نشر موقع «ميدل إيست آي» الأربعاء البريطاني ما قال إنها تفاصيل حصل عليها حصرا لمضمون خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن عملية التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويقول الموقع، في تقريره الذي عنونه بـ”خطة ترامب “التي لا خطة بعدها” إنذار نهائي للفلسطينيين” -وترجمته “عربي21”- إن فريقا أمريكيا يضع “اللمسات الأخيرة” على الخطة التي باتت تعرف باسم “صفقة القرن”.
وينقل الموقع عن دبلوماسي غربي تفاصيل الخطة مشترطا عدم الكشف عن هويته “لأنه غير مخول بالحديث حول هذه القضية لوسائل الإعلام”، وقال إنها ستشتمل على ما يلي:
- إقامة دولة فلسطينية تشتمل أراضيها على قطاع غزة والمناطق “أ” و”ب” وبعض أجزاء من منطقة “ج” في الضفة الغربية.
- ستقوم الدول المانحة بتوفير عشرة مليارات دولار لإقامة الدولة التي ستشتمل بنيتها التحتية على مطار وميناء في غزة، ومساكن ومشاريع زراعية ومناطق صناعية ومدن جديدة.
- تأجيل وضع مدينة القدس وموضوع عودة اللاجئين إلى مفاوضات لاحقة.
- ستشمل المفاوضات النهائية محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والأقطار العربية بقيادة المملكة العربية السعودية.
ويلفت الدبلوماسي الغربي إلى أن جاريد كوشنر، مستشار ترامب الخاص ورئيس فريق عملية السلام، زار السعودية مؤخرا وأطلع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على الخطة “وطلب من السعوديين المساعدة في إقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقبول الخطة، والتي سوف تقدم بشكل رسمي في مطلع 2018″.
ويقول الدبلوماسي الذي يصفه الموقع بـ”المقرب جدا من فريق الولايات المتحدة” إن محمد بن سلمان التقى بمحمود عباس في مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني لإطلاعه على المقترح، وطلب منه قبول الخطة وبأن يكون إيجابياً في التعامل معها.
ويوضح الدبلوماسي أن محمد بن سلمان “متحمس جدا للخطة، وهو حريص على رؤية صفقة سلام تبرم بين الفلسطينيين والإسرائيليين أولاً، ثم بين إسرائيل والأقطار العربية، كخطوة أولى لتشكيل تحالف بين السعودية وإسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني.”
دعم في مواجهة إيران
وقال الدبلوماسي إن محمد بن سلمان أخبر كوشنر بأنه “على استعداد لاستثمار كميات كبيرة من المال في الصفقة، وإنه سيقدم للقيادة الفلسطينية الحوافز الضرورية مقابل رد إيجابي”.
في المقابل ينقل الموقع عن مسؤولين فلسطينيين قولهم إن الرئيس محمود عباس التقى بمحمد بن سلمان أثناء زيارته الأخيرة إلى الرياض، حيث عرض عليه “زيادة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية إلى ما يقرب من ثلاثة أضعاف من 7.5 ملايين إلى عشرين مليوناً في الشهر”.
ويشير الموقع نقلا عن أحد مصادره القول إلى ابن سلمان أخبر عباس أن “التهديد الإيراني للأقطار العربية بالغ الخطورة”، وأكد له أن السعوديين في حاجة ماسة إلى دعم الولايات المتحدة وإسرائيل لمواجهة “الخطر الوجودي” الذي تشكله طهران.
كما نقل المصدر عن ولي العهد السعودي قوله: “لن يكون بإمكاننا ضمان إسرائيل إلى جانبنا قبل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.”
وبحسب الموقع فإن أحد المسؤولين الفلسطينيين يلفت إلى أن الرئيس عباس يعتقد “بأن الخطة يمكن أن تكون مقبولة فقط فيما لو أضيفت إليها عبارة “حدود 1967″ ونحن على استعداد لمنح إسرائيل الوقت إذا كانوا على استعداد لإعطائنا أرض”.
ويضيف المسؤول الفلسطيني: “لقد قلنا لهم (الأمريكيين) إنه فيما لو نصت الخطة بوضوح على أن “الصفقة التي لا صفقة بعدها” تتضمن إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 مع بعض من تبادل الأراضي، فحينها سوف نقبل بالمرحلة الأولى منها، والتي هي إقامة دولة بحدود مؤقتة”.
