شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«لوب لوج»: ابن سلمان أخطأ فهم أميركا وسبب فوز إيران في المنطقة

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رفقة وزير الخارجية عادل الجبير ووفد مرافق

نشرت صحيفة «لوب لوج» مقالًا لـ«جيمس دورسي»، الباحث المتخصص في السياسات الدولية بجامعة نانيانج التقنية في سنغافورة؛ سلّط فيه الضوء على الجهود الدبلوماسية لابن سلمان لتعزيز صورة المملكة في واشنطن ومحاولته جذبها لتأييد سياساته في المنطقة؛ خاصة بعد محاولة واشنطن الحدّ من تدخلها في الشرق الأوسط.

وقال إنّ هذه الجهود خاطئة وستأتي بنتائج عكسية، وهناك تداخل أيضًا وتخبّط في المواقف الأميركية، ووضوح الاختلافات بين البيت الأبيض والكونجرس، خاصة فيما يتعلق بالأزمة القطرية.

ووصف جيمس، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، جهود ابن سلمان بأنها محفوفة بالمخاطر؛ خاصة وأنها أظهرت فشلًا في مساعاها الأساسي، وهو مواجهة النفوذ الإيراني؛ وانتهت سياساته بهزيمة السعودية في اليمن وسوريا والعراق مقابل تقدّم النفوذ الإيراني. أيضًا، ساهم الدور الإماراتي في تعقيد الأمور؛ عن طريق ولي العهد «محمد بن زايد» الدائم التشاور مع «ابن سلمان».

محمد بن سلمان ومحمد بن زايد

لبنان وابن سلمان وتعقيد الوضع

بالرغم من تمثيل «سعد الحريري» تعقيدًا للجهود الدبلوماسية للحدّ من السلطة السياسية والعسكرية لحزب الله، بتراجعه عن استقالته؛ فإنه يلفت إلى أن ابن سلمان استطاع الوفاء بنذره وخوض الحرب مع إيران خارج أراضي السعودية، ربما في إيران نفسها. وفي هذا الشهر، حذّر وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» إيران، وقال إنه يجب عليها «مراجعة نظرتها العدوانية التي تنظر بها إلى بعض دول المنطقة»، وأضاف: «سنرد على العدوان ولن ندعكم تقومون بهذا بعد الآن».

سعد الحريري

كما بدأ إيرانيون من مقاطعة خوزستان الغنية بالنفط الإشارة هذا الأسبوع في وسائل إعلام سعودية إلى الظلم الذي يتعرّضون إليه من الحكومة الإيرانية، وهذه «وسيلة السعودية لتقويض الحكومة في طهران؛ عن طريق الاستفادة من المظالم المحلية بين الأقليات العرقية الإيرانية»، مثل قتل الإعلامي المناهض لطهران «أحمد مولا نيسي (52 عامًا)» في لاهاي هذا الشهر.

كما أعلن ناشطون باكستانيون في إقليم بلوشستان عن تدفقات هائلة من الأموال السعودية العام الماضي إلى مجموعات سنية متحفظة، بجانب إعلان بنك سعودي يعتقد أنه مدعوم من «ابن سلمان» مخططًا لدعم البلوش ودعا إلى «تدابير مضادة ضد إيران».

الإيرانيون فائزون

سجِل الأمير محمد في مواجهة إيران مختلط وغير واضح؛ إذ أدى تدخل المملكة لعامين ونصف في اليمن إلى تقريب إيران والحوثيين معا، كما أثار شبح  تنظيم «الحوثيين» لأنفسهم على حدود السعودية، كما فعل حزب الله. وفشلت المملكة أيضًا في دعم المعارضين في سوريا ضد بشار الأسد، الحليف الإيرانى الرئيس، وقاطعت العراق لمدة 13 عامًا؛ في محاولة لمواجهة هذا النفوذ، ثم عادت للتعامل مع بغداد للغرض نفسه.

من أسلحة حزب الله في حربه في سوريا والعراق – أرشيفية

وفي لبنان، يريد «ابن سلمان» الضغط على «حزب الله» لنزع أسلحته ووقف تدخله العسكري خارج حدود البلاد؛ حتى لو بدا أنّ الحزب يريد تجنب أزمة بالإعلان عن أنه سينسحب من سوريا والعراق. ونفى «حزب الله» أنه زود الحوثيين بأي أسلحة أو الصاروخ الباليستي المطلق على الرياض هذا الشهر.

ورأى الباحث السياسي في صحيفة «جيروزاليم بوست» جوناثات سباير أنّ «الإيرانيين فازوا حتى الآن في لبنان بفاعلية، كما يفوزون حاليًا في سوريا والعراق؛ بينما ينزف السعوديون في اليمن، وهناك أدلة تشير إلى أن السعوديين تعلموا من فشلهم، وأنهم عاجزون عن الحد من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط».

