قال موقع «دايلي مافيريك»، إن مصير خطة الإصلاح السعودي هي الفشل، مؤكدًا أن ابن سلمان يستهدف من خلالها السيطرة على المجتمع السعودي، خاصة بعد حملة الاعتقالات الأخيرة، لكن كيف ستفشل خطة الإصلاح؟
وأضاف ـ وفق ما ترجمت «شبكة رصد» ـ أن الخطوات الهجومية التي يتخذها محمد بن سلمان، ولي العهد، بغية تحديث المملكة السعودية، وذلك تماهيا مع خطته «رؤية 2030» ـ تُعد ستارا مخادعا صُمم لتشتيت الانتباه عن الصورة الدولية المأساوية للمملكة العربية السعودية، حسبما نشرت «دايلي مافيريك».
وأعلنت السعودية، عبر مرسوم ملكي، أنه من الآن فصاعدا فإن المرأة سيسمح لها بقياد السيارة، والحصول على رخصة قيادة، دون الحاجة إلى إذن من زوج أو ولي أمر، حسبما تقتضي أمورا كثيرة كموافقة ولي الأمر تطبيقا لنظام ولاية الأمر العمول به في المملكة، والتي تُعد واحدة من أكثر المجتمعات المفتقدة إلى التكافئ الاجتماعي في العالم، بحسب الموقع.
وتأتى تلك الخطوة في إطار سلسلة من الخطط تسعى لتنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية فى المملكة بما يتوافق مع خطة «رؤية 2030» والتى وضعها ولي العهد، محمد بن سلمان، وولي العهد أيضا يعد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والإنمائية، وهو أصغر وزير دفاع في العالم. وقد وُصف بأنه السلطة الحقيقة التي تختبئ وراء عرش الملك سلمان.
ويرى محللين أن السعودية قد أخطأت حين بالغت في احتياطياتها من النفط والغاز الطبيعي، مما أثر على اقتصادها المزدهر عندما أصبح النفط في وضع غير مستقر. وبغية الابتعاد عن الاعتماد الكلي في المملكة على عائدات النفط سعت أجندة الإصلاح إلى تعزيز ودعم قطاعات مثل السياحة والتجارة وذلك من خلال خطط دمج للنساء اللاتي دوما ما يؤديين أدوارا مشوشة وملتبسة في المجتمع وفي قطاع العمل على وجه التحديد.
ويضيف الموقع «أنه في السبعينيات، أغلقت السلطات السعودية آخر دور السينما في السعودية، ويعود ذلك إلى إصرار رجال الدين المتشددين، الذين تم اعتقال الكثير منهم بسبب الحديث عن أسباب هذه الإصلاحات الجريئة التي تطوف البلاد، كما خصصت المملكة مئات الملايين من الدولارات لأجل تطوير وبناء منتجعات بطول شواطئ البحر الأحمر، والذي من المتوقع أن «يُسمح» فيه للمرأة بارتداء ملابس السباحة، وذلك في بلد نظامه القضائي يتشابه مع الأنظمة الاستبدادية الأخرى في جميع أنحاء العالم، كما لا يزال نظام الوصاية التمييزية لصالح الذكور في السعودية، قيد العمل، بالرغم من وعود حكومية بإلغائه، مما يجعلنا بمواجهة سؤال مهم، ما مدى تفاعل مثل هذا المجتمع مع تلك الحقبة الجديدة من الإصلاحات والدافع الخفي لإعادة تشكيل صورته العامة لدى الأخرون ؟».
واستغل ولي العهد، البالغ 32 عاما، التكنولوجيا على نحو أثبت فعاليته، وذلك في بلد نصف سكانه دون الخامسة والعشرين من العمر، وقد قام والده المريض، الملك سلمان، بتسليم السيطرة الحقيقية على جميع القرارات المصيرية في المملكة إلى وريثه، وقد تم الترويج وتخصيص حملات تعبئة ودعايا عن إصلاحاته واسعة النطاق، عبر وسائل الإعلام الاجتماعية وأشاد بذلك حليف قوي مثل الولايات المتحدة، التي وصفتها بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح».
بالرغم من كل تلك الخطوات التي تبدو في الظاهر خطوات واسعة نحو الانفتاح والتحرر الاجتماعي، لا يزال هناك بعض التساؤلات، محط تفكير بالنسبة للكثيرين، وأحد هؤلاء عبدالعزيز المؤيد، مؤسس منظمة «حقوق المواطنين بلا قيود»، وقال مؤيد « في الحقيقة نريد أن نفهم كيف تم اتخاذ هذا القرار، ولماذا حظروه في بادئ الأمر؟ وكيف تسمح المملكة بذلك الآن؟ كيف حدث هذا؟ نحن نستطيع أن نعرف».
