شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

توقعات بهلاك الاقتصاد.. تعرف على الوجه «القذر» لسياسات صندوق النقد

رفض لقرار رفع الدعم

يعاني الاقتصاد المصري برأي العديد من المراقبين من انتكاسة أصابت الدواعم الأساسية له سواء الصناعة أو الزراعة أو السياحة، وذلك في ظل حالة التدهور وعدم الاستقرار التي يعيش فيها نتيجة إصرار الحكومة على معالجة هذه الأزمة من خلال الاقتراض الذي يزيد من تفاقم الأزمة سوءًا، فلجأت إلى صندوق النقد الدولي الذي طرح برنامجا اقتصاديا وافقت عليه الحكومة للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، ما دفعه إلى مراجعة شاملة لوضع الاقتصاد المصري من حين لآخر.
ولم يفرض صندوق النقد شروطًا على مصر فحسب إنما فرضت إصلاحات هيكلية سريعة وهذه الإصلاحات كفيلة بتسميتها أكثر من شروط، ممثلة بالتالي؛ خفض الإنفاق السنوي على دعم الطاقة والمنتجات الخدمية والسلع الغذائية ورفع الدعم عن بعض الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين بأسعار مدعومة كالكهرباء والمياه ومواد الطاقة.

رفض لقرار رفع الدعم

ومن المفترض أن تقوم الحكومة بإنهاء من تنفيذ كافة الشروط في غضون العام 2019، تزامنا مع نهاية مدة برنامج القرض الموقع مع الصندوق ، بحسب ما صرح مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزور.

تساقط الثمار وطحن المواطن
وبمجرد أن حرر «البنك المركزي» سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) أمام العملات الأجنبية في 3 نوفمبر 2016، أدى إلى تهاوي العملة المحلية حيث فقدت أكثر من 60% من قيمتها وقفزات في سعر الدولار الأكثر اعتمادا عليه في المعاملات الخارجية، ليتجاوز سعر العملة الأميركية 20 جنيها في غضون أيام من قرار «البنك المركزي»، مقابل 8.88 جنيهات في السابق، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف إلى أن استقرت عند 17 جنيها.

محافظ البنك المركزي طارق عامر ـ  في المنتصف ـ أرشيفية

لكن تلك الإجراءات كان لها تأثيرات سلبية بشكل كبير على المواطنين، ورفعت من نسبة الفقر بشكل ملحوظ، وأدت إلى ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية، وسط حالة من السخط في الشارع المصري، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة طاحنة في الحصول على احتياجاتها الدولارية، فيما لم تعمد السلطات إلى أي إجراءات للتخفيف من آثار إجراءاتها على الأسر المصرية.
في تجارب سابقة، وتحديداً خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، دفع الصندوق والحكومات المعنية بالإصلاح الاقتصادي بنظرية تساقط الثمار، وادعيا أن تحقيق معدلات نمو مرتفعة، مع إجراء إصلاحات في الدعم، كفيلان بتحقيق استفادة لكل الفئات، وعلى رأسها الفئات الفقيرة والضعيفة.

السيسي ومديرة صندوق النقد الدولي

لكن لم تنجح النظرية، في تحقيق معدلات النمو المرتفعة في مصر، وازداد الفقير فقرًا، وراكم الغني الثورات، وكان السبب الأساسي هو عدم إصلاح هيكل الأجور، خاصة في القطاع العام، وعدم تعويض الطبقات الفقيرة عما تم إلغاؤه من دعم.
و لم يُعويض موظفي الحكومة وأصحاب المعاشات. وفرضت الضرائب تحت مسميات مختلفة، وزادت الجمارك، فتقهقرت الطبقة المتوسطة لتعيش على حد الكفاف، وفق مراقبون.
في 2012، كافح الشعب الثائر في مصر بعد أن فقد المئاتُ أرواحهم، من أجل الحصول على مكسب معنوي، لم يكن بأي حال يبرر الأرواح التي أزهقت. فأقرت الحكومة مبلغ 700 جنيه كحد أدنى للدخل الشهري، تمت زيادته في مرحلة لاحقة ليصبح 1200 جنيه، وكان الدولار وقتها يعادل 6.50 جنيهات، أي أن الحد الأدنى كان يعادل حوالي 185 دولارا، ورغم ما طال المصريين من معاناة إلا أن السلطات غضت الطرف عنها، رافعة شعار الفقر والاحتياج.

صندوق النقد الدولي
ويعد صندوق النقد الدولي، منظمة مدرجة تحت منظومة الأمم المتحدة، وقد أنشئ بموجب معاهدة دولية في عام 1945، وذلك (نظريًا) للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي، ويعد المؤسسة المركزية الأقوى في النظام النقدي الدولي، أي نظام المدفوعات الدولية وأسعار صرف العملات الذي يسمح بإجراء المعاملات التجارية بين البلدان المختلفة.
وتأتي أموال الصندوق من الدول الأعضاء فيه، وتبعًا لحجم الحصص يتحدد عدد الأصوات المخصصة لكل بلد عضو، حيث كلما ازداد حجم اقتصاد العضو من حيث الناتج وازدياد اتساع تجارته وتنوعها، ازدادت بالمثل حصته في الصندوق وازدادت فرصه في الحصول على قروض أكثر من الآخرين. تتربع الولايات المتحدة الأمريكية على عرش الصندوق الدولي حيث تبلغ حصتها 17.6%.