خطأ في فهم مواقف أميركا

وإذا كانت استراتيجية «ابن سلمان» تحاول إثارة التوترات الإقليمية، فالأمر يطرح سؤالًا عن قدرتها على مواجهة إيران بنجاح؛ فتحركاته كلها تستند إلى خطأ فهم في الموقف الأميركي تجاه ما يفعله، و«يبدو أنه يعتقد أنه بإمكانه تجاهل إشارات وزارة الخارجية والبنتاجون وأعضاء الكونجرس، الذين قدموا المشورة بطريقة حذرة، ما دام أنه مدعوم من الرئيس دونالد ترامب وجاريد كوشنر»؛ وهذا الاعتقاد معزّز أيضًا من نظيره الإماراتي ولي العهد «محمد بن زايد»، الذي ينسق معه عن كثب.

ولى العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب

ويشير تطوّر النهج الأميركي في أمر مقاطعة قطر إلى التعقيد الذي طرأ على صنع السياسة في واشنطن بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة.

وقالت صحيفة «المونيتور» إن سفير الإمارات في واشنطن «يوسف العتيبة» دعا في يونيو «ستيوارت جونز»، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، في منتصف الليل لإخطاره مسبقًا بأمر المقاطعة؛ فردّ جونز: «ماذا تفعلون؟ إنه جنون، هل تحدثتم إلى البيت الأبيض؟».

وعلى الرغم من أنّ ترامب أعرب عن تأييده للموقف السعودي الإماراتي، الذي ينطوي على رفض التفاوض أو إنهاء الحصار القطري ما لم تقبل الدوحة مطالب من شأنها إضعاف قدرتها على رسم مسارها الخاص؛ فالسياسة الأميركية التي يديرها وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» ووزير الدفاع «جيمس ماتيس» دفعت إلى حل تفاوضي يدعم الموقف القطري أكثر.

قراءة السعودية الخاطئة

وحثّ العضو عن الحزب الجمهوري «إد روجرز»، في مؤتمر بالإمارات، دول الخليج إلى توسيع نطاق انتشارها في واشنطن؛ فبدلًا من التركيز الضيق على البيت الأبيض، عليهم أن يمتدوا إلى فروع أخرى من الحكومة. ودعا مجلس النواب الأميركي الأسبوع الماضي، في إشارة إلى خطر الاعتماد على البيت الأبيض فقط، إلى ضرورة إجراء مناقشات بشأن الدعم العسكري الأميركي للسعودية في اليمن؛ بالاعتماد على قرار «غير ملزم» يسمح بتقديم مساعدات عسكرية دون إذن الكونجرس.

مجلس النواب الأميركي

وبالتالي، قراءة السعودية والإمارات العربية المتحدة للوضع في واشنطن، والاعتماد المفرد على البيت الأبيض، أمران مثيران للدهشة بالنظر إلى أنّ العتيبة والجبير، وزير الخارجية السعودي، لهما سجل حافل في دفع تمويلات لمراكز أبحاث وعلاقات عامة لتقديم المشورة للمملكة.

ويعتبر العتيبة، الذي ينظر إليه على أنه أحد أكثر الدبلوماسيين الأجانب تأثيرًا في واشنطن، سفيرا في الولايات المتحدة منذ ما يقرب من عقد من الزمان؛ بينما تلقى الجبير تعليمه في الولايات المتحدة في سفارة المملكة في واشنطن، وبعد سنوات أصبح سفيرًا في الولايات المتحدة قبل تعيينه وزيرًا للخارجية.

وترتكز جهود السعودية والإمارات على البيت الأبيض لمواجهة سياسة أوباما السابقة، التي حدت من مشاركة أميركا في الشرق الأوسط. وفي مطلع 2016، قال «ابن سلمان» لـ«الإكونوميست» إنه «يجب على الولايات المتحدة إدراك أنها رقم واحد في العالم، وعليها أن تتصرف على هذا النحو»، وقال إنّ عليها الانخراط بشكل أفضل.

وبالنسبة إلى الملك السعودي، تعني إعادة الارتباط الدعم الأميركي لجهود المملكة؛ لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بما يتوافق مع سياساتها.

الملك سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض

الآن، أولويات ترامب في المنطقة مواجهة إيران ومحاربة التطرف، وحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومحاولة فتح الباب أمام التعاون الإسرائيلي السعودي العلني؛ وهي أهداف يتفق فيها البيت الأبيض مع الكونجرس. لكن كثيرين في الإدارة والكونجرس قلقون من أنّ طريق تحقيق «ابن سلمان» هذه الأهداف سيأتي بنتائج عكسية.

وفي الأسبوع الماضي، حذّرت وزارة الخارجية الأميركية مواطنيها من السفر إلى السعودية؛ بسبب التهديدات المستمرة من الحوثيين بإطلاق مزيد من الصواريخ على السعودية. ونصح «سلمان الأنصاري»، رئيس مجلس العلاقات السعودية الأميركية، المملكة بالتواصل مع مختلف شرائح المجتمع الأميركي في ما وصفها بأنها «معركة المملكة الحقيقية».

وأضاف أنّ إحدى نقاط ضعف السعودية هي دبلوماسيتها؛ خاصة فيما يتعلق بتوصيل مخاوفها الأمنية والاقتصادية الوطنية إلى الجمهور الأميركي، مضيفًا أنّ الجهود الإعلامية للمملكة في واشنطن لا تزال بعيدة عن مسايرة الركب، في عصر تُنشر فيه المعلومات بسرعة كبرى، وليس لديها عذر للوصول إلى الشعب الأميركي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023