دعا الأقباط في مصر إلى زيادة التأمين بعد مقتل الكاهن سمعان شحاتة، من محافظة بني سويف الوسطى، نتيجة طعن بسكين حتى الموت بالقاهرة في 12 أكتوبر، وقالت السلطات إنّ المهاجم «مضطرب عقليًا»؛ واقترح أناس تسليح الكهنة، حسبما نشرت «ميدل إيست أونلاين».
وأضافت، وفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أنّ وفاة «سمعان» آخر حادثة ضمن الهجمات ضد المسيحيين المصريين دفعتهم لارتفاع دعوات جديدة لهم بأن يأخذوا سلامتهم وأمنهم بأيديهم.
وقال المطران رفائيل الحكيم، مشرف على كنائس في القاهرة، إنّ «هناك صدمة وخوفًا في كل مكان بين المسيحيين بعد اغتيال الأب سمعان؛ لأن الحادثة تكشف عن ضخامة التهديدات التي تواجه الأقلية المسيحية في هذا البلد».
وتشكّل الأقلية المسيحية في مصر قرابة 10% من السكان البالغ عددهم 94 مليون نسمة، وكانت هدفًا لهجمات في السنوات الأخيرة. بالإضافة إلى اندلاع التوترات الطائفية مع المسلمين في أحيان، كان المسيحيون الهدف الرئيس لهجمات تنظيم الدولة، الذي لديه معقل في شبه جزيرة سيناء بمصر.
وقال المراقبون إنّ المسيحيين لا يُستهدفون من التنظيم فقط، بل من جماعات مسلحة مثل «حسم»؛ بسبب الدعم القوي من المسيحيين لعبدالفتاح السيسي.
وقال اللواء المتقاعد ممدوح الكدواني إنّ «الاعتداءات المتكررة ضد المسيحيين تهدف أساسًا إلى زرع بذور التوتر بينهم من جهة وبين الحكومة والمسلمين من جهة أخرى، ويأمل الإرهابيون في نمو شعور المسيحيين المتزايد بانعدام الأمن في ظل السيسي».
وهذا أمر غير مرجّح بالنظر إلى التدابير التي اعتمدها السيسي لحماية الكنائس المصرية، بما في ذلك نشر مزيد من الأمنيين خارجها. وجنّدت الكنائس المصرية المتطوعين لتوفير مزيد من الأمن، مع برنامج جديد لإعطاء المتطوعين الكنيسيين تدريبًا شرطيًا على كيفية إجراء التفتيش.
لكنّ زيادة الأمن خارج الكنائس لا يمنع الهجوم على الكهنة والقساوسة. إلا أنّ وفاة «سمعان» دفعت أفرادًا إلى إطلاق دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للباباوات والكنسيين بأن يعطوا أسلحة للدفاع عن أنفسهم، وقال ناشط مسيحي عبر فيس بوك إنّ «المسيحيين يجب أن يكونوا مسلحين؛ فلكل شخص الحق في الدفاع عن نفسه، حتى الكهنة».
بينما رفض تاوضروس الثاني، بابا الكنيسة القبطية، أن تصدر تراخيص للأسلحة للكهنة، وقال إن «هذا الأمر مرفوض تمامًا ولا يتحمل حتى الجدال»، وتابع: «ممنوع تمامًا على الكهنة حمل السلاح مهما كان».
وقال باهي مفتاح، الذي كان معه وقت الهجوم، إنّ سمعان كان يتسوق في حي المرج بالقاهرة عندما قتل، ونقل عن المحقق قوله إنّ «المهاجم استهدف الأب سمعان فقط لأنه كان مسيحيًا»، وسعت السلطات المصرية إلى الحد من الحادثة بادّعاءات أن المهاجم كان «مضطربًا عقليًا»؛ ولكن المسيحيين حذرون بعد أن شهدوا هجمات مماثلة وردودًا مماثلة من السلطات في الماضي.
وقال «كدواني» إنّ الحادثة تشكّل تحديًا جديدًا لقوات الأمن؛ فـ«الحقيقة أنّ المؤسسة الأمنية لا تستطيع تأمين كل كاهن أو مسيحي»، ورفض دعوة السماح للكهنة بحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، قائلًا إنّ ذلك سيزيد من تفاقم المشكلة، وقال كدواني إنّ «قوات الجيش ورجال الشرطة قتلوا في سيناء وفي مناطق أخرى حتى وهم يحملون أسلحة».
واقترح القس بوليس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مقاربة شاملة للهجمات ضد المسيحيين. وقال: «ليس من المفترض أن يحمل الكهنة السلاح؛ لأن الأسلحة يجب أن تكون في أيدي الدولة فقط»، وأضاف: «إذا سُمح للكهنة بحمل السلاح فسيكون لأئمة المساجد والشيوخ ما يبرر مطالبتهم بالشيء نفسه».
ودعا إلى حملة ثقافية وقانونية وأمنية لضمان سلامة المسيحيين المصريين، قائلًا إن الناس بحاجة ليعلموا أنّ الذين يتبعون إيمانًا مختلفًا ليسوا أعداء أو كفارًا؛ بل يصلّون لله نفسه، وإن كان بطريقة مختلفة، وقال حليم: «يجب أن تكون هناك قوانين تفرض عقوبات شديدة على من يهاجمون الآخرين لأنهم يؤمنون بدين مختلف. مجتمعنا يحتاج بشكل حقيقي إلى الاستيقاظ والتعلم قبل فوات الأوان».