تحل الذكرى السابعة عشرة لـ«انتفاضة الأقصى» التي اندلعت يوم 28 سبتمبر عام 2000 بمدينة القدس واستمرت لمدة خمس سنوات وأسفرت عن استشهاد 4412 فلسطينيًا وإصابة 48322 آخرين، وقُتل 1069 إسرائيليًا وأصيب 4500 آخرين.
بمجرد اقتحام رئيس الوزراء الاحتلال وقتها أرييل شارون المسجد الأقصى في مدينة القدس، بحماية كبرى من قوات جيش الاحتلال وشرطته؛ اندلعت الشرارة الأولى للانتفاضة بمواجهات بين المصلين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الموجودين في المكان، وأدت إلى استشهاد سبعة فلسطينيين وجرح 250 آخرين، وإصابة 13 جنديًا من الاحتلال.
ولم تقتصر المواجهات على مدينة القدس فقط؛ إذ امتدت لتشمل مدن الضفة الغربية وقطاع غزة كافة، وتطوّرت إلى مواجهات عنيفة.
ويُجمع مراقبون على أنّ السياق الذي اندلعت فيه انتفاضة الأقصى يختلف بشكل كلي عن سابقتها؛ إذ خاض الفلسطينيون الانتفاضة الأولى عام 1987 لتحقيق شعار الحرية والاستقلال على طريق إقامة الدولة الفلسطينية، بينما انتفضوا عام 2000 على مسار اتفاقية أوسلو؛ لشعورهم باليأس من إمكانية تحقيق الاستقلال تحت مظلة هذا المسار.
تداعيات الانتفاضة
ومن بين أبرز تداعيات الانتفاضة الثانية شروع الكيان المحتل عام 2002 في بناء الجدار العازل؛ لمنع دخول الفلسطينيين من محافظات الضفة الغربية داخل الخط الأخضر ومدينة القدس المحتلة.
وقادت قوات الاحتلال اجتياحات عسكرية واسعة في مدن متفرقة من الضفة الغربية وقطاع غزة، وشهدت تلك الفترة تدميرًا لآلاف من منازل الفلسطينيين، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية.
كما اغتال الاحتلال شخصيات بارزة؛ بينهم مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشيخ أحمد ياسين والقيادي بالحركة عبدالعزيز الرنتيسي، إضافة إلى أمين عام الجبهة الشعبية أبي على مصطفى، وقائد الجناح المسلح لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) رائد الكرمي.
وبالرغم من تدمير البنى التحتية للمؤسسات الفلسطينية وممتلكات المواطنين أثناء الاجتياحات الواسعة التي نُفّذت في الضفة الغربية، مني الكيان المحتل بخسائر فادحة أيضًا؛ لعل أبرزها ضرب قطاع السياحة واقتصاد المستوطنات لسنوات، وسقوط فلسفة الجيش الذي لا يُقهر بعد مقتل قائد وحدة الهبوط المظلي، بالإضافة إلى 58 جنديًا وإصابة 142 آخرين في مخيم جنين.
أما تطوّر صناعة الصواريخ في قطاع غزه لكل فصائل المقاومة أثناء الانتفاضة الثانية كان -وما زال- أكثر ما يقض مضجع الكيان المحتل.
وفي أبريل عام 2002 اعتقلت قوات جيش الاحتلال مروان البرغوثي، من أبرز قادة حركة فتح، وحكمت عليه بالسجن المؤبد.
وشهدت الانتفاضة إعادة احتلال «إسرائيل» إلى مدن الضفة الغربية عام 2002؛ إذ أصبحت قوات الاحتلال تجتاح مراكز المدن بعد أن كانت تحاصرها من الخارج فقط.
كما توفي أثناء الانتفاضة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، في 11 نوفمبر عام 2004، وسط شكوك كثيرة بتعرضه إلى التسمم من عملاء الاحتلال.
توفير الأمن لـ«إسرائيل»
وما بين وفاة عرفات والوضع الحالي للسلطة الفلسطينية، رأى المحلل السياسي هاني المصري، في تصريحات نفلتها قناة الجزيرة، أنّ القيادة الفلسطينية الحالية للرئيس محمود عباس دخلت مرحلة جديدة بعد الاغتيال جعلتها مطيعة وأكثر التزامًا بما ورد في اتفاقية أوسلو، التي باتت تطبقها وحدها.
وتابع: «أرادت السلطة الفلسطينية إثبات جدارتها بالالتزام في توفير الأمن لإسرائيل وبناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال؛ ما دفع إسرائيل إلى تهميش القيادة الفلسطينية؛ لأنها لم تعد تشكّل لها خطرًا، ومضت في تحقيق ما تريد دون الالتزام بواجباتها للفلسطينيين».
ويعتبر مراقبون أنّ الانتفاضة توقفت في الثامن من فبراير عام 2005، بعد اتفاق هدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، برعاية مصرية؛ وبعدها بأشهر انسحبت «إسرائيل» كليًا من قطاع غزة في صيف عام 2005، تحت اسم خطة فك الارتباط الأحادي الجانب.
مطالب بالحماية الدولية
وطالب العشرات من الفلسطينيين الأمم المتحدة بـ«حماية الشعب الفلسطيني، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها»، مؤكدين «ضرورة أن تنفّذ الأمم المتحدة قراراتها ذات العلاقة».
ورفع المشاركون في وقفة نظمتها القوى الوطنية والإسلامية أمام مكتب الأمم المتحدة في رام الله شعارات تدعو إلى حماية الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وإلى ضرورة تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومحاسبة «إسرائيل» على جراءمها بحق الفلسطينيين.
وسلّمت طفلة فلسطينية ترتدي الثوب الفلسطيني التراثي مدير مكتب الأمم المتحدة في رام الله مذكرة تدعو إلى حماية دولية للفلسطينيين ولمحاسبة «إسرائيل» وتطبيق القرارات ذات العلاقة من الأمم المتحدة.