ذكرت وثائق سرية أنّ البريطانيين سعوا جاهدين للحفاظ على مكانة حسني مبارك نائبًا للرئيس المصري آنذاك أنور السادات؛ ليتمكّن من خلافته؛ «أملًا في مساعدتهم على إبرام صفقات سلاح».
وأوضحت الوثائق، التي حصلت عليها «بي بي سي» بمقتضى قانون حرية المعلومات، أنّ التقييم البريطاني لمبارك عندما تولى الرئاسة أنه «مستقيم، ولم يكن قابلًا للإفساد في المنصب، وتولى على مضض».
وزار مبارك العاصمة البريطانية لندن لآخر مرة وهو نائب للرئيس الراحل السادات في شهر سبتمبر 1980، وتقرّر آنذاك ألا يبالغوا في الاهتمام به حتى لا يتسبب ذلك في وغر صدر السادات عليه، وهو ما حذّرت منه السفارة البريطانية.

وقالت السفارة، في برقية سرية أرسلها السفير سير مايكل وير إلى إدارة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في الخارجية البريطانية، إنّ «أحد أسباب محاولتنا إثارة ضجيج بشأن مبارك، نائب الرئيس، عندما يزور بريطانيا الشهر المقبل هو، كما تعلمون، أنّه الخليفة الأكثر احتمالًا للرئيس السادات في حالة حدوث أي شيء للأخير».
وأضافت: «سأترك لكم تقدير الخطر الذي ينطوي عليه مثل هذا الاهتمام، غير أنّ الرئيس السادات قد يفهم الأمور خطأ بشكل كبير لو حدث هذا الشيء الضجيج وإن كان بريئًا».
وأعلنت الوثيقة أنّ «قوة موقع مبارك تكمن حتى الآن في قدرته على مساندة الرئيس في كل المناسبات من دون أن يبدو بأي حال أنه تهديد، ولو شعر الرئيس بأن مبارك يكتسب قاعدة قوة مستقلة فربما يقرر تحجيمه».
وفي سيرة ذاتية لمبارك أعدت عندما تولى الرئاسة، استبعدت أجهزة جمع المعلومات البريطانية ميله إلى الفساد، وقالت إنّ «الترقية غير المتوقعة لمبارك إلى منصب نائب الرئيس في أبريل 1975 جاءت مفاجأة كبيرة، رغم أنّ أسلوبه العسكري المنضبط وكفاءته الإدارية جعلا الوظيفة بسرعة وكأنها خلقت له. ثم إنّ سمعته الآن أنه واحد من الذين لا يمكن أن يفسدوا في المنصب».
وذكرت الوثائق أنّ مبارك زار بريطانيا في شهر فبراير 1982، بعد أربعة شهور فقط من توليه منصب الرئاسة.
ونبّهت تقارير أجهزة البريطانية لجمع المعلومات وتقييمها أنّ مبارك «يفتقد رؤية السادات، ويظهر أنه ليس لديه مفهوم شامل لمصر التي يود أن يراها».
وتناولت مباحثات الرئيس المصري مبارك ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر قضايا الشرق الأوسط فقط؛ على رأسها الصراع العربي الإسرائيلي. وأثارت مارجريت مسألة صفقات السلاح في نقاش خاص حضره أسامة الباز.

وذكرت برقية صادرة عن السكرتير الخاص لرئيسة الوزراء أنّ مارجريت تحدّثت مع مبارك بالتحديد عن عرض شركة فوسبير ثورنيكروف البريطانية، التي يملكها أميركيون الآن، بشأن قوارب مراقبة بحرية قادرة على حمل صواريخ أو فرقاطات لمصر. كما شددت لمبارك على أنّ هناك حزمة مالية محسّنة؛ أي ائتمان مالي في شكل قرض لتمكين مصر من قبول العرض، متاحة الآن.
وأرسل سكرتير مارجريت نسخة من برقيته ومحضر المباحثات بين الوفدين إلى وزارتي الدفاع والتجارة، مشددًا على الالتزام بألا توزع هذه المستندات إلا في نطاق ضيق للغاية.