في الوقت الذي تشهد فيه مصر موجة شديدة من ارتفاع أسعار السلع والمنتجات، مع ثبات الدخول والرواتب؛ تعيش الأسرة المصرية في مأزق حقيقي يدفعها إلى الاستدانة أو قضاء الحياة اليومية بالحرمان، ويؤكّد خبراء أنّ الأسرة المكونة من أربعة أفراد تحتاج إلى خمسة آلاف بحد حد أدنى.
وقال آخر تقرير رسمي عن حالة الشعب المعيشية، في شهر يوليو 2016 للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إنّ 27% من الشعب المصري لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية؛ ما يعني أنهم تحت خط الفقر.
كان سعر الدولار حينها 8.8 جنيهات، ما يعني أنّ الفرد كان يحتاج إلى 528 جنيهًا، والأسرة المكونة من خمسة أفراد تحتاج في الشهر إلى 2600 جنيه. والآن، بعد ارتفاع سعر الدولار ليصل في البنوك بين 17 جنيهًا و18؛ كم نسبة المواطنين الذين دخلوا تحت خط الفقر الآن؟
خمسة آلاف!
وفقًا للمعطيات الاقتصادية الجديدة، بات الفرد الواحد بحاجة إلى مبلغ قرابة ألف جنيه في الشهر، ما يعادل 55 دولارًا، وهو بذلك تحت خط الفقر أيضًا؛ أي إنّ أسرة مكونة من خمسة أشخاص يكون دخلها خمسة آلاف جنيه شهريًا فقيرة، هذا إن حدث!
من جانبها، قالت الدكتورة عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريح لـ«رصد»، إنّ الشعب المصري الآن بين نوعين من الفقر: المدقع والعادي؛ فالمدقع ينفق 40 جنيهًا (قرابة دولارين يوميًا)، والفقير العادي 80 جنيهًا (أربعة دولارات)؛ وهو بالكاد يقضي حاجته الأساسية.
وقالت إنّ «الأسرة المصرية المكونة من أربعة أفراد تحتاج إلى خمسة آلاف جنيه شهريًا؛ منها ألف للمعيشة من طعام وتعليم، وتتبقى ألف للظروف الطارئة مثل التعرض إلى مرض».
وأوضحت أنّ «الدخول الثابتة، أو التي تتحرك طفيفًا إلى أعلى مع انخفاض قيمة العملة، ستزيد نسبة الفقراء، في حين أنّ 9% من المصريين يستحوزون على 40% من مقدرات البلد؛ ما يلفت إلى خلل كبير في الأمر».
وقالت إنّ «الأسرة التي تتقاضى مرتبًا بقرابة ألف جنيه هو أصلًا تحت خط الفقر المدقع، ومن يتقاضون ألفي جنيه دخلوا منطقة الفقر المدقع، ومن ألفين إلى خمسة آلاف سيدخلون إلى منطقة الفقر مع حالة الغلاء والسياسات الاقتصادية الجديدة».
وأعربت الخبيرة الاقتصادية عن تخوّفها من احتمالية أن تطبع الحكومة عملات لشراء الدولارات من السوق؛ ما سيصعّب الأمور ويزيد من معدلات التضخم.
34% نسبة التضخم
وقال جهاز التعبئة العامة والإحصاء إنّ معدل التضخم السنوى سجّل 34.2% لشهر يوليو 2017 مقارنة بشهر يوليو 2016.
وأضاف، في بيانه في يوليو الماضي، أنّ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية بلغ (256.6) لشهر يوليو 2017، مسجّلًا ارتفاعًا قدره (3.3%) عن شهر يونيو 2017.
ويأتي هذا الارتفاع الملحوظ في أعقاب قرارات في يونيو الماضي بزيادة أسعار المواد البترولية وتأثيرها على أسعار سلع وخدمات أخرى؛ إذ ارتفعت أسعار مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة (5.4%)، والخضروات (2.9%)، واللحوم والدواجن (2.0%)، والحبوب والخبز (1.8%)، والدخان (8.6%)، وأسطوانة البوتاجاز (24.9%)، وخدمات النقل (4.6%)، وقسم الرعاية الصحية (9.2%).