تفاجأ البعض عندما سمعوا تصريحات عادل حموده" بأننا لسنا دوله مدنيه و إنما دوله دينيه طالما أن رئيس الوزراء يصلى بالجلباب و نهتم بنقل أخبار صلوات الرئيس ربما أكثر من إنجازاته !!! " … و أعتقد أن حتى من هم ضد الإخوان و مرسي سيندهشون من هذا الكلام لأن الشعب المصري أغلبه يؤدى الصلوات في المسجد بالجلباب , و صلاه الرئيس تنقل على الهواء منذ الأزل و ليس الأمر بجديد علينا.
و الواقع أن تصريحاته تبدو متماشية مع الخط العام للإعلام… فقبله بأيام قليله طل علينا محمود سعد و هو " منتفخ الأوداج " يستنكر تفقد المحافظ للمستشفى الذي أدى بمسجده صلاه الفجر و اشتكى له بعض المصلين من سوء الأداء بها فقرر أن يعاين الأمر بنفسه دون ترتيب … و لم ينتبه الإعلامي الكبير للجانب المضيء للقصة و كون المحافظ ذهب للصلاة ثم للمستشفى دون حراسه و لا كونه تحرك فورا للتحقيق في شكاوى المواطنين … و لكن كل ما راعه أن يذهب الوزير بالجلباب "ذو الصبغة الدينية " و تساءل مستنكرا: " أنت فاكر نفسك عمر بن الخطاب و نازل تعس بالليل ؟" …. و استمر الإعلامي في نقده بانفعال شديد حتى نبهه من بالكنترول في ما يبدو إلى حدته الغير مبرره فسأل "أنا زودتها ؟ آه زودتها" .
و يمكن أن أستمر في سرد أحداث مشابهه إلى ما لا نهاية … فالإعلام لم يتوقف عن النواح على الحكومة الإخوانية بالرغم من أنه لا يوجد إلا أربع وزراء فقط من أصل ثلاثة و ثلاثون وزيرا …. و استمر النحيب على وفاة الصحافة الحرة بسبب تغيير رؤساء تحرير الجرائد و أخونه الصحافة بالرغم من عدم تعيين أي فرد من الإخوان … و نفس الشئ حول تأسيسية الدستور و أي لجنه يتم تشكيلها و بها أي عدد من التيار الإسلامي مهما قل.
و هنا يأتي السؤال … هل فعلا تتم أخونه الدولة ؟ … هل حقا جلباب المحافظ توطئه لان يصبح الجلباب هو الزى الرسمى للدولة ؟ هل يستحق حجاب المضيفة و لحيه الضباط كل هذا اللغط ؟ هل هو حقا خوف من " التكويش " على كل أجهزة الدولة و مؤسساتها ؟هل من الطبيعي أن يتم نسب كل فرد في أي مؤسسه إلى الإخوان لمجرد أنه ذو لحيه أو معروف بالتزامه الديني أو بجبهته علامة الصلاة أو حتى يتكلم عن الإخوان ببعض الحيادية كما حدث مع رئيس الوزراء د. هشام قنديل , و معتز بالله عبد الفتاح في تأسيسية الدستور الأولى و حتى الفريق السيسي الآن.
أرى أن الأمر ليس خوفا من "السيطرة" بل هو خوف من "الوجود"… فقد دأب النظام و الإعلام على نشر فكره أن " النخبة " و " المثقفين " بصفه عامه ينتموا إلى التيار الليبرالي على اختلاف توجهاته … بينما عملت على أن يرتبط التيار الاسلامى بالرجعية و التخلف و الإرهاب أحيانا … و برغم أن هذه النخبة و تيارها السياسي لا تمثل أغلبية و لا ثقل لها على الأرض … إلا انها اعتادت أن تكون دائما في المقدمة و على قمة الهرم … و مهما اختلفت توجهاتهم و قراراتهم عن توجهات التيار العام في الشارع… إلا أن كان هناك يقين أن لديهم من الرؤيا كنخبه ما يجعلهم أكثر قدره على تحليل الأمور و اتخاذ القرار.
و لأن هذا الوضع استمر لعقود طويلة … أصبح من المرعب لهؤلاء أن يظهر وسطهم شخص ينتمي للتيار الإسلامي… حتى لو واحد فقط من أصل عشره… لأنه ببساطه سيؤدى مع الوقت إلى تغيير "هوية " النخبة … و سيبدأ الناس في تقييم الإسلاميين بشكل مختلف… و سيتأكدون أن الليبرالية ليست مفتاح التنوير و التميز… و أن الإسلاميين ليسوا رجعيين و لا أنصاف متعلمين …. و سيميلون إليهم تلقائيا لأن المصريون شعب متدين بالفطرة.
لذلك من الخطر جدا أن يظهر وزير إخواني ناجح … أو محافظ إخواني محبوب … أو أن يحقق الرئيس أي إنجاز يصل إلى الشعب… أو أن يظهر بالتأسيسية من ينتموا إلى التيار الديني و يكونوا جزء ممن يقوموا بكتابه دستور مصر … كل هذه المهام كانت حكرا لفئة معينه..و الآن يتم إعادة توزيع الأدوار بشكل جديد يحاول أن يضم كل فئات المجتمع بشكل حقيقي… لا يتميز فيه شخص لأنه ينتمي لتيار بعينه… و لا يسجن و يحتقر آخر لانتمائه لتيار مخالف … مجتمع تكون فيه الخبرة و الكفاءة هي معيار الترقي و ليس مدى قربك من النظام و تبنيك لقناعاته و سياساته.
و سيكون من السذاجة توقع أن يتم هذا بسلاسة… و أن تستسلم نخبتنا بلا قتال من أجل الحفاظ على مكانتها و بقائها و هويتها… لذلك لا تتعجبوا كثيرا لهذه الحرب الشرسة… و لا من ردود الأفعال المبالغ فيها … و التصريحات النارية الغير مفهومه … و الحقد الذي يفشل البعض في إخفائه أحيانا كلما نجح الطرف الآخر في إحراز أي نجاح… لا تتعجبوا و لا تحزنوا, فهي معركة بقاء… و لولا أننا نمشى بخطى ثابتة ,و في الطريق الصحيح إن شاء الله ما وجدتم هؤلاء يموتوا كمدا … و الحمد لله حمدا كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه و عظيم سلطانه.