الوجه الأخر
أما الوجه الغير ظاهر من صندوق فقد عبر عنه «جون بيركنز» مؤلف كتاب «الاغتيال الاقتصادي للأمم» (اعترافات قرصان اقتصاد). حيث أشار إلى دور الصندوق كأحد أدوات بناء إمبراطورية عالمية تسيطر من خلالها منظومة الشركات الكبرى على اقتصاد العالم، من خلال أخطر الوظائف في العالم، التي تتمثل في نهب وتدمير اقتصاد الدول النامية، والهدف من ذلك استمرار تبعيتها للسياسة المالية العالمية.
وذلك عبر استخدام «ألفاظ الحكم» الرشيد و«تحرير التجارة» و«حقوق المستهلك» وعلى الدول التي تقبل هذه المفاهيم خصخصة الخدمات القومية مثل الصحة والتعليم وخدمات المياه والكهرباء، أي أن تبيعها للشركات الكبرى دون أي حماية للمواطنين.

صندوق النقد الدولي

إذ تقوم المنظمات المالية الدولية بخلق ظروف تؤدي إلى خضوع الدول النامية لهيمنة النخبة المالية العالمية، التي تدير المنظمات والشركات والبنوك، وبناء على ذلك توافق المنظمات المالية على تقديم قروض للدول النامية المستهدفة، بغرض تطوير البنية الأساسية وإصلاح الاقتصاد.
ولكن مع وضع شروط تنفيذ هذه الخطط والمشروعات بأدوات المنظمات المالية العالمية التي غالبًا ما تدار من واشنطن، وفي حقيقة الأمر بحسب الكتاب فإن الأموال بهذه الطريقة لا تغادر الولايات المتحدة، حيث تتحول ببساطة من حسابات بنوك واشنطن، إلى حسابات شركات في نيويورك أو هيوستن أو سان فرانسيسكو.
والنتيجة يصفها لنا عالم الاقتصاد ميشيل تشوسودوفيسكي، الذي أكد أن برنامج صندوق النقد الدولي قد يترك البلد المستهدفة في بعض الأحيان فقيرة كما كان من قبل، لكن مع مديونية أكبر وصفوة حاكمة أكثر ثراءً.

يبرأ نفسه ويرفع الحرج
ودائمًا يُعلن الصندوق عن نفسه، أنه يعمل على تعزيز التعاون النقدي العالمي وتأمين الاستقرار المالي وتسهيل التجارة الدولية. ويساعد الحكومات الفاشلة اقتصاديًا لتتجنب الانهيار الاقتصادي، فيقرضها الأموال، ويفرض عليها سياسات معينة، تضمن له إلى حدٍ كبير استرداد أمواله.
المشكلة الكبرى في تقييم ما يقدمه الصندوق من فائدة للدول المقترضة، تكمن في أساليب قياس بعض المؤشرات الاقتصادية التي يهتم بها الصندوق، ويأتي على رأسها معدلات النمو الاقتصادي. فالصندوق لا يعنيه كيفية توزيع ذلك النمو بين الطبقات والفئات المختلفة، كما لا يشغل باله عادةً بمعدلات الأجور والمميزات التي يحصل عليها العاملون في كل دولة.
ومن أجل ذلك، وربما لرفع الحرج، يحاول الصندوق دائمًا تبرئة ساحته من تلك الاتهامات، فاعتاد أن يُضَمِّن تقريره السنوي كل عام بعض العبارات التي تحاول توجيه الحكومات إلى توخي الحذر عند تطبيق إجراءات الإصلاح الاقتصادي، حتى لا تؤدي إلى نتائج غير محسوبة.
وفي تقريره السنوي للعام الحالي، ذكر أنه «لكي ينجح الإصلاح، ينبغي أن يكون واسع النطاق وشاملا وأن ينفذ بالتدريج، وأن يجرد من الاعتبارات السياسية. ويجب إطلاع الجمهور العام على هذا الإصلاح. وينبغي تعويض الفقراء والفئات الضعيفة الذين سيواجهون أعباء من ارتفاع أسعار الطاقة».

وزير المالية عمرو الجارحي ورئيس بعثة صندوق النقد كريس جارفيس

مصر وقروض الصندوق
قبل سعي مصر الأخير للاقتراض، من صندوق مصر النقد الدولي، كان لمصر تاريخٌ طويلٌ مع قروض صندوق النقد الدولي، شهدت أربع محاولات منذ عام 1952، وحتى العام الذي تولى فيه الدكتور محمد مرسي حكم مصر، ولم تصل أي من تلك المحاولات إلى إبرام اتفاق نهائي، بدون تراجعات مع الصندوق، إلا في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.
ففي الماضي القريب الذي أعقب ثورة 25 يناير 2011، سعى المجلس العسكري إلى اقتراض 2.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وكان الاتفاق على وشك أن يُبرم بين الجانبين بشكل نهائي، ولكنه لم يكتمل، مع انتقال السلطة للدكتور محمد مرسي، في منتصف 2012، وقد سعت حكومته أيضًا لاقتراض4.5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ولكن الاتفاق لم يرَ النور بعد الإطاحة بحكمه، في يوليو لعام 2013، من قبل عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك وقيادات من الجيش.
وللذهاب ببوصلة التاريخ إلى ما هو أبعد، كانت أول محاولة مصرية للاقتراض من البنك الدولي في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ففي عام1977 أقدمت مصر على اقتراض185.7 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، وفي 17 يناير 1977، أعلن عبد المنعم القيسوني، رئيس المجموعة الاقتصادية لحكومة السادات، أمام البرلمان اتخاذ قرارات اقتصادية «ضرورية»، تتضمن زيادة أسعار بعض السلع لنسبة 50%؛ مما أدى لموجة احتجاجات شعبية أجبرت السادات على التراجع عن تلك القرارات.
وفي عام 1991، أثناء فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، اقترضت حكومة عاطف صدقي375.2 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، وفتح هذا الاتفاق الباب لخصخصة القطاع العام، امتثالًا لشروط صندوق النقد الدولي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023