قالت موقع «جلوبال ريسيرش» إنّ السعودية و«إسرائيل» تآمرتا معًا للدفع بالتوترات في الشرق الأوسط، الذي يعاني من الاضطراب أصلًا؛ لفرض سيطرتهما عليه وتحقيق مصالحهما. وأوضح أنّ تسريبًا لوزارة الخارجية الإسرائيلية عن كُتيّب أرسل إلى جميع المرافق الدبلوماسية الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم للعمل على إثارة الخلاف السياسي في لبنان والدفع بمواجهة عسكرية سعودية مع إيران.
وأضاف، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الكتيب يوجّه تعليمات إلى الدبلوماسيين الإسرائيليين بزيادة ضغطهم على حزب الله اللبناني وإيران.
وحثّت التعليمات على الضغط على الحكومات الأجنبية لدعم حرب السعودية ضد الحوثيين في اليمن، وجاء في مقطتف منها: «يجب استغلال استقالة الحريري لإظهار مدى خطورة إيران وحزب الله على أمن لبنان».
كذبة صاروخ الحوثيين على الرياض
وعلى الرغم من أنّ مراقبين سياسيين يرون إطلاق الحوثيين صاروخًا على الرياض أمرًا خياليًا أكثر من واقعيته؛ فدائمًا ما تثير الحكومات أنشطة عسكرية أو استخباراتية كاذبة لإثبات موقفها، وإطلاق الصاروخ من الحوثيين نحو الرياض يدعو إلى تطبيق مزيد من الضغوط على إيران وحزب الله.
وإصدار الكتيب الإسرائيلي جاء بعد حدثين رئيسين وقعا في السعودية؛ الأول «الانقلاب الداخلي» لمحمد بن سلمان ضد أعدائه المحتملين، والآخر الزيارة السرية للمستشار الأول للرئيس دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر إلى الرياض.
خطة كوشنر وابن سلمان
وظل كوشنر وابن سلمان مستيقظين لأمسيات حتى الساعة الرابعة صباحًا لوضع «استراتيجية التخطيط» معًا، ورافقت كوشنر مستشارته للأمن القومي الأميركي المولودة في القاهرة «دينا باول»، المؤيدة للحكومة المصرية الموالي للسعودية بقيادة عبدالفتاح السيسي، ومبعوث البيت الأبيض في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، وهو مؤيد قوي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصديق مقرب لأسرة كوشنر.
وطبقًا للتعليمات الإسرائيلية، وضع كوشنر وغرينبلات ودينا وابن سلمان استراتيجية لأحداث من شأنها أن تدفع بالشرق الأوسط نحو حرب «سنية شيعية»، بدعم من «إسرائيل»، ضد إيران ولبنان والحوثيين في اليمن.
وبدلًا من أن يكون «ابن سلمان» إصلاحيًا أو معتدلًا كما قال؛ فهو مهندس حرب اليمن وفرض الحصار على قطر، وأراد العودة إلى العصر الذي تتناحر فيه القبائل للسيطرة على الأراضي الصحراوية، وهو ما أشار إليه انقلابه داخل البيت السعودي.
والآن، يؤسس لأن يصبح استبداديًا كاملًا بعد مغادرة والده العرش. ومن أجل ذلك؛ كبح قوة الشرطة الدينية السعودية، وسمح للنساء بالقيادة؛ للحصول على تأييد شعبي، كما أظهر نظامه ميلًا إلى إخفاء المعارضة السياسية، بعد حملات الاعتقالات الأخيرة.
ويرى خبراء في الشرق الأوسط أنّ الارتفاع السريع لابن سلمان إلى السلطة يحقق في نهاية المطاف الحكم الاستبدادي، الذي قاده مؤسس الدولة السعودية الحديثة عبدالعزيز بن سعود في الثلاثينيات من القرن الماضي. ومثل عبدالعزيز، لا توجد أيّ مشكلة في التعاون مع «الصهاينة» لتحقيق أهدافه.
دعم «إسرائيل»
تظهر الوثائق التاريخية والسير الذاتية أنّ عبدالعزيز لم تكن لديه مشكلة في التعبير عن الدعم في عام 1953 للدكتور حاييم وايزمان، رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، وفيما بعد الرئيس الأول لـ«إسرائيل»، من أجل إقامة دولة يهودية في فلسطين.
