لا شك أن المعارضة تثري الحياة السياسية وخاصة في الدول التي تفهم حقيقة المعارضة ودورها الفعال في مسيرة الدول.. والمعارضة النقية البناءة لها وظيفتان أساسيتان في العملية السياسية؛ الوظيفة الأولى: أنهاتقدم نفسها للمجتمع على أساس كونها بديلا ممكنا لنموذج سائد ترفضه لأسباب منطقية حقيقية واقعية، والوظيفة الثانية أنها تعمل على تصحيح مسار النظام القائم في حالة خروجه عن الصواب.
ومن خلال هاتين الوظيفتين يتبين لنا أهمية المعارضة في الحياة السياسية لأية دولة تريد أن تكون في طليعة الأمم الديمقراطية..
ولكن عندنا في بلادنا المعارضة لها وظيفة أخرى فهي معارضة على طول الخط لا تقيّم عملا يصدر من الفئة الحاكمة تقييما موضوعيا ولكنها رافضة لكل ما يصدر عنه حتى لو كان صوابا مطلقا..
المعارضة في بلادنا تعني التحدث بصوت عال والانفعال الدائم وإعلان السخط على كل شيء.. وإثارة الناس وإشاعة الفتن.
المعارضة في بلادنا ظاهرة صوتية فقط لا تحمل رؤى عملية حقيقية.
كنت أظن أن المعارضة بعد ثورة يناير ستصحح مسارها وتعدل من آلياتها وتكون معارضة حقيقية لها برامجها وخططها ومؤسساتها لتتوافق مع حالة التغير السياسي التي تعيشها بلدنا.. وكنت أظن أن من كانوا يعارضون أيام النظام السابق سيكوّنون جبهة قوية متماسكة ناكرة لذوات ممثليها ومكونيها للنهوض ببلدنا.. ولكنها صارت في نفس الطريق المعوج التي كانت عليه، وصدق فيهم قول الشاعر
كبهيمة عمياء قاد زمامها أعمى على عوج الطريق الأعوج
إنها معارضة ترفض كل شيء ولا ترى خيرا أبدا في أي شيء في البلاد.. من يعارض لا بد أن يقول لماذا يعارض وأي شيء يعارضه.. وما الذي يمكن أن يقدمه لتصحيح ما يعارض لأجله..
مصر عاشت فترة طويلة من الزمن مكبلة بالحكم العسكري الذي لا يعرف إلا القسوة والرأي الواحد.. وها هي ذا تخطو خطوات سريعة نحو الحرية والديمقراطية والإصلاح.. ما أفسده النظام السابق على مدار سنوات طوال يحتاج إلى وقت لتصحيحه ولا يجب بأي حال أن يكون هذا الوقت طويلا. ولكن لا بد أن نتفق أنه يحتاج لوقت فالبناء صعب..
كم أتمنى أن تكون المعارضة في بلادنا حقيقية فعالة بناءة مرشدة مصححة هادفة تعارض ما يستحق أنا يعارض وتوافق وتعين وتساعد فيما تبين صحته.. إذا رأت خيرا أعانت عليه وإذا رأت شرا أو خطئا وقفت في وجهه وحاولت تصحيحه.. هذا ما يجب أن يكون عليه الإنسان صاحب الفطرة النقية.. فالحق أحق أن يتبع..
أتمنى أن يكون فقه المعارضة واضحا في كل سلوكياتنا فليس معنى أنني اليوم أعارض تصرفا معينا لمؤسسة أو لفرد أنني أرفض كل ما يصدر عن هذه المؤسسة أو هذا الفرد على طول الخط..
وليس معنى أنني أناصر مؤسسة أو فردا أنني لن أعارضه أبدا..
المعارضة الحقيقية تقوم على مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر..
الرسول الكريم يقول: لا يكن أحدكم إمعة إن أحسن الناس أحسن وإن أساءوا أساء.. ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم
فيا أهل المعارضة في مصر انتبهوا ولا يكن هدفكم من المعارضة أن تثبتوا أنكم موجودون على الساحة وأنكم زعماء هذه الأمة .. تحقيقا لمبدأ أنا أعارض إذن أنا زعيم.. الزعامة الحقيقية هي زعامة تثبتها القلوب وتقرها العقول للشخص الذي يبنى ويرشد ويصحح ويقود أمته إلى النهضة والحق والعدل والخير..
فيا أصحاب الزعامات الزائفة .. والأصوات الزاعقة أفيقوا قبل أن يلفظكم المجتمع ويتجاوزكم الزمن.. وتخرجوا من هذه المرحلة خزايا غير مأسوف عليكم.
كلمات قصيرة:
الدكتور محمد مرسي: سر على بركة الله يحرسك الله بعينه التي لا تنام ويكنفك بركنه الذى لا يرام ويحفظك بملكه الذي لا يضام ويكلؤك في الليل والنهار..
الدكتور هشام قنديل: ما زال الشعب المصري يتطلع منك إلا أداء أفضل.
القوات المسلحة المصرية ووزيرها: سيسطر التاريخ موقفكم من الثورة وتغليب مصلحة الوطن على مصالحكم الشخصية بحروف من نور.
محافظ كفر الشيخ: انتقدتك من قبل في مقال سابق لموقف معين ولكني أراك تسير الآن على الطريق الصحيح.. وأشهد الله أني أحبك فيه وأريدك أن تظهر دائما في أفضل صورة تليق بالمسلم الصحيح.
الإعلام المصري: لا فائدة ولا رجاء في إصلاح أحوالكم فذيل الكلب لا يمكن أن يعدل أبدا.