شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«جيوبوليتيكال فيوتشر»: تحالفات وتباعدات السعودية وباكستان بين أميركا وروسيا

أثناء زيارة الملك سلمان إلى روسيا

في أول زيارة للعاهل السعودي إلى روسيا،، التقى سلمان بن عبد العزيز بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بموسكو،الخميس 5 أكتوبر، وبموجب الصفقات التى وقعت خلال الاجتماع، سيضخ السعوديون مليارات الدولارات في استثمارات بروسيا، وفي المقابل سترسل روسيا ترسانة عسكرية، تشمل نظام صواريخ مضادة للطائرات من طراز «S-400» إلى السعودية، الأمر الذي يعتبر  تطورًا خطيرًا للغاية بالنسبة لبلد يأتي عادة بأسلحته من الولايات المتحدة، حسبما ما نشر مركز «جيوبولتيتكال فيوتشر» الأميركي المعني بالدراسات السياسية.

وعلى صعيد أخر قال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد، إن جهاز المخابرات الباكستاني على صلات بمنظمات إرهابية، بينما قال وزير الدفاع الاميركي، جيمس ماتيس، إن واشنطن ستمنح باكستان فرصة اخرى للمساعدة فى التسوية مع أفغانستان، قبل أن تُضطر إلى خيارات أكثر صرامة.

الولايات المتحدة تبحث عن تحالفات

وأضاف المركز، أن الولايات المتحدة تعد حليفا رئيسيا لباكستان والسعودية تقريبا منذ تأسيسهما، ولقد توطدت العلاقات أكثر بالتزامن مع نهاية الاستعمار لتلك الدول، إذ بحثت تلك الدول عن دعم القوى العظمى، بعد أن تبوءت مكانة رفيعة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولكن واجهت الولايات المتحدة عدوا جديدا، الإتحاد السوفياتي، خلال الحرب الباردة، فوجدت أنها بحاجة إلى حلفاء في كل أرجاء العالم لتعاون في تقويض انتشار النفوذ السوفيتي، وقد وجدت ضآلتها في إسلام أباد والرياض.

بيد أن الحرب الباردة قد ولت، والذريعة التي أتت بهذة البلدان قد تلاشت، ويبدو أن السعودية وباكستان ينجرفان مبتعدتين عن أمريكا، وإن كان الأمر ذو وقع بطيء، وبينما يبحثان عن شركاء جدد، سيواجه الأمريكيون صعوبات متزايدة في إدارة الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

تأسست السعودية في سنوات ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، في ذلك الوقت، كانت بريطانيا هي القوة العظمى المسيطرة في الشرق الأوسط، وأخذ الأمر أكثر من عقد من الزمان لتصبح الولايات المتحدة كما هي عليه الآن من الهيمنة على مقاليد الامور في الشرق الأوسط، وأحتاج الأمر، خمس سنوات، ليُكتشف النفط تحت الرمال السعودية، فكانت الدولة السعودية الشابة بحاجة ملحة إلى قدر كبير من الدعم السياسي فضلا عن الاعتراف الدولي بشكل خاص.

في ذات الوقت وعلى الجهة المقابلة، كان السوفييت يوسعون نفوذهم عالميا، فاغتنموا الفرصة وكانوا أول من اعترف بالمملكة الجديدة، وكان ذلك في إطار جهودهم لإيجاد حلفاء بين الدول الناشئة حديثا في الشرق الأوسط. ولكن بعد فترة وجيزة نشبت الحرب العالمية الثانية، وعندما وضعت الحرب أوزارها، حلت الولايات المتحدة محل بريطانيا باعتبارها القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، وقبل سبعة أشهر من انتهاء الحرب، التقى الملك عبد العزيز والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، على متن السفينة «أوس كوينسي» بقناة السويسن، وأقاما شراكة استراتيجية بين البلدين. ومع اندلاع الحرب الباردة، كان هذا نهاية التعاون السوفيتي مع السعودية.

أمريكا والارهاب

وكانت تلك هي بداية صداقة طويلة الآمد بين الأميركيين والسعوديين ضد السوفييت الذين وجدوا حلفاء عرب بين الأنظمة الجمهورية اليسارية في مصر وسوريا والعراق وليبيا والجزائر، وخلال الثمانينيات، وبدعم من واشنطن، زادت السعودية إنتاجها للنفط، مماتسبب في انخفاض الأسعار وهو ما أضعف الاتحاد السوفيتي، الذي يعتمد اقتصاده على صادرات النفط، ولكن ربما كان أهم مشروع مشترك هو حرب 1979-1989 في أفغانستان، التي تعاونت فيها الولايات المتحدة والسعودية وباكستان لمواجهة التدخل العسكري السوفيتي في الدولة الواقعة جنوب غرب آسيا.

وبعد بضع سنوات من اضطرار قواتها للانسحاب من أفغانستان، انتهى الاتحاد السوفيتي. وواصل السعوديون والأمريكيون العمل المشترك معا، وخاصة خلال حرب الخليج عام 1991، ولكن بغياب التهديد السوفياتي، صار حجر أساس تحالفهما أقل صلابة، وكانت هجمات 11 سبتمبر قد وجهت ضربة قوية للعلاقات الأمريكية السعودية التى ازدادت توترا مع تأسيس الولايات المتحدة شراكة مع شيعة مؤيدين لإيران فى العراق بغية الاطاحة بصدام حسين.

