شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ميدل إيست آي»: انتخابات 2018 بلا ضمانات لنزاهتها وخيانة لثورة يناير

خالد علي أثناء إعلان ترشحه إلى الرئاسة (رويترز)

نشرت صحيفة «ميدل إيست آي» مقالًا لرانيا المالكي، رئيسة تحرير «ديلي نيوز إيجيبت» السابقة، تحدّثت فيه عن إمكانية تمكّن خالد علي من خوض انتخابات نزيهة أمام السيسي، واحتمالات اصطفاف القوى الوطنية خلفه أو خلف أي مرشح آخر، مع المقارنة بين هذه الانتخابات وسابقتها الديمقراطية الأولى في مصر عام 2012. 

وقالت رانيا، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، إنّه عندما أعلن المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي الأسبق خالد علي ترشّحه إلى الرئاسة في إبريل الماضي كان من السهل تحمّسه لاحتمالية التغيير المرتبطة تقليديًا بهذه المسألة.

وهو واحد من عدد قليل ممن أعلنوا ترشحهم حتى الآن؛ ففي يوم الأربعاء أعلن أحمد شفيق، قائد القوات الجوية السابق ورئيس الوزراء الأخير في عهد مبارك وخسر في سباقه ضد الدكتور محمد مرسي في انتخابات 2012، نتيته الترشح لانتخابات 2018.

وفي تطوّر سريع وغريب، أعلن شفيق في فيديو بُثّ على قناة الجزيرة أنه ممنوع من مغادرة الإمارات، التي لجأ إليها في الخمس سنوات السابقة لتفادي تحقيقات في الفساد بمصر، وكانت مجرد محاولة لمنعه من الترشح للانتخابات، وضعها عبدالفتاح السيسي.

وفي الوقت نفسه، لم يعلن السيسي ما إذا كان سيترشح مرة أخرى للرئاسة أم لا. أما المتسابق الثالث فهو ضابط الجيش السابق أحمد قنسوة، الذي أعلن ترشحه للرئاسة في شريط فيديو وزّع على منصات وسائل الإعلام يوم الأربعاء.

أمر سخيف

لا شيء يبرر هذا العالم السخيف أكثر من الحديث عن الانتخابات الرئاسية، ولا يوجد شيء أكثر إحباطًا من كون الانتخابات الوحيدة التي كانت ديمقراطية في 2012 وشاركت فيها أيقونات ثورة يناير، ونشط الجميع في هذا السباق.

استغرق الأمر من المصريين قرابة 60 عامًا للتخلص من الديكتاتورية العسكرية المقنعة، التي صوّرت نفسها على أنها نظام مدني ديمقراطي للحكم، وعامين من الفوضى والدماء والدعاية الواسعة لجرف البلاد مرة أحرى ناحية القمع أكثر من أي وقت مضى في تاريخها.

وهذه اللامبالاة السخيفة ترتبط بحالة «خالد علي» بشكل خاص، وهو ينتظر الآن حكمًا بشأن الاستئناف الذي قدمه على حكم سجنه ثلاثة أشهر لاتهامه بخدش الحياء العام، وهي تهمة تنتهجها الحكومة في كل مكان لإسكات المعارضين السياسيين للسيسي.

خالد علي أثناء وقفة لحكم المحكمة بمصرية تيران وصنافير

ويدّعي «خالد علي» أنّ القضية لها دوافع سياسية، وأنّ أشرطة الفيديو المقدّمة إلى النيابة العامة كدليل ضده مجتزأة. ويزعم المدعي «النيابة» أنّ المرشح الرئاسي الأسبق أطلق إشارة بذيئة بيده عقب قرار مجلس الدولة بشأن قضية تيران وصنافير، التي حُكم فيها ببطلان بيع الجزيرتين.

وبتأييد الحكم سيُمنع خالد علي من الترشح في أي منصب عام، وهناك تفسيرات قانونية تعتبر مثل هذه الأفعال جريمة فظيعة، وتُجرّد مرتكبها من حقه المدني والسياسي في الترشح، أو حتى التصويت في الانتخابات الوطنية.

