قالت صحيفة «فايننشيال تايمز» إنّ المعارضة المصرية تمر الآن بأوقات ترقّب مع قرب الانتخابات الرئاسية العام المقبل؛ فاحتمالات فوز السيسي مرتفعة للغاية، خاصة أنّ منافسيه لا يمثّلون أيّ خطر عليه؛ لامتلاكه الجهازين الحكومي والأمني بأكملهما.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ السيسي حاليًا لا يبدو مسالمًا أو سيستسلم للمطالب التي تنادي بألا يترشح مرة ثانية؛ خاصة بعد اختفاء المعارضة بأكملها من أمامه، بعدما قمعهم في الحملات التي قادها على مدار المدة الماضية ووضع بموجبها عشرات الآلاف منهم في السجن، ومعظمهم من الإسلاميين.
لكن، في الوقت الذي ينتظر فيه اللحظة المناسبة للإعلان عن ترشّحه؛ فخصومه -مثل المحامي اليساري خالد علي ومحمد أنور السادات نجل شقيق الرئيس الراحل- يفسحون المجال لوجود فرصة للمنافسين.
وعلى الرغم من الانتصار المتوقع للسيسي، الذي أطاح بسلفه الإسلامي في انقلاب عسكري عام 2013، يقول الخبراء إنّ الحملات التي قادها ضد المعارضين توفّر فرصة لتعبئة المعارضة ومتنفسًا للحياة في ظل مشهد سياسي خنقه القمع على الحريات المدنية.
لعبة السيسي
يقول محمد السادات إنّ «مفاتيح اللعبة كلها بيد السيسي، يدعمه الجيش وكذلك المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية»، بينما حملة السادات الانتخابية تفتح المجال لمناقشة القضايا الهامة؛ لأنّ كثيرًا من المواطنين يشعرون بالظلم.
وثمة مصريون يرون في السيسي مصدرًا للاستقرار وسط منطقة مضطربة وفوضوية، ويقول أنصاره إنهم جمعوا ملايين التوقيعات التي تطالبه بالترشح إلى الانتخابات لولاية ثانية.
لكنّ شعبيته في السنوات الأخيرة عانت بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، التي يتحمّل فيها نظامه اللوم؛ إذ ارتفع معدل التضخم إلى 30% منذ أن خفّضت الحكومة الدعم على الطاقة وتعويم العملة، من أجل تأمين قرض من صندوق النقد الدولي الذي تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل كبير؛ واستتبعه ارتفاع السخط.
وعلى أمل تسخير المزاج الساخط والرافض للسيسي، بدأ خالد علي مساعيه للرئاسة الأسبوع الماضي. وتعهّد بإنقاذ البلاد من «مصير مظلم»، وإجبار السلطات على ضمان أن تكون المنافسة سباقًا حقيقيًا بدلًا من كونها لعبة.
وأضاف خالد أنّ الشرطة المصرية صادرت مطبوعات قبل المؤتمر الصحفي، وهو ادّعاء نفته الداخلية، وقال: «إننا نستعد للانتخابات دون ضمان نزاهة خصمنا أو نزاهة الانتخابات».
عقبات.. وخطوات لصالح السيسي
وتعزّزت صورة خالد علي في الأشهر الأخيرة بعد خوضه معركة قانونية تحدّى فيها قرار السيسي لبيع جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بموجب اتفاق مثير للجدل، ونظر كثيرون إلى هذه الخطوة على أنها استسلام مهين لمتبرع إقليمي ثري، وأثارت الغضب خارج الدوائر الناشطة التي تشكل الدعم الأساسي لخالد علي.
وعلى الرغم من فوزه وحصوله على الحكم الذي أراده، صوّت البرلمان على تسليم الجزيرتين؛ ما زاد من إثارة السخط ضد السيسي، الذي يأمل خالد علي في استغلاله.
ويقول السادات أيضًا إنّ هناك عقبات سياسية أمامه؛ إذ طُرد من البرلمان هذا العام بعد اتهامه لمجلس النواب لدى منظمات أجنبية بإقرار مشروع يقيد عمل الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني.
واتّهم السادات الجهاز الحكومي بإرهاب أعضاء حملته الذين يسعون إلى جمع توقيعات تطالب بترشحه من المواطنين العاديين وتخويفهم، مضيفًا أنّ جمع التبرعات لحملته أيضًا كان صعبًا؛ لأن المانحين المحتملين إما يتعرّضون إلى ضغوط مالية بسبب الوضع الاقتصادي أو يخافون من النظام.
وقالت الصحيفة إنّ المرشحين الاثنين لا يمتلكان الشبكة الوطنية أو الآلية السياسية التي تسمح لهما بأن يشكّلا تحديًا خطيرًا ضد السيسي، وقد يواجه «خالد علي» حكمًا بالسجن في القضية المرفوعة ضده بالإساءة إلى الآداب العامة، إذا اُستُئنف الحكم بسجنه ثلاثة أشهر.
وفي الوقت نفسه، يواصل أنصار السيسي جهودهم لإقناعه بالسعي إلى مدة ثانية، وقال «محمد شعبان»، عضو البرلمان الذي قدم عريضة مؤيدة للسيسي بعنوان «علشان تبنيها»، إنّ الحملة جمعت خمسة ملايين توقيع حتى الآن، مضيفًا: «أطلقنا الحملة لأننا لاحظنا وسائل الإعلام الأجنبية تقود حملة مضادة للسيسي وتقول إن شعبيته تتراجع».
وقال إنّ قرار خالد علي بالترشح إلى الانتخابات أمرٌ في صالحنا؛ وهو أكبر دليل على أنه لا يوجد قمع للحريات في مصر.