أعلنت المستشارة الألمانية استمرارها في المفاوضات مع الاحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي حتى نهاية العام، عقب انتهاء الانتخابات التشريعية، حصل حزب تحالف «ميركل المسيحي» على 33%، متراجعا عن العام الماضي.
صعود التيار اليميني
أتت نتائج الانتخابات الالمانية لتمثل صعود قوي للتيار اليميني المتطرف على حساب الأحزاب والتيارات التقليدية، بعد ان حصل «حزب البديل من أجل ألمانيا» على 12.6% ليكون ثالث أقوى حزب في البلاد، وبذلك سيمثل في برلمان برلين للمرة الأولى.
وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحليف الأساسي لحزب المستشار الألمانية، حصل على 20.5%، ليسيطرا الحزبين على النسبة الأكبر في البرلمان.
ويعد حزب البديل، الصاعد هو نتاج استخدام خطاب الإسلاموفبيا، منذ تأسيسه سنة 2013 بعد استغلاله القلق المسيطر من التحولات العالمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والديموغرافية.
مفاوضات الأحزاب
دخلت المستشارة الألمانية في مفاوضات بشأن الحكومة الجديدة مع «الحزب الديمقراطي الحر» و«حزب الخضر»، وأيضا مع «الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، الشريك الحالي في الحكومة.
ولكن الاختلافات الجوهرية بين الأطراف، تضرب الائتلاف الحاكم قبل بدايتها والذي عرف بـ « ائتلاف جامايكا»، ما جعل كتلة «حزب الخضر» أعلنت، أنها لا تستبعد انتقالها إلى المعارضة، نظرا لخلافاتها مع شركائها (ائتلاف ميركل والديمقراطيين الأحرار) في الائتلاف الحكومي المرتقب بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة.
- الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري «الاشتراكي الديمقراطي»
يعتبر موضوعي الهجرة والأمن الداخلي هو المعيار لكل المحادثات التي تجريها الأحزاب في مفاوضتها، ويصر الحزب في مفاوضات الائتلاف الحاكم، بوضع حد اقصى للاجئين، في حين يرفض الشريك الساسي «الديمقراطي المسيحي» الشرط الذي يضعه في حق اللاجئين.
وأعلن «الحزب» الذي يرأسه أقوى منافسي ميركل، مارتن شولتز، بانتقاله إلى صفوف المعارضة بعد خسارته في الانتخابات، ويقول في هذا الشأن تيمو لوشوكي المحلل السياسي في مركز «جيرمان مارشال فاند»، « أن الحزب يمكنه أنه يستفيد من تمضية بعض الوقت في المعارضة، بعد أن خسر هذا الحزب جزءا من قاعدته الشعبية بعد إقرار إصلاح لسوق العمل والمساعدات الاجتماعية بين 2003 و2005»، بحسب «مونت كارلو الدولية»
انتقال الحزب لصصفوف المعارضة، يدفع الحكومة لائتلاف ثلاثي مختلف التوجهات «محافظ-ليبرلي-خضر»، وهم ما قد يعصف بالحكومة نتيجة اختلاف شديد في الرؤى والسياسات.
- حزب الخضر
يضع حزب الخضر، شروطا أمام استكمال المفاوضات في الائتلاف أبرزها ما بتعلق بمكافحة تغير المناخ وتجاوز الأزمة داخل الاتحاد الأوروبي.
وأعلن الحزب رفضه لإجراء مفاوضات بشأن الدخول في ائتلاف حاكم إذا أصر الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري على مطلبه بوضع حد أقصى لاستقبال اللاجئين في ألمانيا.
وقالت رئيسة الحزب، زيمونه بيتر، إنه «يجب على الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري أن يكيّف نفسه على ذلك إذا كان يريد إجراء مباحثات جادة بشأن الائتلاف».
وأوضحت بيتر، «بوصلتنا السياسية هي حماية اللاجئين وحقوق الإنسان، لذلك ينبغي جلب أسر اللاجئين المعترف بهم».
وحول إمكانية الوصول غلى ائتلاف حاكم بعد المفاوضات، قالت ذكرت كاترين غورينغ-إيكارت، القيادية في كتلة «الخضر»، أن «الائتلافات من هذا النوع ممكنة فقط في حال اعتراف بعض الأطراف بمصالح البعض الآخر»، مشيرة إلى أن «هناك خلافات جسيمة فيما بينه، وستكون المشاورات مع الأحزاب الأخرى صعبة في كل حال من الأحوال».
- الحزب الديقراطي الحر
يمثل الحزب الديقراطي الحر والذي حصل على 10.7% في الانتخابات، نقطة محورية في المفاوضات، فعلى صعيد المحادثات مع الحزب الحاكم ، يوجه مطالبات بتغيير السياسة الحكومية، من أجل الخوض في مفاوضات لـ«جامايكا»، كما أنه يعقد المشهد من جهة أخرى، بخلافات مع «الخضر» حول ملفات مثل الطاقة والضرائب والهجرة والاتحاد الأوروبي.
اللاجئين في المانيا
ومع صعود التيار المتطرف في ألمانيا، تبقى قضية اللاجئين في ألمانيا، ملف شائك، حيث استقبلت ألمانيا حتى 2016، 295 ألف لاجئ على أراضيها.
وفي الوقت الذي يطالب أحزاب من تحسين أوضاع اللاجئين وعدم وضع حد لاستقبالهم، بنت الاحزاب اليمينة المتطرفة، قاعدتها الانتخابية، عبر خطابات الكراهية والعداء ضد اللاجئين، وهو ما يدفعها للمطالبة بغلق الأبواب أمامهم، مستغله الحالة الأمنية في أوروبا.
ويقول الباحث حسام شاكر الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الأوروبية في مقال له بعنوان «التطرف يربح في انتخابات ألمانيا برداء جديد»، إن «فائزو الجولة الانتخابية الساخنة بلا منازع هم يمينيون متطرفون برزوا سريعاً في رداء جديد، وقد أعادوا إنتاج حضورهم وخطابهم عبر برنامج مكرّس للعداء للمسلمين وكراهية اللاجئين، مع تضخيم الوعي ببعض المشكلات في الواقع».
وأضاف «تكتسب وصفة «البديل لألمانيا» جدواها من ركوب موجة الإسلاموفوبيا وتأجيجها بلا هوادة، مستفيدة من حالة هوس عارمة يشارك في تصعيدها سياسيون من أحزاب عدة علاوة على بعض رموز المجتمع، فضلاً عن تغطيات إعلامية تجد فرصتها في التسخين الذي يجعل المسلمين واللاجئين في مركز الاستهداف.