فسخافة الحالة برمتها هائلة على مستويات عدة، وقتل السيسي المئات علنًا وسجن عشرات الآلاف دون إجراءات قانونية، وقاد حملة قمع غير مسبوقة ضد وسائل الإعلام، والآن يحاول إسكات أحد منتقديه بدعوى أنه وقح. فهل هو جاد؟

إذا وضعنا كل ذلك جانبًا وألقينا نظرة على الظروف التي رافقت إعلان خالد علي ترشحه للرئاسة، فإنه يضيف بعدًا آخر للكوميديا السوداء؛ فقبل ساعات قليلة من المؤتمر الذي استضافه حزب الدستور المعارض، لأنه لا يوجد مكان آخر في العاصمة بأكملها يجرؤ على استضافته؛ خوفًا من انتقام الأمن، داهمت الشرطة المطبعة التي طبع منشوراته فيها.

وفي المؤتمر، الذي لم تنقله وسائل إعلامية كثيرة، وَعَدَ خالد بالتنسيق مع جميع الجهات السياسية الفاعلة من أجل إنقاذ مصر من مصير مؤسف؛ وهو أمر سمعناه من قبل، و«المعارضة المصرية اتفقت على ألا تتفق».

وهو أمر اُختُبر في الانتخابات الأكثر أهمية في عام 2012؛ بعدما فشلت المعارضة غير الإسلامية في الاصطفاف خلف مرشح واحد؛ ما أدّى إلى تفتيت الأصوات، وتُركت ساحة النضال بين «أحمد شفيق» ومرشح الإخوان المسلمين «محمد مرسي»، الذي فاز قانونيًا في أول انتخابات ديمقراطية في مصر؛ لكنه في نهاية المطاف خسر أمام الدولة العميقة.

الضمانات الحقيقية

من غير المحتمل أن تتمكن المعارضة المصرية من تسوية خلافاتها في انتخابات 2018؛ خاصة في ظل غياب أي ضمانات لنزاهتها. وقال خالد علي في المؤتمر الصحفي: «لم نتلقّ أي ضمانات حقيقية تضمن إجراء انتخابات شفافة وديمقراطية أو أن جميع القوى السياسية ستتخذ موقفًا موحدًا في هذه المسألة».

وكلماته تفتح تساؤلات أخرى: كيف تضمن «الشفافية الانتخابية» في ظل السيطرة على جميع مؤسسات الدولة، بما في ذلك البرلمان «المطاطي»؟ وبغية أخذ الأمور إلى منحى أسوأ، سنّت اللجنة الوطنية للانتخابات، وهي الهيئة المخولة بالإشراف على المنافسة، قانونًا وافق عليه السيسي في أغسطس الماضي، وينص على أنّ المجلس المكون من عشرة أعضاء ويعدّ قواعد بيانات الناخبين ويراجعها ويتّخذ القرارات بشأن أهلية المرشحين، يرشحهم قضاة المجلس الأعلى، ويوافق عليهم الرئيس.

فمن الناحية الظاهرية، تبدو اللجنة هيئة مستقلة. لكن، عمليًا، ووفقًا للسوابق التي ثبت فيها تعاون السلطة القضائية مع السلطة التنفيذية؛ هذا الاستقلال مشبوه للغاية.

وحتى لو افترضنا أنّ رئيس اللجنة لن يؤدي دورًا في ترشيحات محكمة العدل العليا، فـ«الرئيس» لا تزال لديه سلطة استخدام حق النقض على ترشيحات المجلس؛ لضمان وجود لجنة تقدم فروض الولاء.

خيانة لثورة يناير

ومرة أخرى، تقف القوى السياسية في مصر في مفترق الطرق: هل ينبغي أن تشارك في لعبة سخيفة، كما فعل حمدين صباحي في انتخابات 2014 وترشحه ضد السيسي في انتخابات كانت نتائجها معروفة مسبقًا، أم ينبغي عليها أن تقاطعها من البداية؛ حتى لا تضفي شرعية عليها ولتفتقد المبدأ الأساسي لأي سباق ديمقراطي؟

الجواب واضح: المشاركة في هذه الانتخابات بأي حال ليست تمثيلًا لنشاط ديمقراطي، وتعد خيانة للروح الأساسية لثورة يناير، التي كان هدفها التخلص من الحكم العسكري وضمان حكومات مدنية مستقلة. ومع كل الاحترام لخالد علي، هذا لم يحدث في 2014 ولن يحدث في 2018؛ لكن دعونا ننتظر.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023