سلطت الكاتبة سمية الغنوشي، الضوء على التحولات التي تشهدها المملكة العربية السعودية، خلال الفترة السابقة، حيث الانفتاح المجتمعي، وتغيرات النهج بخصوص المرأة، والتي بدأت بالسماح لهن بدخول الملاعب الرياضية وحضور احتفالات العيد الوطني لأول مرة، في الوقت التي تشدد فيه الخناق على المؤسسات الدينية بعد قرارها إلغاء دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
واعتبرت الكاتبة أن الإجراءات السعودية إلى هذا الحد، تعد أمرا محمودا، في بلد عرف بصرامته الدينية البالغة. أن يتجه هذا القطر العربي والإسلامي المؤثر إلى نوع من التحرر الاجتماعي وتفكيك قدر من القيود المفروضة على المرأة.
وتسائلت الكاتبة في مقال لها بعنوان «السعودية: من التسلط الديني إلى التسلط العلماني»، نشره موقع «عربي 21» «لماذا أقدمت السعودية على هذه الخطوات الفجائية الآن تحديدا؟ وما أهدافها المخفية ومراميها المستبطنة؟».
وقالت الغنوشي، إن السعودية قمت في أصلها على نوع من التحالف المعلن بين شوكة آل سعود ودعوة محمد بن عبد الوهاب، في إطار من العقد المتبادل بين الطرفين، حيث تضفي المؤسسة الدينية غطاء الشرعية على مؤسسة الحكم، عبر الولاء والبيعة للحكام.
وأضافت الغنوشي، أنه «بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي تورطت فيها عناصر سعودية معروفة، بدأت المؤسسة الدينية تشكل نوعا من العبء الثقيل على الساسة السعوديين».
وأوضحت، أن ما يجري الآن في المملكة «في ظل صعود نجم ولي العهد الشاب محمد بن سلمان هو توجه منهجي نحو لجم المؤسسة الدينية إلى أبعد حد ممكن والاكتفاء بإسباغ غطاء الشرعية والبيعة لحكم الأمر الواقع».
وأكدت أن دخول النساء الملاعب الرياضية والعروض الغنائية وقاعات المسارح والسينما، وربما السماح في وقت قريب بقيادة السيارة والاختلاط بالرجال في الساحات الخاصة والعامة، هو انتهاج سياسة لبرلة على المستوى الاجتماعي.
ولفتت إلى أنه بالرغم من السعودبة الجديدة التي تدفع لها المملكة بكل قوة، إلا أن ما يهم هو «ألا يقترب أي كان من المنطقة المحرمة: أي التحديث السياسي، بما هو تقييد وضبط للحاكم في مجال السلطة والمال، وإتاحة حرية التعبير والتنظم السياسي والاجتماعي أمام المواطنين نساء ورجالا».
وقالت إن ما يجري «هو عملية تحديث فوقي مشوه، وفق أجندات سياسبة محددة، بغاية التسويق الخارجي أن السعودية باتت اأكثر تطابقا مع الوصفة الدولية»، في ظل مطالبة قوى ونخب كثيرة، إصلاح سياسي جدي في المملكة.
وأضافت «أن ما يراد لنا أن نستغرق في مظاهر الاحتفالات الكرنفالية الصاخبة وصور النساء المبتهجات في شوارع الرياض، فلا نرى قوات الأمن وهي تحاصر بيوت الأكاديميين والمفكرين والدعاة وتعتقلهم، نصفق لها وهي تفتح مدرجات الإستادات للفتيات المتمايلات جذلى، فيما تزج بالمثقفات والناشطات في غياهب السجون والمعتقلات، مثل الدكتورتين رقية المحارب ونورة السعد اللتين شملتهما حملة الاعتقالات الأخيرة».
ووصفت ما تحاول المملكة الوصول غليه هو تحديث اجتماعي مشوه، من دون حريات سياسية حقيقية، ومن دون تغيير جدي على مستوى بنية الحكم.
واختتمت بأن «السعودية تقترب بهذا من نموذج مصر مبارك وتونس بن علي، إلى التحديث من دون حداثة، الانفتاح الاجتماعي في إطار من الانغلاق السياسي»، مضيفة «هذا عنوان المرحلة الجديدة في السعودية الجديدة السعيدة. ولا نملك إلا أن نقول: كان الله في عون أهلها الطيبين».