تعد السعودية رائدة عالميا في إنتاج النفط، ولكن النفط لم يعد يعطيها النفوذ على أمريكا، إذ مكنت الثورة الصخرية، الولايات المتحدة من أن تصبح منتجا رئيسيا ومصدرا للنفط الخام. وعلاوة على ذلك، أدى ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة إلى دفع الأسعار منخفضة لدرجة أن السعوديين لم يعد بإمكانهم تحقيق أرباح مرجوة من بيع النفط بهدف التوازن الاقتصادي.

أيديولوجية السعودية والاتجاه لإيران وتركيا

لا تزال العلاقات بين واشنطن والرياض قائمة، إذ قام الرئيس الأمريكي، ترامب، بزيارة للسعودية، مايو، فقط لعقد صفقة أسلحة ضخمة. لكن الولايات المتحدة لم تعد تعتمد على النفط السعودي، فضلا عن فقدانها الثقة في الاعتماد على السعودية في مكفاحة الجهاديين، الذين تتشابك عقائدهم مع أيديولوجية المملكة، وقد اقتربت أمريكا من تركيا وتوصلت إلى إقامة اتفاق نووي مع إيران.

في المقابل بدأ السعوديون في صياغة استرتيجية جديدة، منذ 2011، حيث أخذت السعودية زمام المبادرة في التعامل مع العديد من القضايا الأمنية الإقليمية بدلا من انتظار الولايات المتحدة للقيام بذلك بدلا منها، ومن ثمَ فإن الوصول إلى روسيا هو جزء آخر من هذة الاستراتيجة ​​الجديدة.

باكستان بين أمريكا وروسيا

أقامت باكستان دولتها، عام 1947، وبحلول منتصف الخمسينيات كانت جزءا من خطة التقويض الأمريكي للسوفييت. وفي نهاية المطاف، تحالفت جارتها ومنافستها، الهند، مع موسكو. فيما كانت النخبة السياسية الباكستانية مناهضة للشيوعية وبريطانيا، لذلك أصبحت الولايات المتحدة في حينها الخيار الأفضل والمنطقي كحليف.

وكانت المرحلة القصوى في العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان، خلال الحرب السوفياتية في أفغانستان، عملت المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الباكستانية بشكل وثيق مع الولايات المتحدة فى دعم المتمردين الإسلاميين الذين أجبروا الاتحاد السوفيتى على سحب قواته، وانتهت الحرب وانهار الاتحاد السوفياتي، وفجأة فُضت الشراكة الأمريكية الباكستانية، وفرضت أمريكا في التسعينيات عقوبات على إسلام أباد بشأن سعيها إلى الحصول على أسلحة نووية.

أتت أحداث سبتمبر بالأمريكيين إلى أفغانستان، فعادت باكستان مرة أخرى حليفا هام،. لكن العلاقة المتجددة كانت مضطربة منذ البداية، لتدمير القاعدة، كانت الولايات المتحدة بحاجة للإطاحة بنظام طالبان في أفغانستان. لكن الجهاديين الأفغان هم حلفاء لبكستان، ومن وجهة نظر إسلام آباد، لم يكن بمقدورها أن ترفض واشنطن، ولكنها لم تتمكن أيضا من التخلي عن طالبان وتعريض أمنها للخطر.

لايمكن لباكستان أن تجهز على طالبان للتفاوض مع الولايات المتحدة، أو تنكر وجود الحرم الجهادي الأفغاني على أراضيها، ومما زاد الطين بله أن كثيرا من قادة القاعدة اختبئوا في باكستان، منهم أسامة بن لادن، وأقحمت الولايات المتحدة نفسها في أطول حرب في تاريخها، وتصاعد التوتر، حدَ إعلان أمريكا ​​باكستان عدو.

ويشير المركز في ختام تحليله إلى أن المعضلة بالنسبة لأمريكا أن علاقاتها مع السعودية وباكستان تدهورت، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى التعاون مع كلا الجانبين. فهي تحتاج إلى السعودية للتأكد من أن إيران لا تنمو بقوة في الشرق الأوسط، ولا يمكنها تحميل ضغط كبير على باكستان أو الحكومة في إسلام أباد، يمكن أن تشتعل الفوضى في أفغانستان، التي ستلقي بظلالها على الحدود.

الحرب الأمريكية على الجهاديين أثرت على كلتا العلاقتين، وأجبرت واشنطن كلا الحكومتين على مواقف صعبة في الداخل، وشاركت مع الجهات الفعالة التي يعتبرها كلا البلدين أعدائهم مثل إيران بالنسبة للسعودية، والهند لباكستان.

وهكذا فإن السعوديين والباكستانيين سوف يلتمسون في طريقهم خيارات أخرى. باكستان تحاول بشكل حقيقيي توطيد الصلات مع الصين، في حين أن السعوديين تحط طائرة ملكها الآن عند الروس. وانتهت جهود الولايات المتحدة لإدارة هذه المناطق إلى موقفا بات أكثر تعقيدا من السابق.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023