بعد خطاب الرئيس محمد مرسى في قمة دول عدم الانحياز بإيران الذي وصفه الكثير من المحللين بالجريء وأنه أعاد لمصر دورها القيادي في الشرق الأوسط، يترقب العالم بشغف خطاب الرئيس داخل أروقة الأمم المتحدة في الدورة 67 لها بعد غياب مصري دام ربع قرن عن اجتماعاتها؛ ولهذا تعددت آراء المحللين حول مضمون الزيارة.
من جانبه يقول الدكتور مصطفى كامل السيد -رئيس مركز دراسات وبحوث الدول النامية- أن زيارة الرئيس مرسي زيارة رسمية للولايات المتحدة بالرغم من عدم وجود موعد محدد للقائه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، مؤكدا أن عدم اللقاء بين الرئيسين لا يعني أن هناك مشكلة بين البلدين، موضحا أن البروتوكول يحظر على الرئيس الأمريكي في الدخول في أي لقاءات خلال فترة ما قبل الانتخابات الأمريكية.
وأضاف "كامل" أن العلاقات المصرية – الأمريكية من الناحية الرسمية هي علاقات ودية، والرئيس اوباما قام بشكر الرئيس مرسي على ما تقوم به الحكومة المصرية لحماية الدبلوماسيين الأمريكيين والإدارة الأمريكية تقوم بـ "تدليل" حكومة الرئيس مرسي بإسقاط الديون على مصر كما أرسلت وفدا دبلوماسيا كبيرا إلى مصر.
وأشار"كامل" إلى موقف الكونجرس الأمريكي قائلا: "إن موقفه ربما مغاير عن الإدارة الأمريكية فهو له موقف والجمهوريين في الكونجرس الأمريكي لديهم تحفظات على حكومة قنديل".
صفحة جديدة
وأكد "كامل" في تصريح خاص لشبكة "رصد" الإخبارية أن الولايات المتحدة تفتح صفحة جديدة مع البلاد التي يقودها إسلاميون بعد الثورات العربية فعلاقتها جيدة جدا معهم كعلاقتها مع الحكومة التركية حيث تقدم المساعدة لكلا من البلدين التونسية والمصرية والرئيس أوباما يفتح صفة جديدة في العلاقة مع هذه الحكومات، واستمرار هذه الصفحة الجديدة يتوقف على قيام هذه الحكومات احترام تعاملاتها الدولية واحترام حقوق الأقليات وحماية المصالح الأمريكية .
و استدرك قائلا: "إن القضية الشائكة هي علاقة مرسي مع الكونجرس هى مشكلة التطبيع مع إسرائيل و يبدو انه لن يقبل مرسي بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي".
ترقب عالمي
وقال السفير معتز أحمدين -مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة- في تصريحات له إن العالم كله يترقب اليوم زيارة أول رئيس مصري منتخب للأمم المتحدة، مؤكدا إن مصر الآن تتطلع للقيام بدور حيوي تضطلع بمسئولياتها على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكد"حمدين" أن الجانب الأمريكي رحب كثيرا بهذه الزيارة وبوفد رجال الأعمال المصريين، نافيا ما تردد عن بعض وسائل الإعلام الأمريكية عن رفض إدارة أوباما لوجود رجال أعمال مصريين ضمن الوفد المرافق لمرسي خلال الزيارة.
وشدد على أن زيارة مرسي هي للأمم المتحدة وليس الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك فرق كبير، وبالتالي فلن يكون هناك مجال لأي مباحثات تجارية أو اقتصادية، مؤكدا أنه "لا يوجد في برنامج الرئيس دقيقة واحدة للراحة"، فهناك جدول حافل من اللقاءات الثنائية مع عدد كبير من قادة العالم وبطلبات شخصية منهم للقاء الرئيس؛ حرصا على التواصل معنا خلال هذه المرحلة المهمة.
قضايا ساخنة
فيما وصف الكاتب الصيني "جلال شين" زيارة الرئيس مرسي إلى الولايات المتحدة، أنها تشير إلى وجود يقين راسخ بأن الرئيس مرسي يسعى جاهدا لأن تضطلع مصر بدور أكبر في منطقة الشرق الأوسط، يتسم بالتوازن ويرتكز على مصالح مصر الوطنية.
وقال الكاتب شين، في تقرير لوكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا" إن الرئيس مرسي يتوجه إلى الولايات المتحدة ويشارك أيضا في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعد فرصة هامة لفتح آفاق جديدة لتطوير العلاقات المصرية – الأمريكية ويلفت أنظار العالم إلى علاقات ثنائية جديدة واعدة .
من جانبه قال "وو بينغ بينغ" -نائب كلية اللغة العربية بجامعة بكين- إنه نظرا لكون مصر دولة رائدة ذات نفوذ كبير في الشرق الأوسط، فمن الحتمي أن يكون لأي تعديلات أو تغيرات في سياسة مصر الخارجية تأثيرا عميقا على المنطقة.
ودعا بينغ إلى إعادة توجيه دفة التعامل مع القضايا الإقليمية الساخنة والشؤون العربية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط.
وقال "بينغ" إنه "على الرغم من التراجع الذي شهدته مصر منذ "الربيع العربي" بشأن زمام المبادرة في المنطقة جراء الاضطرابات السياسية والركود الاقتصادي، إلا أن مرسي وجه بعد توليه الرئاسة رسالة واضحة إلى العالم الخارجي مفادها أن مصر لا تزال رائدة في العالم العربي وسوف تشارك حثيثا في التعامل مع القضايا الإقليمية مستقبلا".
وأضاف أن "على المنطقة أن تشهد إعادة تشكيل للقوى الإقليمية، ولاسيما في ضوء إطلاق الرئيس مرسي، خلال مشاركته في قمة حركة عدم الانحياز في طهران، لفكرة تأسيس "مجموعة الاتصال الرباعية حول سوريا" التي تضم مصر وتركيا والمملكة العربية السعودية وإيران".
ويذكر أن انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة هذا العام يأتي في مرحلة خطرة لمناقشتها عدة ملفات ساخنة منها الملف السوري والملف النووي الإيراني فضلا عن للمحاولات الفلسطينية الانضمام للهيئة الدولية كعضو كامل أو دولة غير عضو، فالأزمة في سورية ومحاولات التدخل في سيادتها ستكون العنوان الفعلي لأعمال افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة .
يشار إلى أن آخر مشاركة لمصر في اجتماعات الأمم المتحدة كانت في عام 1989 عندما رأس وفد مصر الرئيس المخلوع حسني مبارك.