أحمد عبد الله، المهندس بشركة واي تك لأنظمة الاتصالات والأنظمة الأمنية، قائلا «مخازن الشركة أصبحت فارغة تماماً من البوابات الإلكترونية، مفيش ولا بوابة في المخزن، ولأول مرة الطلب عليها يكون رهيب كدا»، وأوضح أن عدداً من الكنائس في محافظتي أسيوط وبورسعيد اشترى القائمون عليها البوابات الصينية، والتي يعتبرها أقل الأنواع كفاءة وكشفاً للمعادن.
بينما يرى الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص أن عملية شراء أدوات تأمين الكنائس تُحدد بناء على حجم الكنيسة وعدد المترددين عليها، وأكد، أنه يتم شراء أجود وأحدث الأدوات مثل بوابات التأمين أو كاميرات المراقبة، قائلا “قد يكون شراء بوابات صينية حصل فعلا، ولكن المهم هل تعمل أم لا؟».