حينما ترد كلمة «انفصال» فكل الاتهامات تتجه نحو «إسرائيل»؛ فمنذ اليوم الأول لمطالب قاطني كتالونيا، عبّر الإسرائيليون عن دعمهم لها، وأعلنت «إسرائيل» رسميًا دعمها لمحاولات انفصال كردستان عن العراق؛ كل هذا وسط تساؤلات عن مخططاتها في مباركة تقسيم العالم.
وقال إيلي بن داهان، نائب وزير الجيش الإسرائيلي، في تصريحات نشرها موقع «0404» العبري اليوم الاثنين 8 أكتوبر، إنّ «الدولة الإسبانية منافقة؛ فهي ترفض السماح لكتالونيا بإجراء استفتاء لاستقلالها».
وادّعى، وهو من أعضاء حزب «البيت اليهودي» اليميني العضو في الحكومة «الإسرائيلية»، أنّ «موقف إسبانيا على مر السنين كان المطالبة بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم كاملة؛ لكنها غير مستعدة للسماح لمواطني كتالونيا حتى بإجراء الاستفتاء، هذا يكشف نفاقها».
وأعلن إقليم كتالونيا، الذاتي الحكم في إسبانيا، اليوم الاثنين أنّ 90.9% من المشاركين في استفتاء الانفصال قالوا «نعم» مقابل معارضته من 7.87%.
تأييد رسمي لانفصال كردستان
وصوّت الأكراد، وسط تأييد إسرائيلي معلن مسبقًا، في استفتاء لانفصال إقليم كردستان عن العراق بأغلبية الأصوات. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنّه يؤيد إقامة «دولة كردية مستقلة» في أجزاء من العراق، بحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، التي نقلت حديثه هذا عنه في لقاء جمعه مع وفد من 33 عضوًا في الكونجرس الأميركي في أغسطس 2017.
وذكرت الصحيفة أنّ نتنياهو لا يتطرّق في كثير من الأحيان إلى «القضية الكردية، التي تعدّ حساسة سياسيًا»؛ لأنّ الموقف الأميركي التقليدي، خاصة موقف الرئيس دونالد ترامب، يؤكد بقاء العراق «دولة موحدة» غير مقسّمة، إضافة إلى أنّ «الدولة الكردية» تعتبر خطًا أحمرَ لتركيا التي تشعر بالقلق من أن هذا التطور من شأنه أن ينقل العدوى إلى الأكراد الموجودين في أراضيها.
منذ عام 2005 تحدّث نتنياهو عن ضرورة إحياء خط البترول الرابط بين كركوك والموصل مرورًا بسوريا وصولًا إلى حوض البحر الأبيض المتوسط؛ لرسم خرائط جديدة للطاقة تخدم الكيان الصهيوني.
ويُقدّر حجم صادرات إقليم كردستان من النفط حاليًا بين 550 ألفًا و600 ألف برميل يوميًا؛ ما يدرّ على خزينة الإقليم نحو 11 مليار دولار سنويًا، تمثّل بديلًا لـ17% التي التزمت الحكومة العراقية بدفعها للإقليم بموجب اتفاق سابق، بحسب وزير النفط العراقي السابق عصام الجلبي.
انفصال السودان
وأدّت الاتصالات الإسرائيلية مع الجنوبيين السودانيين، عبر القنصلية الإسرائيلية في أديس أبابا، دورًا في اختيار الدينكا، أقوى قبائل المنطقة، لتكون الباب الذي تتسلل منه «إسرائيل» إلى الجنوب وتتغلغل في شرايينه.
ومرّت العلاقات الإسرائيلية الجنوبية بمراحل تاريخية؛ أهمها تقديم المساعدات الإنسانية كالأدوية والمواد الغذائية والأطباء والدعم الإغاثي، استثمار التباين القبلي بين الجنوبيين أنفسهم، وتعميق هوة الصراع مع الشماليين، تدفق صفقات الأسلحة الإسرائيلية على جنوب السودان، واتساع نطاق تدريب المليشيات الجنوبية في أوغندا وإثيوبيا وكينيا.
أيضًا، استئناف دعم التمرد المسلح وتزويد الحركات الانفصالية الجنوبية بأسلحة متقدمة وتدريب العشرات من طياريها على قيادة مقاتلات خفيفة للهجوم على المراكز الحكومية في الجنوب، وتوفير صور عن مواقع القوات الحكومية التقطتها أقمارها الصناعية. وإيفاد خبراء إسرائيليين لوضع الخطط والقتال إلى جانب الانفصاليين، ومشاركة بعضهم في أنشطة أدت إلى احتلال مدن الجنوب السوداني.
ولم تكن «إسرائيل» فقط وراء دعم الانفصالات ومباركتها؛ لكنها أيضًا كانت لها يد في دعم انقلابات في المنطقة.
الإطاحة بمحمد مرسي
كانت «إسرائيل» أوّل من بارك أحداث الثالث من يوليو 2013، ودعم قادتها القائمين على رأس الدولة في ذلك الوقت.
تركيا
كما أن «إسرائيل» متهمة بدعم انقلاب تركيا؛ ففي تقرير سابق لصحيفة هآرتس أعلن رئيس هيئة الأركان العام الإسرائيلية يائير جولان أنّ «وجود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووجود حزب العدالة والتنمية على رأس السلطة، يسببان كثيرًا من المشاكل والتحديات المتوقعة التي ستحدث لإسرائيل».
وتعدّ هذه المرة الأولى التي يُصدر فيها مسؤول عسكري رفيع المستوى في «إسرائيل» مثل هذا التصريح.
دورها في العالم
وقال الدكتور عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية السابق، إنّ «الطابع الإسرائيلي في الدبلوماسية يعتمد على المؤامرات؛ فبعيدًا عن المصالح الإسرائيليون شعب يهوى التآمر، كما أن المصلحة ستكون مختلفة من حدث لآخر في خلق عملاء جدد في القطاعات المختلفة من السياسة والاقتصاد والرياضة».
وأضاف الأشعل في تصريح لـ«رصد» أنّ «إسرائيل لها دور كبير في التوتر السياسي في دول جنوب إفريقيا، ويكفينا ما حدث في دولة السودان من انفصال الجنوب، ليبدأ الدور في بيع الأسلحة وشراء الولاءات».