شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بعد اختفاء 70 عامًا.. لماذا خرجت «وثائق النقراشي» اليوم؟

الملك فاروق وحديث باسم مع رئيس وزرائه محمود فهمي النقراشي باشا - أرشيفية

بابٌ جديدٌ ضمن حملات الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين، التي بدأت منذ أحداث الثالث من يوليو 2013، وتواصل السلطة بقيادة عبدالفتاح السيسي تبنيها هذه الأيام؛ تمثّل آخرها في ظهور «وثائق النقراشي» التي تدعي قتل الإخوان محمود فهمي النقراشي باشا.

ولد محمود النقراشي في 26 أبريل عام 1888، كان أحد أعضاء التنظيم السري لثورة 1919 وحُكم عليه بالإعدام، وفضّل أن يستأثر بحقيبة وزارة الداخلية في الحكومة الائتلافية المكونة من ثلاثة أحزاب. وفي 24 فبراير 1945 تولى رئاسة الوزراء عقب اغتيال أحمد ماهر باشا في البهو الفرعوني بمجلس النواب على يد شاب رافض لتوجهه بإدخال مصر في الحرب العالمية الثانية.

ومنذ مقتل النقراشي وحتى اليوم، لم تظهر الوثائق المتعلقة به إلى النور؛ بالرغم من أنّ الفرصة كانت سانحة منذ الإطاحة بنظام الإخوان بعد أحداث 30 يونيو.

خوف زوجته!

ردًا على ذلك، قال الدكتور هاني، نجل محمود النقراشي باشا رئيس وزراء مصر في عهد الملك فاروق، إنه بعد وفاة والده جمعت والدته أوراقه الخاصة ورسائله ووثائقه وحفظتها مدّة طويلة بعيدًا عن الأيدي العابثة.

الدكتور هاني محمود النقراشي – أرشيفية

وأضاف أنه باختلاف الحقبات التاريخية والعصور والرؤساء الذين مروا على مصر، خافت والدته من ضياع الوثائق؛ لذلك طلبت من «أباظة»، زوج صفية ابنة النقراشي، أن يحفظها في مكان بعيد وآمن؛ خوفًا من يد الإخوان أو أي هجمات قد تداهمها في أوقات الحرب.

فأخذها أباظة وعمد إلى إخفائها في بيته الخاص بمحافظة الشرقية، ووضعها في صندوق حديدي حتى لا تأكلها الفئران والحشرات.

جاء هذا أثناء مراسم تسليم عائلة النقراشي وثائقه بدار الكتب والوثائق، بحضور نجله الدكتور هاني النقراشي، وحفيدته هدى أباظة.

الإخوان دفعت الثمن

وذكر هاني النقراشي أنّ حادث اغتيال النقراشي وقع في 28 ديسمبر 1948، وتبرّأت منه جماعة الإخوان مرارًا وتكرارًا؛ على الرغم من أنه ترك أثرًا على الجماعة؛ إذ اغتيل مؤسسها «حسن البنا» ومرشدها الأول، واُعتُقل أعضاء وزُجّ بهم في السجون، كما تعرّض ذووهم إلى اضطهاد الدولة.

النقراشي رئيس الوزراء رفقة مؤسس للهيئة السعدية المنشقة عن الوفد وأحمد ماهر وإبراهيم عبدالهادي؛ وثلاثتهم أصبحوا رؤساء للوزارة

وفي عصر رئيس الوزراء إبراهيم عبدالهادي، الذي خلف النقراشي في السلطة، سُمي العصر العسكري الأسود؛ لشدة التعذيب التي لاقاها الإخوان في سجونه، وأصبحت الحكومة المشرّع والقاضي والمنفذ، كما استغلت الصحف لتشويه صورة الإخوان.

وعندما اغتيل «البنا» أصدر «إبراهيم عبدالهادي» قرارًا بوقف النشر، وعاشت البلاد حالة من الفزع؛ بسبب ما يسمعونه عن التعذيب، وانشغلت الوزارة بتتبع خطوات الإخوان الموجودين في خارج السجون، كما انشغل الملك بملذاته ونزواته.

مجزرة النقراشي على كوبري عباس

يوم 9 فبراير عام 1946 خرجت مظاهرة كبرى من جامعة الملك فؤاد (القاهرة حاليًا) ضد الاحتلال الإنجليزي، رافعة شعار «الجلاء بالدماء»، وسلكت طريق كوبري عباس، وتصدى لهم البوليس، وحاصرهم أعلى الكوبري.

مظاهرات الطلبة على كوبري عباس

ولم تجد القوات بدًا من وقف زحف المظاهرات إلا فتح الكوبري المار فوق نهر النيل؛ فسقط طلاب في المياه، وتشبث عدد منهم بجسد الكوبري؛ فلم تتركه الشرطة، وضربت على أيديهم بالهراوات حتى سقطوا في الماء ويغرق عدد كبير منهم.

وحمّل الجميع  المسؤولية السياسية عاتق محمود فهمي النقراشي؛ لاتخاذه إجراءات قمعية ضد مظاهرات الطلبة وأطلق يد البوليس في استخدام العنف ضدهم.

الأحداث الجسام قبل يوليو 1952 كان لا بد لها من محاسبة، ويقال على إثرها المسؤول الأول عنها؛ فأقيل النقراشي بعد ثلاثة أيام من الحادثة وتولى إسماعيل صدقي باشا رئاسة الوزراء، الذي بدأ رحلة المفاوضات مع الإنجليز للجلاء؛ ثم أقيل وعُيّن محمود النقراشي مرة أخرى رئيسًا للوزراء في 9 ديسمبر عام 1946، ليكمل ما بدأه صدقي من مفاوضات.

الوزارة الثانية لمحمود فهمي النقراشي تزامنت مع حرب فلسطين، التي شكّلت مفصلًا تاريخيًا للأحداث التي جرت في النصف الثاني من القرن العشرين وحتى الآن.

رفض الجهاد في فلسطين

عارض محمود النقراشي أيّ شكل للتدخل العسكري المصري في فلسطين، على أساس أن مصر ليست مستعدة عسكريًا؛ بينما الملك فاروق تتنازعه آراء ساسته من ناحية، وتشجيع العرب له لدخول الحرب من ناحية أخرى.

الملك فاروق كان يرغب في إثبات قيادة مصر للعالم العربي، وقيادته هو شخصيًا للأمة العربية، وما يترتب على ذلك من مسؤوليات. وقبل انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين بأسبوعين، حدث تغير كبير في الموقف المصري؛ وأصبح الملك فاروق ورئيس وزرائه النقراشي باشا من المؤيدين لدخول جيش مصر الحرب.

وفي 28 ديسمبر عام 1948م، اقترب ضابط شرطة من النقراشي حينما كان يهم بركوب المصعد، مؤديًا التحية له؛ ليصيبه بثلاث رصاصات في ظهره.

قُبض على الفاعل، وتبين أنه منتحل شخصية ضابط، وزعمت النيابة أنه اعترف بانتمائه إلى التنظيم الخاص بالإخوان المسلمين؛ ليُصدر حسن البنا بيانًا عنونه «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين» يتبرأ فيه من الفاعل والحادثة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023