أرجع موقع «لوب لوج» الأميركي صفقة الأسلحة بين روسيا والسعودية إلى رغبة المملكة في تقويض العلاقات بين طهران وموسكو، لكنّ بوتين لن يُقدم على ذلك مهما كلف الأمر؛ فهو يرى ضرورة إقامة علاقات مع أيّ جهة فاعلة في الشرق الوسط، ولن يتخلى عنها لأجل دولة أخرى.
وأضاف، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ السعودية وإيران عقدتا صفقات مع موسكو؛ وبالتالي لا أفضلية لأحد على آخر.
كان من بين الاتفاقيات السعودية الروسية التي أُفصح عنها أثناء زيارة سلمان إلى موسكو صفقة صواريخ روسية من طراز S-400 للدفاع الجوي، وهي خطوة مهمة للغاية؛ لأنّ الصفقة عُقدت من مدة لكنها نُفّذت الآن.
هزيمة المملكة
ويبدو أنّ العقبة التي حالت دون إبرام مثل هذا الاتفاق في الماضي أنّ الرياض توقعت أن تكون الصفقة دافعًا لتتقدم أبعد عن طهران، لكن «بوتين» لم يكن مستعدًا لفعل بذلك؛ بل تعاون مع إيران، ودارت بينهما أنشطة مشتركة في سوريا.
وأضاف «لوب لوج» أنّ موافقة السعودية الآن على شراء الأسلحة الروسية بالرغم من استمرار العلاقة بين طهران وموسكو «هزيمة» للمملكة. وقالت «إيرينا سوبونينا»، من المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، إنّ السعودية تهدف إلى تعاون حقيقي مع روسيا، وتفهم أيضًا أنه ابتعاد طهران وموسكو عن بعضهما البعض.
وقال الموقع إنّ الصفقة تعكس تغييرًا في تكتيكيات السعودية؛ فرغبتها في شراء الأسلحة تهدف بها إلى «ضرب وتد» في العلاقات وليس قطعها. أيضًا، اشترت إيران صواريخ دفاع جوي من روسيا، لكنها نسخة أقل تطورًا من الطراز الذي اشترته السعودية؛ وبناءً عليه الصفقة ستضع الرياض قبل طهران بالنسبة لموسكو، من حيث مستوى تطور الأسلحة الروسية في مخزوناتها.
استراتيجية روسية!
وأوضح أنه بهذه الطريقة، حتى لو عجزت الرياض عن وقف التعاون الروسي الإيراني فإنها ستتمكن من تقويض هذه الثقة بين الدولتين، ولو كانت تلك الاستراتيجية الروسية بالفعل فستكون ذكية؛ خاصة أنّ خلافات طويلة كانت بين روسيا وإيران بالرغم من تعاونهما المشترك ضد التهديدات التي واجهها بشار الأسد في سوريا.
إضافة إلى ذلك، نجاح موسكو وطهران في مساعدة نظام بشار لهزيمة خصومه، الذين دعمتهم المملكة العربية السعودية وغيرها، قد يتحول الآن إلى منافسة على فرض تأثيرهما على دمشق؛ فحتى لو لم يعارضا بعضهما تبدو موسكو وطهران أنهما تركزان على دعم حلفائهما السوريين، ويبدو أن أغراضهما مختلفة.
وقال الموقع إنّ الوضع السائد في سوريا يجعل روسيا القوة الخارجية الأكثر نفوذًا في سوريا، وهو الأمر الأقل سوءًا بالنسبة إلى المملكة إذا كان نفوذ إيران أقوى. وبالتالي؛ أيّ شيء يمكن أن تفعله السعودية لتقويض العلاقة الروسية الإيرانية منطقي.
وأضاف أنّه ليس في هذه الاستراتيجية ما يضمن أنّ السعودية تعمل على إنفاذها بالفعل أو فكّرت فيها أصلًا؛ فبوتين -بعد كل شيء- يرغب في التعاون مع طهران والرياض، إضافة إلى الجهات الأخرى الفاعلة في الشرق الأوسط، وإذا رأت الرياض أن موسكو غير راغبة -أو ربما عاجزة- في منع النفوذ الإيراني من النمو في سوريا أو في أي مكان آخر؛ فلن يكون من المستغرب إذا وقّعت صفقة S-400 في نهاية المطاف. وفي الواقع، قد يكون الروس قلقين بالفعل بشأن هذا الاحتمال.
وكما كتب «يوري بارمين»، من مجلس الشؤون الدولية الروسية في صحيفة «موسكو تايمز»، فإن موسكو مشوّشة بشكل واضح مع حقيقة أنّ اجتماعات مع كبار المسؤولين السعوديين على مدى العامين الماضيين لم تؤد إلا لكثير من الوعود وقليل جدًا من التعاون الفعلي.
وهكذا، على الرغم من أنّ السعوديين أعلنوا أنهم سيشترون صواريخ S-400s من روسيا؛ فإنهم لا يزالون غير متأكدين من أن الصفقة ستكتمل. فإذا كانت المنافسة الروسية الإيرانية على النفوذ في دمشق ساخنة، فالصفقة أكثر عرضة إلى الإتمام. ولكن، إذا لم تر الرياض رغبة أو قدرة على مواجهة نمو النفوذ الإيراني في سوريا وأماكن أخرى في المنطقة؛ فهذه المحاولة في الارتقاء بالعلاقات السعودية الروسية قد تتفكك تمامًا كما فعلت سابقًا.