شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«أوبن ديموكراسي»: السيسي أوهم المصريين بأنه الحصن الوحيد ضد التطرف.. تكتيك متبع من الأنظمة الاستبدادية

عناصر من الشرطة المصرية ـ أرشيفية

سلّط مركز «أوبن ديموكراسي» الضوء على الحملات القمعية المُمارَسة ضد جماعات الإسلام السياسي «السلمية» في الدول العربية، خاصة مصر وتونس وليبيا، وربطها بأعمال العنف التي تقوم بها «جماعات متطرفة»، موضحًا أنّ الاستبداديين اتّبعوا هذه الحملات على مر العصور لترسيخ استبدادهم وتخيير مواطنيهم دائمًا بين «التطرف والفوضى أو الاستبداد» لإبقائهم خاضعين.

يقول المركز إنّ الانقلاب العسكري الذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، الدكتور محمد مرسي، عزّز المواقف المناهضة للإسلام السياسي وربط بينه وبين الجماعات الجهادية؛ وهو ما يعيد إلى الذاكرة المشاعر المعادية للشيوعية في الولايات المتحدة الأميركية أثناء الحرب الباردة بين أميركا وروسيا؛ إذ لم يدرك أميركيون عاديون والحكومة أن القمع الذي تمارسه الأنظمة اليمينية لم يجدِ، وتحولوا إلى مثل ما يحاربونه.

كان التفكير حينها أنّ حكومة اليمين الأوتوقراطية أفضل من الشيوعية، ومن منطلق هذه النظرة، التي أصبحت عالمية، تبدّل الأمر؛ وتبنت هذه الأنظمة القمع وانتهاك حقوق الإنسان تحت مسمى «محاربة الشيوعية».

وقال المركز إنّه من المؤسف أن الائتلاف الحالي المعادي للإسلام السياسي «اللاعنفي أو السلمي» يتضمّن متظاهرين شبابًا كانوا في طليعة ثورات الربيع العربي 2010-2011، ويتخذون الآن موقفًا لا هوادة فيه تجاه الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى.

وأوضح أنّ هذه الحساسية التي تشكّلت تجاه «الإسلام السياسي» أضعفت من قدرتهم على التعاطف مع انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارس بحقه؛ فبعد انقلاب عام 2013 في مصر لم يقف عديد ممن دعوا إلى إسقاط مبارك في 2011 صامتين فحسب، بل هتفوا بحماس ونشاط ضد الحملة العنيفة التي قادتها الأجهزة الأمنية المصرية ضد أنصار جماعة الإخوان المسلمين.

وأكّد المركز أنّ الموقف الشديد تجاه حركات الإسلام السياسي جاء نتيجة عشرات السنين من الدعاية التي قادتها الدولة ضدهم؛ إذ أقنعت كثيرًا من المواطنين العرب والأجانب بأنّ الإسلام السياسي يشكّل تهديدًا وجوديًا للدولة ولا بد من إخماده في أي وقت وبأي تكلفة على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وأكّد أيضًا أنّ الاستبداد تجاه هذه الحركات في أحيان كان لأغراضٍ خاصة بهذه الأنظمة الاستبدادية، وفي الغالب كانوا يقمعونهم بأكثر الطرق الوحشية؛ وهو ما أظهرته الحوارات التي أجرتها «هيئة الحقيقة والكرامة التونسية» مع ضحايا للاستبداد.

ويدعي الاستبداديون أنّ الإسلاميين بمجرد وصولهم إلى السلطة سيقمعون الحريات الشخصية ويحكومن بقبضتهم على مؤسسات الدولة، كما أقنع المستبدون الأميركيون من قبل مواطنيهم والأوروبيين بأنهم الحصن الوحيد ضد التطرف؛ وهو ما يفعله الحكام الاستبداديون اليوم في مصر، وهذه التكتيكيات مدروسة جيدًا.

فعبدالفتاح السيسي يعمل على التهديد المحتمل للإسلاميين؛ بغرض تعزيز دعمه داخليًا وخارجيًا، وتبرير القمع.

