سعى الكيان الصهيوني على مر السنوات لإنشاء علاقات وطيدة مع الدول العربية، على مستوى الحكومات، ونجحت في استقطاب الرؤساء والملوك إلى أحضان تل أبيب، غير أن تلك العلاقات ظلت غير معلنة نظرا للرفض الشعبي والكراهية التي تكنها الشعوب العربية لهذا المحتل، وظهرت تباعا عدة مؤشرات لوصول العلاقات بين تل أبيب والسعودية إلى «السلام الدافئ» هي:
علاقات غير معلنة
وفي ظل تسريب لوثائق ولقاءات بين تلك الاطراف مع مسؤولين إسرائيليين، انكشف كثيرا من جوانب تلك العلاقات، وبدأت تفرض نفسها كأمر واقع، بالإضافة إلى استغلال الاحتلال، القمع الذي تمارسه حكومات تلك الدول لمواطنيها، وبدأت تعلن صراحة وتفشي أسرار التحولات في مواقف الدول الخليجية وخاصة السعودية.
كواليس العلاقة بين الاحتلال الإسرائيلي، بدى في الظهور بشكل متسارع منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة، واتخاذ خطوات تصعيد ابنه الأمير محمد إلى العرش، والذي يتخذ مسارا سياسيا مختلف تماما عن الذي تعهده السعودية في عصورها، ليبرز اتجاه واضح لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات الجيدة بين إسرائيل.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أعلن في السادس من سبتمبر 2017 أن هناك تعاونا على مختلف المستويات مع دول عربية لا توجد بينها وبين إسرائيل اتفاقات سلام.
وأوضح نتنياهو أن هذه الاتصالات تجري بصورة غير معلنة، وهي أوسع نطاقا من تلك التي جرت في أي حقبة سابقة من تاريخ إسرائيل.
وكانت صحيفة «التايمز» البريطانية أشارت في تقرير لها أن «وفداً سعودياً قاده لواء متقاعد أجرى زيارةً إلى إسرائيل العام الماضي، 2016، وأن القادة الإسرائيليين الكبار مُتحمِّسون لتوسيع هذا التحالف».
زيارة بن سلمان
وكان آخر مؤشرات اتجاه المملكة إلى التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بقوة، ما كشفه مسؤول «إسرائيلي» عن أن الأمير السعودي، الذي تداولت وسائل الإعلام زيارته السرية إلى تل أبيب، هو «ولي العهد الأمير محمد بن سلمان».
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، الجمعة، أن الصحفي الإسرائيلي أرييل كهانا، الذي يعمل في أسبوعية «ماكور ريشون» اليمينية القومية، قال بتغريدة على موقع «تويتر»، في سبتمبر الماضي، إن بن سلمان «زار إسرائيل مع وفد رسمي والتقى مسؤولين».
وكانت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية الناطقة باللغة العربية أعلنت في سبتمبر 2017 «أن أميرا من البلاط الملكي السعودي زار البلاد سرا… وبحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين فكرة دفع السلام الإقليمي إلى الأمام».
كما أشارت تقارير إلى زيارة رئيس جهاز المخابرات السعودية خالد بن علي الحميدان قام بها في فبراير الماضي إلى «إسرائيل ».
قواسم مشتركة
الموقف السعودي من إيران، والعداء المشتد بين الطرفين، لا سيما مع وجود نزاعات بينهما سواء داخل البلدين، أو فيه ملفات مشتركة مثل الملف السوري واليمني وأخيرا العراقي.
ويشير محللون وسياسيون، إلى أن التهديد الإيراني، أصبح قاسما مشتركا بين إسرائيل وعدد من البلدان العربية، وأبرزهم السعودية، بعد أن اصبح لهم عدو مشترك، قد يكون دافعا قويا لاتخاذ خطوات واضحة في مسار التطبيع بينهم.
وفي هذا الشأن يقول المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان : «ربما يشكل تعرض السعودية وإسرائيل للتهديد الإيراني قاسماً مشتركاً بينهما»، لافتا إلى أن «إيران تبقى، إلى جانب أمور أخرى، إحدى النقاط التي تقرب الرياض من إسرائيل».
وفقاً ل«دويتش فيلله»، يقول المحلل السياسي، إن «هناك علاقات غير معلنة إستراتيجية واقتصادية واستخباراتية بين البلدين». متوقعا أنه «قريباً سيتم فتح المجال الجوي أمام الطيران المدني الإسرائيلي».
تيران وصنافير
مهد انتقال السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى المملكة العربية السعودية لعلاقات دولية تجمع السعودية وتل أبيب، فبعد أن كان الإشراف على الممر للجزر يضم الاحتلال ومصر، أصبحت السعودية طرفا ثالثا في هذه الاتفاقية، وهذا يعني عمليا وجود علاقات سعودية مع الجانب الإسرائيلي.
وباركت إسرائيل خطوة نقل تبعية جزر «تيران وصنافير» للسعودية، وأعلن وزير الحرب موشيه يعلون، أن الرياض تعهدّت باحترام مباديء اتفاق السلام .
وقال الكاتب قطب العربي، في مقال له، إن العلاقات التي نتجت عن تسليم الجزيرتين كانت «برغبة من بعض الأطراف في المملكة، على رأسها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يتطلع لولاية العهد مباشرة في حياة والده، وهو مستعد لفعل الكثير مقابل ذلك. ومن الواضح أنه تلقى نصائح بأن الطريق إلى ذلك يمر عبر البوابة الإسرائيلية الأميركية، وستكون الجزيرتان هما الممر إلى تلك البوابة السحرية».
تصاعد الأصوات المنادية بالتطبيع
لم تكن الأصوات المنادية بالتطبيع لتظهر في وقت سابق في المملكة، نظرا للموقف المعلن سابقا من عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلا أنه ومنذ المرحلة الجديدة التي تخطو خطواتها المملكة، بدأت تتعالي الأصوات بإقامة علاقات علنية مع إسرائيل.
وفي أبرز تلك التصريحات، قال اللواء السابق في الجيش السعودي ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط، أنور عشقي، إن «التطبيع السعودي الإسرائيلي يعتبر ضامنًا للسلام» زاعما أن «أهم الأوراق التي تملكها المملكة هي التطبيع مع إسرائيل. هذه أكبر ضمانة الآن لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم».
وكان المغرد السعودي الشهير «مجتهد» نشر في وقت سابق أن «بن سلمان» وجه بتنفيذ حملة إعلامية وتويترية لتهيئة الرأي العام لعلاقات معلنة مع «إسرائيل»، وخصص مكافأة للإعلامي والمغرد الذي يبدع في هذه الحملة.
وخلال أيام بدأ ظهرو وسم «سعوديين مع التطبيع» دون معرفة هوية مدشنه، إلا أنه أثار جدلا كبير عبر مواع التواصل الاجتماعي.
ترامب وسيط
كان لزيارة ترامب التي أجراها في مايو الماضي، تأثير كبير على كشف اتجاه المملكة وتحويل بوصلتها تجاه تل أبيب، وهو ما نقلته «وول ستريت جورنال» أن السعودية أوصلت لإدارة ترامب استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل من دون شروط.
وذكر موقع «إن آر جي» الإسرائيلي أن إسرائيل والسعودية تتباحثان، عبر وسطاء أميركيين، في مختلف المجالات التي تثبت نواياهما لتطوير علاقات مكشوفة.