ويضيف المسؤول “المقرب من المحادثات” أن “المخاوف الوحيدة لدى الفلسطينيين هي أن الإسرائيليين سيحولون المؤقت إلى دائم”.
كما ينقل الموقع عن مسؤول فلسطيني آخر لم يسمه قوله إن عباس “يعتقد بأن الخطة التي صاغها كوشنر ومبعوث الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، جاءت في الأصل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنبامين نتنياهو”، مضيفا: “هذه خطة نتنياهو، وهو الذي سوقها للفريق الأمريكي، وهم الآن يسعون لتسويقها إلى الفلسطينيين والعرب.”
إغلاق مكتب منظمة التحرير
ويتابع المسؤول الفلسطيني الحديث عن الخطية بالقول إن “الفلسطينيين يتوقعون أن تمارس عليهم المزيد من الضغوط، من واشنطن ومن العواصم العربية على حد سواء”، مضيفا: “تهدد الولايات المتحدة بفرض عقوبات ضد الفلسطينيين فيما لو رفضوا الخطة، مثل إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ووقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية”.
وبالفعل بدأت واشنطن تنفيذ التهديدات هذا الأسبوع حيث قامت بإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن، وهو ما ردت عليه السلطة الفلسطينية بتجميد كافة اللقاءات الأمريكان، حسب مسؤولين فلسطينيين.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي قوله: “ما فائدة عقد أي اجتماعات حينما يقومون بغلق مكتبنا؟ تبدأ اجتماعاتنا من مكتبنا، والترتيبات جاهزة”.
ويعود المسؤول الفلسطيني بالذاكرة إلى العام 2000 عندما قال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وولي العهد السعودي حينذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز لياسر عرفات: “نحن نقبل فقط ما يقبله الفلسطينيون.”
وأضاف: “في محادثات كامب ديفيد في العام 2000، دعم العرب الراحل ياسر عرفات في مواجهة الضغوط الأمريكية، أما الآن فلا يوجد من يقف معنا، بل إن الملك السعودي الآن غارق في الصراع مع إيران في كل من اليمن ولبنان وسوريا والعراق، بينما الرئيس المصري غارق في سيناء”.
وينوه الموقع في تقريره إلى أن العلاقات بين السعودية وإسرائيل “انسابت خلال الشهور القليلة الماضية التي شهدت فيضاً من الاتصالات والزيارات غير المسبوقة إلى السعودية من قبل شخصيات إسرائيلية كبيرة”.
وفي السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي قال رئيس الأركان الإسرائيلي جادي إيزنكوت إن “بلاده على استعداد لإشراك السعودية بما لديها من معلومات استخباراتية وأن البلدين لديهما مصلحة مشتركة في مجابهة إيران”.
“كلام فارغ”
وحيال ما تقدم، يشير الموقع إلى أن “كثيراً من الفلسطينيين يقولون إنهم سيرفضون صفقة السلام التي تتزعمها السعودية لأنها تتنازل عن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة وتفتح الباب على مصراعيه أمام تطبيع العلاقات بين العرب وإسرائيل”.
وينقل الموقع عن مسؤول الأمن الوطني الفلسطيني في مخيم عين الحلوة في لبنان اللواء صبحي أبو عرب قوله: “لن يقبل الفلسطينيون بذلك أبداً، سواء داخل فلسطين أو خارجها، أو في أي مكان. هذه ليست فكرة جديدة، بل تتكرر كل حين، وأبو مازن (عباس) لن يوافق عليها أبداً. هذه مجرد كلمات فارغة ما لبثت تستخدم منذ عقود.”
أما الناشط الفلسطيني داخل مخيم عين الحلوة ظافر الخطيب فيقول: “إن إسرائيل تسعى لاستغلال الفرصة مع المملكة العربية السعودية من أجل كسر المحرمات فما يتعلق بالتطبيع مع إسرائيل”.
ويضيف: “يعلمون علم اليقين أنه لا يمكن إزالة حق العودة. وهذا لا يعني أنهم لا يطبخون شيئاً ما، لا شك أن شيئاً يحدث، ولكنه غير واضح حتى الآن، ولا يوجد شيء على الأرض بعد”.