وفي مذكرة مكتوبة للرئيس «فرانكلين روزفلت»، قال المقدم هارولد هوسكينز، مبعوث الرئيس في الشرق الأوسط، إنّ عبدالعزيز بن سعود قَبِلَ الخطة الصهيونية لدولة يهودية مقابل رشوة قدرها مائتي ألف جنيه إسترليني دفعها ويزمان إليه؛ ويبدو أن «الصفقة» الأخيرة بين السعوديين والإسرائيليين تنطوي على رشوة حرب أميركية مع إيران تدعمها الرياض والقدس؛ مما يرضي ترامب وكوشنر، بالإضافة إلى نتنياهو وابن سلمان.
الانقلاب داخل البيت السعودي
بدأ «ابن سلمان» قصة صعوده بشكل جدي من أكتوبر 2011، بعدما توفي ولي العهد الأمير «سلطان بن عبدالعزيز»، وأصبح الملك الحالي سلمان، الذي كان حاكمًا لإمارة الرياض، والنائب الثاني لرئيس الوزراء ووزير الدفاع في نوفمبر 2011، وجعل سلمان ابنه مستشاره الشخصي، وساعد الأمير الشاب في بدء التمرد الجهادي في سوريا ضد الرئيس بشار الأسد والانتفاضة ضد معمر القذافي في ليبيا، كما ساعد والده في سحق الانتفاضة البحرينية المؤيدة للديمقراطية، بطريقة حية.
وفي نوفمبر 2012، توفي ولي العهد الأمير «نايف بن عبدالعزيز آل سعود»، شقيق سلمان. وعُيّن سلمان وليًا العهد والنائب الأول لرئيس الوزراء، وكان قبل ذلك يدير الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية، بينما كان أخوه غير الشقيق «الملك عبدالله» خارج البلاد.
وتحت مسمى مساعدة البلدان الفقيرة وإمدادها بالتبرعات، أنفقت الأموال السعودية على الجماعات الوهابية في الصومال وبنجلاديش وأفغانستان والسودان.
وفي يناير 2015، توفي الملك عبدالله في سن التسعين؛ وصعد سلمان إلى العرش السعودي، وعيّن الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليًا العهد، ولم يدم طويلًا؛ ففي أبريل 2015 عيّن الأمير محمد بن نايف، وفي 21 يونيو 2017، في ما يمكن وصفه بأنه بداية «انقلاب زاحف»، خُلع ابن نايف بموجب المرسوم الملكي وعُيّن «ابن سلمان».
وفي سبتمبر 2017، اعتقل ابن سلمان كبارًا من رجال الدين، بمن فيهم سلمان العودة، الذي كان مستقلًا عن البنية التحتية الوهابية للدولة السعودية ومعروفًا بأنه يؤيد المصالحة بين السعودية وقطر، كما قُبض على عوض القرني وعلي العمري.
حملات ابن سلمان
ويقال إنّ ولي العهد السابق نايف ظل قيد الإقامة الجبرية إلى أن قام ابن سلمان بخطوته المفاجئة ضد أعضاء آخرين في مجلس النواب السعودي في 4 نوفمبر 2017؛ إذ أعلن تأسيس لجنة لمكافحة الفساد برئاسته، ثم قبض على أمراء ورجال أعمال سعوديين؛ من بينهم الوليد بن طلال وقائد الحرس الوطني السعودي.
ويعمل حاليًا على تطهير مؤسسة الحكم من كبار المسؤولين المحسوبين على الملك عبدالله؛ من بينهم الأمير تركي بن عبدالله، الحاكم السابق لمقاطعة الرياض، وخالد التويجري رئيس المحكمة الملكية في عهد عبدالله.
وفي الوقت نفسه، تحطمت مروحية تحمل الأمير منصور بن مقرن، نائب حاكم مقاطعة عسير، وسبعة مسؤولين سعوديين آخرين بالقرب من أبها في المقاطعة بالقرب من الحدود مع الشمال التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وذكرت تقارير أن الأمير توفي نتيجة لإصابات بطلقات نارية بعد تبادل حراسه النار مع الشرطة الموالية لابن سلمان.
وأخيرًا، أبدى الرئيس الأميركي دعمه لتحركات «ابن سلمان» بحيلة منه ومن كوشنر؛ ما وضع الولايات المتحدة في مواجهة كارثية محتملة مع إيران، وانهيار كامل للوضع السياسي -الهش أصلًا- في الشرق الأوسط.