طوال سنوات كانت العقبة أمام قيادة المرأة السعودية للسيارة هي الرؤية الشرعية من وجهة نظر العلماء في المملكة، حيث كانت فتواهم منسجمة مع رأي الملك بحرمانية قيادتها لسيارة بحجة اختلاطها في الشوارع مع السائقين الرجال.
أما القانون السعودي، فلا يحوي أي بند يحول دون إصدار رخص قيادة للمرأة، ولكن الأمر الواقع في المجتمع السعودي كان يمنع قيادتها، وهو ما ألمح إليه ولي العهد السعودي، خلال حديثه في إبريل 2016 عن رؤية 2030، حين قال «إلى اليوم، المجتمع غير مقتنع بقيادة المرأة، ويعتقد أن لها تبعات سلبية جداً.. ولكن أؤكد أن هذه مسألة لها علاقة بشكل كامل برغبة المجتمع السعودي، لا نستطيع أن نفرض عليه شيء لا يريده، لكن المستقبل تحدث فيه متغيرات، ونتمنى دائما أن تكون متغيرات إيجابية».
الهيئة مع ولاة الأمر
لا شك أن الجدل الذي أعقب القرار، كان السبب فيه هي الإشارة التي تضمنها القرار بموافقة «هيئة كبار العلماء»، والتي أباحت فجأة قيادة المرأة للسيارة قائلة إن «الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأن مرئيات من تحفظ عليه تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن».
وأعقب القرار تغريدة لحساب الهيئة على تويتر، قالت فيها «المملكة العربية السعودية تأسست على الكتاب والسنة، ونحن مع ولاة أمرنا في كل ما يرونه مصلحة للبلاد والعباد، وهذا مقتضى البيعة الشرعية».
فتاوى حرمت القيادة
كانت ابرز الفتاوى التي اعتمدت عليها المملكة في تشريعاتها، للمفتي السابق للمملكة، الشيخ عبدالعزيز ابن باز، والعالم الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وكلاهما أفتيا بحرمة قيادة المرأة للسيارة،
وأجاب بن باز على سؤال حول قيادة المرأة، فقال «تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها، منها: الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها: السفور، ومنها: الاختلاط بالرجال بدون حذر، ومنها: ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور».
ومن جهته، قال بن عثيمين في فتوى له، «إن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كبيرة، منها نزع الحجاب، لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال.. ونزع الحياء منها (المرأة)، والحياء من الإيمان.»
وأضاف، «أن من مفاسدها أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده لأنها وحدها في سيارتها متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل».
أبرز الفتاوى الغريبة بخصوص القيادة
لم تتوقف الفتاوى والمفاسد على خشية بعض العلماء من تأثير إعطاء الحرية للمرأة على قيمها وأخلاقها وطباع المجتمع السعودي، بل وصلت إلى الترهيب من خلال مفاسد وهمية منها السُكر، وفساد العقل وأضرار طبية.
- مبايض المرأة تتأثر بالقيادة
وأشار الداعية السعودي الشهير صالح بن سعد اللحيدان، خلال لقاء له على قناة روتانا خليجية، عام 2013، إلى المفاسد الفسيولوجية، التي تتعرض لها المرأة جراء قيادتها للسيارة.
وأفتى اللحيدان بعدم جواز قيادة المرأة للسيارة، بزعم تأثيرها على «مبايض» المرأة، وقال إن الحوض يرتد لأعلى أثناء القيادة مما يؤثر على المبايض نتيجة الضغط عليه.
- من مفاسد القيادة الخروج لشرب العصير
وتداول نشطاء مقطع فيديو لأحد الدعاة السعوديون، يشرح خلاله المفاسد المتوقعة إذا سُمح للنساء بقيادة السيارات، وقال ما منعت من قياداتها إلا للمفاسد المتوقعة حال السماح بها.
