رغم وجود الأكراد في 4 دول هي إيران وتركيا وسوريا والعراق، إلا أن أكراد إيران يطالبون بالاستقلال بتوقٍ يماثل ذلك الذي يبديه إخوانهم في إقليم كردستان العراق وربما يزيد.
وبحسب تقرير لمجلة إيكونوميست البريطانية الجمعة 29 سبتمبر 2017، فإن إيران لديها مخاوف أكثر من غيرها لأن الأكراد ولمدة سبعة قرون كانوا إقطاعية مستقلة خاصة بهم إلى حدٍ ما، تُدعى أردلان، استقرَّت في الجبال بين الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية.
كما أنَّ الأكراد الإيرانيين هُم أشبه كثيراً بأمثالهم العراقيين. فهُم يتحدثون بنفس اللهجة، السورانية، ويتبع معظمهم مذهب الإمام الشافعي السُنّي. وتميل الحركات السياسية التابعة لكلا الطرفين الانضمام لبعضها البعض عبر الحدود، بحسب المجلة البريطانية.
وتابعت المجلة البريطانية، بينما كان الجو العام في شوارع المدن الكردية بالعراق مكبوتاً وقلقاً بعد استفتائهم على الاستقلال يوم 25 سبتمبر، اندلعت احتفالات أعنف عبر الحدود في كردستان الإيرانية.
وأشارت المجلة إلى أن في المدن الكردية بانه، وسنندج، ومهاباد اندلعت احتجاجات استمرت ليومين وأسفر عنها اعتقال العديد من الأشخاص.
وتحدَّث بعض الأكراد الإيرانيين حالمين بدولة لقبوها باسم «روج هلات»، أو كردستان الشرقية، تتخلَّص من احتلال عجمستان، وهو مصطلح ازدرائي تُقصَد به إيران.
ونقلت المجلة البريطانية عن لقمان ستوده، وهو كردي إيراني بارز قوله: «هُناك شعورٌ جديدٌ بالثقة بالنفس بين الأكراد. إذ وقف العالم أجمع في وجه استفتائهم، لكنَّهم أجروه رغماً عنهم».
ويقول مسؤولون أكراد أنَّ أكثر من 90% من الناخبين صوَّتوا لصالح الاستقلال.
غضب إيراني
وعبَّر الأئمة الحُكَّام في العاصمة الإيرانية طهران عن غضبهم الشديد تجاه الاستفتاء، مُهدِّدين بسحق التجربة الكردية للحكم الذاتي في العراق. وشبَّهوا دولة كردستان المُحتَمَل قيامها تلك بإسرائيل أخرى (وإسرائيل من جانبها تدعم الاستفتاء الكردي)، كذلك تعهَّدوا بأن تصبح كردستان بدلاً من ذلك قطاع غزة آخر.
وقال علي أكبر ولايتي، وهو مستشارٌ للمرشد الأعلى الإيراني: «طهِّروا العالم الإسلامي من بقعة العار تِلك». ومنذ شهر واحد فقط اندلعت مظاهراتٌ في عدة مدنٍ كردية إيرانية وقُمِعَت باستخدام الغاز المسيل للدموع، بحسب المجلة البريطانية.
وتخشى إيران أيضاً أن تُغري هذه الأحداث أعداءها الدائمين، السعودية وإسرائيل، باستخدام دولة كردستان العراقية المستقلة كمنصةٍ لإثارة القلاقل عبر الحدود في إيران، كما تستخدم إيران وكيلها اللبناني، حزب الله، لتهديد إسرائيل من جهة حدودها الشمالية. والأدهى من ذلك أنَّ في إيران الكثير من الجماعات الإثنية التي قد يلزم كبحها. وما يخشاه حُكَّام إيران هو أنَّه في حال تمرَّد الأكراد، فإنَّ عرب إيران، وأتراك أذربيجان، والبلوش، وأقليَّات أخرى، وهم في مجملهم يقاربون ثُلث سكان الدولة الإيرانية ذات الأغلبية الفارسية، سيحذون حذوهم، بحسب الإيكونوميست.
وفي أبريل الفائت، قتلت جماعة بلوشية داعية للانفصال عن إيران عشرةً من حرس الحدود الإيراني. وفي مايو هاجمت ميليشيات من العرب مخفر شرطة بمدينة الأهواز ما أسفر عن مقتل شرطيين.
كذلك تغلغل أكراد إيرانيون سُنَّة بين صفوف تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على نحوٍ ثابت، إذ يدعو تنظيم داعش بدوره لإسقاط نظام إيران الشيعي. ويُرجَّح أن هجوم داعش الذي استهدف البرلمان الإيراني وضريح آية الله الخميني قد نَفَّذه أكراد إيرانيون جهاديون.
وتخشى جميع الدول المحيطة بكردستان العراق -وهي إيران، وسوريا، وتركيا، وما يتبقّى من العراق العربي- أنَّ الاستفتاء قد يُحرِّض على عودة الحركة القومية الكردية. ويُعتَقَد أنَّ هناك أكثر من مليونيّ كردي في سوريا، ونحو الخمسة ملايين في العراق، وخمسة ملايين آخرين في إيران، و18 مليوناً في تركيا. ووضعت تركيا دباباتٍ على حدود دولة كردستان الصغيرة. بينما هدَّد رئيسها، رجب طيب أردوغان، بإيقاف خط الأنابيب الوحيد الخارج من كردستان لتصدير النفط وبإغلاق حدودها، بحسب المجلة البريطانية.
إذا قام الأكراد الإيرانيون بثورة جدية، فإنَّ الأفضلية في هذا الوضع ستكون للقوات الإيرانية. إذ استغرقهم الأمر بضعة أشهر فقط للقضاء على جمهورية مهاباد في عام 1946. وقد جرى أيضاً سحق تمرُّد كرديّ آخر نشب إبان قيام الثورة الإسلامية في إيران 1979، وأسفر عن وقوع 10 آلاف قتيل. ومع ذلك، فإنَّ هذا الاستفتاء قد أحيا مخاوف قادة إيران مجدداً.
المصدر: هاف بوست