وأوضح المركز أنّ ما يخشاه السيسي والجيش المصري ليس الإسلاميين؛ بل «الديمقراطية نفسها»، وأوهم المصريين بأنه الحصن الوحيد ضد الفوضى والثيوقراطية الإسلامية، ولا يفرّق في خطاباته بين جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الجهادية العنيفة، وأضاف المركز: «لاننسى أنّ الإسلاميين شاركوا سلميًا في السياسات البرلمانية في بلدان مثل الكويت والمغرب والأردن لسنوات عديدة حتى الآن، وفي تونس منذ عام 2011».

وقال إنّ فرض قانون الطوارئ وإعلان جماعة الإخوان «إرهابية» اُستُخدما وسيلتين لإسكات المعارضة، في الوقت الذي لم يستطع فيه فعل شيء لقمع الهجمات الإرهابية.

تونس وليبيا

وأكّد المركز أنّ الأمر نفسه حدث في تونس؛ إذ اُستُغلّت المشاعر المعادية للإسلاميين لأغراض سياسية وإلهاء المواطنين والأجانب عن الممارسات المناهضة للديمقراطية. ومؤخرًا، دفع الرئيس التونسي «السبسي»، الذي قضى معظم حياته في خدمة الديكتاتوريين، إلى وضع حد لحظر زواج النساء التونسيات من غير المسلمين، ودعا إلى إدخال تغييرات على القوانين الجنسانية القائمة على التمييز بين الجنسين. وفي الوقت نفسه، لم يفعل سوى قليل لإصلاح جهاز الشرطة التونسية، المصدِّرة للقمع في تونس، وتبنّى مبادئ مناهضة لقيم الديمقراطية.

وقال المركز إنّ هذا الخط المناهض للإسلاميين عمومًا مدعوم بقوة من جهات خارجية، مثل الإمارات، التي تستخدم نفوذها المالي حاليًا في الحملة ضد الإخوان المسلمين، كما دعم مواطنون عاديون الشخصيات المعادية للإسلاميين، مثل «خليفة حفتر» الذي يسيطر على شرق ليبيا وتنتهك مليشياته حقوق الإنسان، موثّقة بشكل جيد تحت اسم «محاربة الإسلاميين».

وتابع المركز أنّ موجة القومية والشعبوية التي تجتاح الغرب حاليًا يُشكّل «الإسلاموفوبيا» واحدًا من عقائدها الأساسية، وساعد ذلك على إقناع أوروبيين بأن الاستبداد في العالم العربي الحصن الوحيد ضد «الإسلام الراديكالي». ونتيجة لذلك؛ تعرب الأحزاب اليمينية الأوروبية والأميركية وأتباعهم عن تأييدهم لبشار الأسد «الذي يقاتل في معركة نبيلة ضد الجهاديين»، على حد زعمهم.

وكدليل على خطأ اعتقادهم بخصوص «بشار الأسد»، فإنه مدعوم أيضًا من إيران «الدولة الثيوقراطية» وعشرات المليشيات الشيعية ذات الدوافع الدينية.

وبالمثل، أشارت إدارة «دونالد ترامب» في كثير من الأحيان وبصراحة إلى دعمها غير المشروط للقادة الاستبداديين العرب كشركاء في مكافحة «التطرف الإسلامي العنيف»، ولفت المركز إلى العلاقة الوثيقة بين ترامب والسيسي، وإلى الصداقة الوثيقة بين جاريد كوشنر (صهر ترامب) والملكين السعودي والإماراتي.

وختم المركز بأنّ الحملات القمعية ضد جماعات الإسلام السياسي بعد ثورات الربيع العربي اعتمدت على الإقصاء السياسي للجميع وانتهاكات حقوق الإنسان؛ ولكنّ المصريين والليبيين والتونسيين وغيرهم يستحقون أفضل من أن يقال لهم إنّ عليهم الاختيار بين التطرف والفوضى من جهة أو الاستبداد من جهة أخرى، وحان الوقت أيضًا لأن يتصدى الزعماء الغربيون «الشجعان» علنًا لأساليب الحملات ضد الإسلام السياسي «السلمي»؛ باعتبارها تتفق مع مبادئهم الديمقراطية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023