نشرت مؤسسة بريطانية متخصصة بالأبحاث والدراسات الاقتصادية الثلاثاء تقريرا موسعا، تناولت فيه الخطة السعودية الجديدة التي أعلن عنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضمن ما يعرف بمشروع نيوم. حسبما نشر موقع «عربي21»
وضمن النشرة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عنها طرحت مؤسسة (كابيتال إيكونومكس/ capital economics ) تساؤلا قالت فيه «هل توشك المملكة العربية السعودية تكرار أخطاء الماضي؟».
واعتبرت المؤسسة في تقريرها، أن المشروع الجديد «قد يحول اهتمام صناع السياسة بعيداً عن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية»، مضيفة أن المشروع «سوف يجد صعوبة في تحقيق أهدافه».
إليك أهم ما جاء في التقرير:
– تصدرت عناوين الأخبار الخطط التي أعلنت عنها الحكومة السعودية اليوم لإنشاء مدينة اقتصادية ضخمة تسمى نيوم، إلا أن المملكة ذات سجل سيء عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مشاريع كبرى، ناهيك عن أن هذا المشروع قد يحول اهتمام صناع السياسة بعيداً عن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
– في وقت سابق من هذا اليوم دشنت الحكومة السعودية مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي في الرياض. وقد وصف المؤتمر بأنه احتفال بوصول صندوق الثروة السيادية التابع للمملكة، والمعروف باسم صندوق الاستثمارات العامة، سن البلوغ. اشتمل المؤتمر على كلمات ألقاها عدد من كبار الشخصيات داخل دائرة صنع القرار في السعودية بما في ذلك ولي العهد محمد بن سلمان، مهندس خطط الإصلاح المعروفة برؤية 2030.
– أعلنت الحكومة أثناء المؤتمر عن عدد من المبادرات الجديدة. إلا أن الذي حاز السبق في العناوين الرئيسة كان إنشاء مدينة اقتصادية جديدة اسمها «نيوم». سوف تقام المدينة في شمال المملكة العربية السعودية، على امتداد البحر الأحمر وخليج العقبة، وسوف تحتضن أراضي داخل الأردن ومصر.يتوقع أن تغطي المدينة مساحة تزيد عن 26,500 كيلومتراً مربعاً، ما يعادل تقريباً نفس مساحة رواندا أو مقدونيا، ويتوقع أن تتلقى «نيوم» تمويلاً يصل إلى 500 مليار دولار من صندوق الاستثمارات العامة إضافة إلى مساهمات من مستثمرين محليين ودوليين، وسوف تعمل بوصفها منطقة اقتصادية مستقلة، لها قوانينها وضرائبها ونظمها الخاصة. وتأمل الحكومة في أن تدعم «نيوم» الجهود التي تبذل لتنويع الاقتصاد السعودي وتقليص اعتماده على النفط.
– بينما من المفروض أن تبدو هذه الخطط مثيرة للإعجاب إلا أن ثمة أسبابا متعددة تدفع على التفكير بأن «نيوم» سوف تجد صعوبة في تحقيق أهدافها. فمن ناحية، لا يتوقع أن تستكمل المرحلة الأولى حتى عام 2025 على الأقل، وهذا يعني أن وقتاً طويلاً سيمر قبل أن تتمكن الشركات والناس من الإقامة هناك. على كل حال، ثمة علامات استفهام تدور حول موقع المدينة – فهي ستقام على أرض لم تكن مأهولة من قبل،ويحتمل أن تشتمل على أجزاء من شبه جزيرة سيناء حيث يخوض الجيش المصري قتالاً ضد المجموعات المسلحة منذ سنين طويلة.
– لعل الأهم من ذلك كله هو أن المملكة العربية السعودية لديها سجل غير مشجع فيما يتعلق بتنفيذ المشاريع العملاقة. خذ على سبيل المثال، مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بالقرب من جدة، والتي تعرضت لتأخيرات متكررة ومرت حتى الآن بأربعة مخططات رئيسية. كان من المفروض عند استكمالها أن تؤوي المدينة مليونين من السكان، ولكنها في الوقت الحالي لا يعيش فيها بشكل دائم سوى ما يقرب من خمسة آلاف شخص.
– كانت السلطات السعودية تتوقع أن تنافس مدينة الملك عبد الله الاقتصادية مدينة دبي كمركز تجاري. إلا أن إحصائيات الملاحة تبين أنه لا يوجد حالياً في ميناء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية سوى أحد عشر سفينة مقارنة بأربعة وخمسين في ميناء جبل علي التابع لدبي. وما وقع لمدينة الملك عبد الله الاقتصادية من مشاكل حاق بغيرها من المشاريع العملاقة مثل حي الملك عبد الله المالي بالإضافة إلى تشكيلة من المدن الاقتصادية التي أعلن عنها الملك عبد الله في عام 2005.
– بالإضافة إلى ذلك، تجازف الحكومة السعودية بتحويل الانتباه بعيداً عن إصلاحاتها الاقتصادية التي أعلنت عنها سابقاً. ولربما كان من الأفضل للحكومة أن تتوسع في هذا المجال، وخاصة أن العديد من المجالات الأساسية في رؤية 2030 لم تحقق غاياتها، بما في ذلك إصلاح النظام التعليمي، والجهود التي تهدف إلى تجسير الهوة في الرواتب بين العمالة السعودية والعمالة الوافدة، وتحسين بيئة الأعمال التجارية. (لمزيد من التفاصيل عليكم بنشرتنا فوكاس التي صدرت في السابع والشرين من يونيو بعنوان «رؤية 2030 السعودية» قد تعجز عن تحقيق أهدافها السامية.
– إلى جانب التطرق للخطط التي أعدت لتنفيذ نيوم، شهد المؤتمر صناع القرار وهم يقدمون تفاصيل متعلقة بالموجودات الحالية والمستقبليةلصندوق الاستثمارات العامة. وحسبما صرح به المدير التنفيذي ياسر الرميان، يتوفر لدى الصندوق حالياً من الموجودات ما يقرب من 230 مليار دولار يتم تشغيلها، وهذه يتوقع أن تنمو لتصل إلى 2 تريليون دولار بحلول عام 2030. جل هذا الارتفاع يحتمل أن يتحقق حالما يتم نقل ملكية أرامكو من الحكومة إلى القطاع الخاص. والشيء المهم الذي أضافه السيد الرميان هو أن ما يقرب من 25 بالمائة من مقبوضات صندوق الاستثمارات العامة ستكون موجودات دولية بحلول عام 2025. وسيكون ذلك أمراً في غاية الأهمية عندما يجري تقييمالواقيات المالية التي تتوفر لدى السلطات لدعم قيمة العملة المحلية مقابل الدولار.