في الوقت الذي يشهد فيه سوق الدواء نقصا حادا في الكثير من الأصناف الهامة، وسط سيطرة للشركات الأجنبية بأسعارها المشتعلة و الغلاء، والشركات الخاصة على سوق الأدوية، وتحكمهم في الأسعار، وضغطهم على الحكومة، جاء قرار البورصة اليوم بوقف التعامل على أسهم شركة ممفيس للأدوية، بعد إغلاقها، ليمثل ضربة جديدة لسوق الدواء في مصر، وانسحاب حكومي جديد من السوق.
انسحاب شركة ممفيس
وقالت ممفيس للأدوية والصناعات الكميائية، إن رئيس مجلس إدارة القابضة للأدوية اجتمع مع أعضاء اللجنة النقابية بشركة ممفيس، إلى جانب مجموعة من العاملين بها، وقرروا إغلاق الشركة مؤقتًا، وأصدروا قراراً إدارياً للتنفيذ من قِبل القطاع الإداري.
وأضافت ممفيس في بيان، الأحد، أنه تم إغلاق الشركة مؤقتاً منذ الأربعاء 4 أكتوبر 2017؛ حفاظاً على أصول وممتلكات الشركة من أي مخاطر.
وأوضحت ممفيس للأدوية، أن العاملين بالشركة اعترضوا على منحهم 3 أشهر مكافأة من الشركة القابضة للأدوية، حيث قاموا بالإضراب عن العمل منذ 1 أكتوبر الجاري.
ولفتت ممفيس للأدوية إلى أنها قررت منح العالملين مكافأت، بالرغم من تحقيق الشركة خسائر سنوية تجاوزت 34 مليون جنيه.
وتابعت الشركة: «امتنع العمال عن مهامهم لمدة 4 أيام متتالية، لكن فشلت جميع محاولاتهم».
وفي الوقت الذي يشهد فيه سوق الدواء نقص أكثر من ٢٨٤ صنف، وسط فشل الحكومة في سد العجز، وصرخات المرضى، انتفضت المنظمات الصحية لمنع تصفية الشركة.
انهيار قطاع الأعمال الدوائية
وطالب المركز المصرى للحق فى الدواء، بفتح تحقيق حول الأسباب التى أدت لوجود مخاطر محيطة بشركات قطاع الأعمال الدوائية، مؤكدًا أنها كان لها دور اجتماعى هام فى مد المرضى بالأدوية الرخيصة ذات الفاعلية.
وتضمنت المذكرة التى تقدم بها المركز إلى رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، بعض الحلول والتصورات للخروج من المأزق الذى يهدد حق دستورى وقانونى يخص ملايين المرضى بمصر، وهو الحق فى الدواء، حسبما جاء فيها.
واقترح المركز، تشكيل لجنة قانونية لبحث كافة المستجدات فى شركات قطاع الأعمال، منها شركة ممفيس، أقدم شركات الدواء فى إفريقيا والشرق الأوسط، حيث ساءت أوضاعها ولم تتمكن من تحقيق المأمول منها، وأغلقت بعد مشاكل بقرار إدارى وهو شىء لم يسبق حدوثه.
وقالت المذكرة، إن سياسات الدولة مع شركات قطاع الأعمال تسببت في وقف نمو الشركات التى تقوم بإنتاج حوالى 1650 صنف دوائي، وتقوم عن طريق الشركة المصرية لتجارة الأدوية بمد أسطولها إلى كل ربوع مصر، واستيراد كافة أدوية الأورام والإنسولين وألبان الأطفال والأمراض المزمنة، إلا أن هذه الشركات حققت خسارة كبيرة؛ بسبب تبني الحكومات المتعاقبة لسياسات تفضيل القطاع الخاص، وفتح الطريق ودعمه ببرامج تمويل من البنوك المصرية.
وأوضحت المذكرة، أن الأصناف الـ1650 ظلت دون تغيير على أسعارها مدة 22 سنة، مما أدى إلى صعوبة استمرار سياسات الإنتاج بهذه الشركات، وانخفضت سيطرة قطاع الأعمال الدواء إلى أقل من 5% بعدما كانت 66% فى 2002، ما أدى إلى خسائر اقتصادية للشركات.
خسائر كبرى
وقال المركز، إن خسائر الشركة المصرية لتجارة الأدوية أكبر شركة توزيع أدوية فى أفريقيا، بلغت 601 مليون جنيه فى السنة المالية 2016/2017، رغم زيادة أسعار الدواء مرتين خلال الأشهر الماضية.
وأضافت أن الشركة سحبت 3 مليار وحوالي 400 مليون جنيه من البنوك المصرية حتى تستطيع الوفاء بالتزامات الأدوية والمستلزمات التى توردها إلى أكثر من 850 مستشفى، بفائدة دين تصل إلى 33% مما يكبدها حوالى 740 مليون جنيه خدمة دين سنويا، فى الوقت الذى وصلت فيها مبيعات الشركة للسنة المالية السابقة إلى 3 مليار جنيه، ولم تتعدى أرباح الشركه 450 مليون جنيه.
وطالب المركز رئيس الوزراء، التدخل لدى البنوك لتقليل نسب الفائدة الأقل ومساواتها بفائدة الـ5% فقط التى حصلت عليه النقابة العامة للصيادلة فى قرض المليار جنيه، كما طالب بالتدخل لإجبار المؤسسات العامة مثل قطاعات البترول والكهرباء وغيرها على تسديد مديونيتها التى تقدر بحوالى 460 مليون جنيه.
دمج الشركات
وطالب الدكتور كريم كرم، المتحدث باسم الشركة المصرية للأدوية، بسرعة دمج تلك الشركات الوطنية في كيان واحد عبر دراسة مالية واحدة توفيرًا للنفقات ولإعادة إحيائها من جديد وتقويتها من أجل أن تبقى حصن أمان لمصر، لكن الكارثة الأكبر تكمن في التفكير ببيع وخصخصة أصول وشركات مملوكة للدولة والشعب المصري.
محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، أكد أن أوضاع الشركات الدوائية الحكومية أصبح سيئا للغاية وتتصاعد خسائرها عامًا تلو الآخر، في الوقت الذي تتعامل فيه إدارات هذه الشركات بشكل سطحي دون التطرق إلى وضع حلول للنجاة، واكتفت بإرضاء العاملين المعتصمين والثائرين على أوضاعهم المالية بسبب تأخر صرف حوافزهم وأرباحهم والمساواة بينهم وبين الشركات التي تحقق أرباحًا رغم خسائرهم السنوية.