«الشر الذي يُوجِده المرأ يعيش من بعده»، مقولة على لسان مارك أنطونيو في مسرحية «يوليوس قيصر» لشكسبير بعد مقتل بطل الرواية.
قالت صحيفة «نيوزويك» إنّ هذا الجزء من الاقتباس ينطبق على حالة أسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، الذي قتل في غارة أميركية بباكستان عام 2011، وما زال الجميع يتعرّف عليه حتى الآن وعلى دوره الإشرافي في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، التي قتلت ثلاثة آلاف شخص.
والآن، بعد نشر وكالة المخابرات المركزية ما يقرب من 470 ألف ملف استولي عليها من مجمع أسامة بن لادن في أبوت آباد في 2011، يبدو أنّ نزعة كراهية الغرب التي تكوّنت لديه لها جذور تعود إلى طفولته أثناء زيارته منزل الكاتب المسرحي «شكسبير» في إنجلترا.
وشمل ما نشرته وكالة المخابرات المركزية «مجلة بن لادن الشخصية»، مكتوبة باللغة العربية وأكثر من 220 صفحة طويلة، كُتبت قبل وفاته بمدة قصيرة، وحوت تفاصيل زياراته إلى المملكة المتحدة عندما كان مراهقًا، وفقًا لما نشرته صحيفة «الجارديان».
ولفت «بن لادن» إلى زيارته للغرب حينما كان يبلغ من العمر 13 عامًا، من أجل العلاج، ولم يورد تفاصيل أكثر عنها. وفي العام الذي تلاه، أمضى فيها عشرة أسابيع كاملة للدراسة. وتقول تقارير سابقة إنه زار أكسفورد في عام 1971، حينما كان يبلغ من العمر 14 عامًا، وتظهر صورة ملتقطة له وهو مع اثنين من إخوته وطالبين إسبانيين في كورس لغة.
وأورد «بن لادن» كيف أنه كان غير معجب ببيت شكسبير بعدما زاره في ستراتفورد أبون آفون (وسط إنجلترا)، وقال في مذكراته: «أخذتُ عنهم انطباعًا بأنهم شعبًا فضفاضًا، ولم يسمح عمري بتشكيل صورة كاملة للحياة هناك، ذهبنا ذات أحدٍ لزيارة منزل شكسبير ولم أُعجب به، كان مجتمعهم مختلفًا عن مجتمعنا، كان مجتمعًا منحلًا أخلاقيًا».
وقالت الصحيفة إنه لم يتضح ما أثار اشمئزاز أسامة بن لادن تحديدًا عن مجتمع البريطانيين وثقافتهم؛ لكنّ «المسلح المستقبلي» كوّن انطباعًا عن الغرب بأنه منحط ومختلف بشكل كبير عن المجتمع الإسلامي الذي عاش فيه.
ومسقط رأس شكسبير هو منزل يعود إلى القرن 16، فالكاتب المسرحي ولد في عام 1564 وأمضى سنوات طفولته بعد وفاة والده وارثًا المنزل واستأجر جزءًا من الممتلكات، التي أصبحت نزلًا يسمى ميدنهيد. وترك ويليام المنزل إلى ابنته الكبرى سوزانا بعدما توفي في 1616.
بينما ولد الملياردير محمد بن عوض بن لادن ودرس في المملكة العربية السعودية حتى سن الشباب، ثم انضم إلى المجاهدين في أفغانستان ضد الغزو السوفيتي في أواخر 1970 و1980، وتشير معظم روايات حياته إلى أنه كان معارضًا في التسعينيات، بعد طرده من السعودية لأنشطته المناهضة للحكومة، ثم أجبر بعد على الخروج من ملاذه في السودان؛ بناء على طلب الولايات المتحدة.
أُفرج عن ملفات وكالة المخابرات المركزية لمجلة «لونج وور جورنال» الأميركية، التي دعت منذ مدة طويلة إلى مزيد من الشفافية عما تعرفه الحكومة الأميركية عن تنظيم القاعدة و«بن لادن»، وتشكّل الوثائق الصادرة عن وكالة المخابرات المركزية صورة معقّدة عن زعيم تنظيم القاعدة، الذي اختبأ بعد مدة وجيزة من هجمات 11 سبتمبر، فضلًا عن كميات كبرى من الدعاية للقاعدة وأول فيديو لـ«بن لادن» وخليفته المحتمل «ابنه حمزة».