عقوبات
ويقول الموقع «ليس خفيا على أحد أن محمد بن سلمان قد فرض عقوبات على الحرب الدائرة الآن في اليمن، والتي شهدت، في الفترة من مارس 2015 إلى مارس 2017 مقتل 16.200 شخص حسب تقارير الأمم المتحد، كما قالت «هيومن رايتس ووتش» إن السعودية «ارتكبت انتهاكات عديدة للقانون حقوق الإنسان الدولي».
كما كان ولي العهد في طليعة المؤسسين للخلاف الدبلوماسي القائم والحصار الاقتصادي المفروض على قطر مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي البحرين والكويت ومصر والإمارات، الذي تحول إلى مجلس رمال السياسة الخليجي، حسب دايلي مافيريك.
ويتهم مجلس التعاون الخليجي قطر بتمويل الإرهاب، ومحطة الجزيرة بأنها تقدم تقارير متحيزة. وقد تم الكشف عن هذه الإجراءات الصارمة كمحاولة متعمدة لتقويض حرية الصحافة، فطالبت بإغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية مع قائمة مطالب سخيفة، ومع ذلك وبالنظر إلى أن قطر دولة غنية بالنفط وتتمتع بحلفاء عالميين قويين، تمكنت من البقاء على قيد الحياة وستواصل ذلك.
ولم يحقق لقاء سري كان قد جرى مؤخرا بين رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومحمد بن سلمان أي شيء يذكر لقمع الشائعات التي تدور حول احتمالية عودة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. وهو تحرك يحذر بعض المحللين أن من شأنه أن يزيد من وجود مجموعات متطرفة في منطقة الشرق الأوسط، إذ يواجه النظام الملكي مخالفات متزايدة.
نظام متورط بالدماء
وتساءل الموقع : كيف يتم كل هذا الاحتفال بالبلد المتورط في الكثير من الدماء، حكومة الدماء التي تتواطئ معها الرئاسة الأمريكية الخاضعة، لذا الأمر ليس سوى منتج يخدم الدعايا غير المباشرة، وذلك عبر منح حق أساسي للمرأة والذي كان ينبغي ألا يحجب أبدا ؟.
دعونا لا ننسى أن المرسوم الملكي، يتطبق فعليا، يونيو عام 2018، وفي غضون ثمانية أشهر، وبالتعرض لما تقدمه ساحة السياسة الدولية، أصبح بديهيا أن نرى أن الكثير يمكن أن يحدث خلال ثمانية أشهر. يمكن أن ينتخب رئيس دولة من الولايات المتحدة، يمكن أن يتهم أحد الحائزين على جائزة نوبل بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي في بلادها، ويمكن أن يفوز نادي كرة قدم غامض نسبيا من ليستر سيتي بأكبر جوائز كرة القدم. ثمانية أشهر هو عمر.
وفي أواخر الستينيات وأوائل السبعينات حاول شاه إيران، «رضا بهلوي»، تنفيذ نظام مماثل من الإصلاحات، وحاول «غربنة» المجتمع الإيراني، وهو ما أدى إلى غضب السكان الشيعة المحافظين في البلاد، وحاول الشاه استرضاء النظام الأمريكي؛ مما أدى إلى تأجيج الثورة الإيرانية التي أطاحت به وتنصيب «آية الله الخميني» كمرشد أعلى للبلاد، وتعكس تلك التجربة الوضع السعودي، حيث استخدمت حيلة الإصلاحات لكسب التأييد للنظام الملكي وخدمة الاستخبارات، وتصرفت شرطة الشاه، سافاك، على نحو مماثل، حيث سحقوا المعارضة.
وأشار الموقع، إلى أن الإصلاحات فشلت وجاع الناس، واضطر الشاه في نهاية المطاف إلى الفرار من بلده، وطلب اللجوء في الولايات المتحدة.
وختم الموقع بأنه يمكن إبطال حق المرأة في القيادة من خلال المرسوم الملكي بنفس السهولة التي تم بها إقرارها بمرسوم ملكي أيضا، مشيرا إلى أنه «نفاق ساحق»، ومن خلال اتهام قطر بتمويل الإرهاب إلى تطبيق هذه الإصلاحات، فإن المملكة العربية السعودية قد قللت من قدرة مواطنيها على رؤية هذه المأساة اليائسة، ففكرة أن المملكة العربية السعودية تحاول أن تقدم نفسها كدولة جيدة هو أمر مضحك، فالنظام بالتأكيد سيطلق النار على نفسه، لأن الإصلاحات المفاجئة ليست سوى محاولة لممارسة الهيمنة على المنطقة، ولا شيء يفسر سبب هذا الإصلاح الآن، ويبدو أن الدوافع السياسية تكمن وراء مكائد ولي العهد الجديد في محاولة يائسة لإثبات أنه يستطيع أن يحكم.