وضرب الشيخ السعودي مثلا بأن «بعض الفتيات قد يمرون على بعضهن ويذهبون لشرب العصير، أو تتجول بسيارتها بين المحاضرات في الجامعة».
#الشعب_يرفض_قياده_المراه لأنها تسبب مفاسد!
مثلا
تروح مع صديقاتها تشرب عصير🍹وبئس المصير👎
🚫شرب العصير من اعظم المفاسد🛇pic.twitter.com/EKj9C3ZoPX— إبراهيم المنيف (@altamimi14) September 27, 2017
- المرأة قد تعود سكرانة
وقال الداعية السعودي،الدغيلبي، الشهير بأبو زقم، إن المرأة إذا سمحت لها السلطات بقيادة السيارة، سوف تعود متأخرة كل ليلة، والبعض منهن سترجع المنزل وهي «سكرانة»، ولن تسوي غداء.
#الشعب_يرفض_قياده_المراه لأنها قد ترجع البيت سكرانة وما تسوي غداء!
كيف سُمِحَ لهم بتصدّر المنابر وتسميم فكر المجتمع؟pic.twitter.com/UVdhXcUeOX— إبراهيم المنيف (@altamimi14) September 27, 2017
- المرأة بربع عقل فلا تقود
وفي 2015، قال عضو الإفتاء بمنطقة عسير فضيلة الشيخ الدكتور/ سعد الحجري، إن المرور لا يمكن أن يعطي رخصة للمرأة لأنها بنصف عقل، وسأل الحاضرين، عما إذا اكتشفت هيئة المرور أن رجلا له نصف عقل فهل تعطي له رخصة أم لا.
وأضاف أن المرأة إذا خرجت إلى السوق لم يتبقى لها إلا ربع عقل، «فلا تليق بها القيادة وهي لا تملك إلا ربع عقل».
الرد على مبررات الرافضين للقرار
وناقشت عضوة مجلس الشورى السعودي «لطيفة الشعلان»، خلال جلسة مبررات الرافضين للقرار، وقالت إن القول بإن المجتمع السعودي غير جاهز، هو أمر يسيء لنا « فكيف يكون المجتمع في اليمن، في تونس، في مصر، في إيران وباكستان مجتمعا آمنا لقيادة نسائه ولا يكون مجتمعنا العربي الأصيل، المسلم المعتز بإسلامه آمنا».
وأوضحت إن إثارة البعض يشيطن الرجل السعودي، وكأنه سينقض على المرأة إذا قادت سيارتها، واعتبرتها «صورة ظالمة»، موضحة «أما الشاذ فهو موجود في كل مكان، والشواذ تردعهم القوانين».
وعن أولويات الإصلاح، قال الشعلان إن «هذه الحجة فتحت بابا واسعا للمزايدة، وكأنما إقرار القيادة هو الذي سوف يمنع حل موضوعات أخرى كالبطالة والإسكان وغيرها، الحقوق لا تخضع لمبدأ الأولويات لأن لا أحد يملك الحق في تقدير سلم متدرج للأولويات التي تختلف باختلاف معاش الناس وظروفهم وما ليس أولوية لفئة من الناس هو أولوية ماسة لفئة أخرى».
سبتمبر شهر المرأة السعودية
ولا تزال كافة القرارات المتعلقة بالمرأة، تثير جدلا في المجتمع السعودي، ووصفت صحيفة عكاظ السعودية، سبتمبر بأنه شهر لحقوق المرأة.
واستعادت الصحيفة، قرار للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بالسماح للمرأة السعودية بالدخول إلى مجلس الشورى،والترشح للمجالس البلدية، في 25 من سبتمبر 2011، وهو ما واجه صعوبات في تقبله في بادئ الامر.
وتابعت الصحيفة: «في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، صدر الأمر السامي مساء أمس الثلاثاء في شهر سبتمبروالذي سمح للمرأة السعودية قيادة السيارة، ليكتب لها تاريخاً جديداً، ويتوج شهر سبتمبر بتاريخ شديد الأهمية للمرأة السعودية».
