قالت «شبكة الجزيرة» إنّ زيارة الملك السعودي «سلمان بن عبدالعزيز» إلى روسيا لديها أهداف أخرى غير المعلن عنها؛ إذ تهدف إلى تركيز دعائم ولي العهد، الذي يريد أن يشار إليه بتحقيقه انتصارات في سياسته الخارجية، موضحة أنه لا جدال وسط الدوائر السياسية في أروقة الحكم السعودية على حكم الملك سلمان؛ لكنّ هناك اعتراضات على ابنه، وهو ما دفعه إلى محاولة إثبات نفسه.
وأضافت، وفقًا لما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ العلاقات الروسية السعودية اتّسمت بالتوتر طوال تاريخها؛ ما جعل وصف عادل الجبير للزيارة بأنها «تاريخية» في محله، وعلى الرغم من أنّ الاتحاد السوفيتي كانت أولى دولة تعترف بالدولة التي أسهها الملك عبدالعزيز آل سعود، وقبل ذلك أقامت معها علاقات حينما كان اسمها «مملكة الحجاز ونجد»؛ لكنّ هذه العلاقات انهارت بعدما أعدمت روسيا مبعوثها الخاص إلى الرياض «كريم خاكيموف»، الذي كان صديقًا مقربًا للملك السعودي، ولم تُعد العلاقات ثانية إلا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وإنشاء الاتحاد الروسي عام 1991.
ونتيجة لهذه القطيعة الطويلة، لم يزر أيّ ملك سعودي روسيا؛ لكنّ الملك فيصل زارها مرة سابقة حينما كان وزيرًا للخارجية، كما زارها الملك عبدالله حينما كان وليًا للعهد، وحتى سلمان نفسه زارها عندما كان أميرًا؛ لكنّ زيارته اليوم تتوّج بأنها أولى زيارة لملك سعودي إلى روسيا في التاريخ.
وقالت الشبكة إنّه لا ينبغي توقّع أيّ قرارات أو اتفاقات في نهاية هذه الزيارة «التاريخية»؛ فحدود التعاون بين البلدين واضحة، فهما لا تتفقان في قضايا جوهرية؛ لكن تطورت العلاقات الاقتصادية بينهما على مدى العقود القليلة الماضية، لكن ليس للحد الذي يمكن تحويلها إلى شراكة أو تحالف. إضافة إلى ذلك، أسواق التصدير إلى روسيا والسعودية متشابهة جدًا؛ لذا يصعب عليهما زيادة حجم التبادل التجاري بينهما.
وأوضحت الجزيرة أنّ ابن سلمان كان على حق عندما صرّح في مايو 2017 بأنّ العلاقات الروسية السعودية تمر الآن بأفضل أوقاتها، وهو الذي عمل على مدار العامين الماضيين على تحسين العلاقات بينهما، وحقق مستوى ما من النجاح؛ إذ شارك بانتظام في حوارات مع موسكو وأبقى قنوات الاتصال مفتوحة معها، حتى عندما بدأت روسيا حملاتها العسكرية في سوريا، لافتة إلى أنّ تخفيف التوتر بين الدولتين يرجع إلى حد كبير لجهود ابن سلمان.
المصالح الشخصية لولي العهد
قالت الشبكة إنّ التطبيع النسبي بين الدولتين حاليًا نتيجة لرغبة في قمع الخلافات الأيديولوجية على الجانبين؛ لكن لولي العهد والقيادة الروسية مصالح شخصية في تطوير العلاقات بين الجانبين. ما هي؟
أولا: يحتاج إلى تعزيز مواقفه وأركانه في الداخل السعودي؛ إذ قال في رؤيته «السعودية 2030» إن ثمة تغييرًا في الطريقة التقليدية للحياة في السعودية، والخروج من منطقة الراحة الاقتصادية في البلاد، وبهذه الطريقة استطاع إغراء السعوديين الذين كانوا يخشون تحمّل تكاليف الإصلاحات السعودية التي لا تحظى بشعبية هناك.
وبالتالي؛ تأمين نقل السلطة من الملك سلمان إلى ابنه محمد مسألة أساسية للمملكة في هذه المرحلة، وسلطة الملك سلمان تحظى باحترام بين أفراد الأسرة، ولكن من الصعب أن يحظى ابن سلمان على احترام والده نفسه؛ فحاول بناء مسيرته السياسية بقواعد وإصلاحات جديدة. ونتيجة لهذه القواعد الجديدة؛ يسعى الآن إلى تحقيق انتصارات في السياسة الخارجية لكسب الدعم المحلي.
كما إنه فشل في تحقيق ذلك؛ بحربه على اليمن، ومواجهته مع قطر؛ لكنه يأمل الآن في إظهار حنكته الدبوماسية عبر زيادة تعاون المملكة مع موسكو.
لزيادة النفوذ السعودي في سوريا
وتوقّعت «الجزيرة» أنّ يناقش سلمان وبوتين الصراع العسكري في سوريا، بعدما أعربت روسيا من قبل عن ترحيبها بالدور الذي أدته السعودية في محاولة لوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية.
ومن المرجح أن تحاول طهران في اجتماع موسكو إقناعها بضمان مقاعد لممثلي المعارضة الموالين للسعودية في الحكومة السورية المقبلة، ومن شأن هذا الضمان أن يساعد ولي العهد على تعزيز أوراقه الدبلوماسية في الداخل.
اليمن أيضًا
وفيما يتعلق باليمن، ما زالت الرياض تعتمد على تأييد روسيا لتدخلها هناك؛ وهو أمر لا يقل أهمية لمحمد بن سلمان.
ومنذ بداية هذه الحرب، لم تدلِ روسيا بتعليقات قاطعة لموقفها تجاه اليمن؛ ومن المتوقع أن تحاول القيادة الروسية منع السعودية من العمل على اتخاذ خطوات لحل الصراع اليمني هناك، وهو الأمر الذي يعزز لابن سلمان بانتصار سياسته الخارجية الخاصة باليمن.
المصالح المالية لموسكو
وفي المقابل، تهتم موسكو بتعزيز التعاون المالي بين البلدين، وأعربت مرارًا عن قلقها لأنّ معظم الاتفاقات الخاصة بالتعاون الاقتصادي بين البلدين مجرد حبر على مذكرات التفاهم، ولم تُترجم على أرض الواقع؛ والاستثناء الوحيد لهذه القاعدة الاتفاق المتوصّل إليه ضمن منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بشأن خفض إنتاج النفط وتثبيت أسعار النفط.
ومن المتوقع أن تنهي زيارة الملك سلمان لموسكو حقبة «الاتفاقيات غير الملزمة»، ومن المتوقع أن توقع الأطراف على العقد الأول لتوريد الأسلحة الروسية للسعودية، البالغة قيمته 3.5 مليارات دولار.
بالإضافة إلى مشروع آخر تهتم به السلطات الروسية، وهو مذكرات التفاهم التي وقّعتها شركة «روسنيفت» مع «أرامكو» السعودية، كما أنّ زيارة سلمان أيضًا تشكّل نقطة تحوّل لتدفق الاستثمارات السعودية إلى روسيا. وفي هذا الصيف، زار السفير السعودي في روسيا «إبراهيم الراسي» جمهوريات شمال القوقاز لتقييم إمكانية الاستثمار هناك. إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يستثمر الصندوق السعودي بإطلاق مكتبه التمثيلي في روسيا عقب نتائج الاجتماع.