عكس الظهور المفاجئ لشركة «إيجل كابيتال» الإعلامية، باستحواذها على شركة «إعلام المصريين» التي يرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال المقرب من النظام أحمد أبوهشيمة، ما يدور داخل أجهزة النظام، حيث بتقاسم النفوذ في القطاعات الاقتصادية والإعلامية، وتحركها الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تكون حاضرة بقوة من خلف الكواليس.
وما فاجأ المراقبون أكثر، أن هذه الشركة الجديدة لم تطلق حتى الآن موقعاً إلكترونياً لها، ولم تصدر أي بيان يفصح عن هيكلها ومجلس إدارتها.
وأعادت «إيجل كابيتال» تقديم وزيرة الاستثمار السابقة، داليا خورشيد، زوجة محافظ البنك المركزي طارق عامر، كرئيس لمجلس إدارة الشركة، بعد شهور من الاختفاء بعد خروجها من الحكومة، ثم إعلان زواجها في الشهر التالي من طارق عامر، المحافظ الحالي للبنك المركزي.
كما أعاد المهندس أسامة الشيخ الرئيس الأسبق لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، في المشهد مرة أخرى ليصبح رئيساً لمجلس إدارة شركة إعلام المصريين للتدريب والاستشارات الإعلامية، بدلاً من أبوهشيمة، بعدما كان يتردد لشهور أنه سيتولى منصباً قيادياً في شبكة «دي إم سي» التابعة للنظام الحاكم أيضاً ويساهم في إدارتها مدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل.
من جانبه، اكتفى أبو هشيمة بالإعراب رسميًا عن «امتنانه لفريق العمل وجهوده المبذولة لبناء وتنمية شركة إعلام المصريين وترسيخ ريادتها بين أبرز المؤسسات الإعلامية فى مصر، وإنه واثق أن شركة إعلام المصريين والشركات التابعة لها وفريق العمل سوف يستمرون فى الأداء المتميز والريادة تحت مظلة إيجل كابيتال».
مجموعة إعلام المصريين
وتضم مجموعة إعلام المصريين فى مجال الفضائيات شبكة قنوات ON والتي تضم قنوات ON E وON Live وON Sport، وسيتم إطلاق قناة ON Drama خلال شهر إبريل المقبل.
أما فى مجال الصحافة الإلكترونية فتضم موقع اليوم السابع والمواقع التابعة له، وموقع انفراد، وموقع دوت مصر، ودوت مصر TV، وموقع صوت الأمة، وموقع عين المشاهير، وفى مجال الصحافة المطبوعة وتضم صحف اليوم السابع، وصوت الأمة، وعين، ومجلتي «إيجيبت تودي وبيزنس توداي».
بالإضافة إلى عدة شركات أخرى لها ثقلها بالسوق مثل «بريزنتيشن سبورت»، كبرى شركات التسويق الرياضى والدعاية والإعلان بمصر والمنطقة، وشركة مصر للسينما، وشركة «سينرجي» للإنتاج، و«سينرجي» للإعلان، وشركة «أي فلاي» التي أبهرت الجميع خلال الفترة الماضية من خلال التصوير الجوي سواء الأحداث العامة أو الرياضية.
واجهة للمخابرات
مصادر مقربة ومطلعة كشفت تفاصيل صفقة الاستحواذ وأكدت لـ موقع «مدى مصر» أن شركة «إيجل كابيتال للاستثمارات المالية ش.م.م»، هي صندوق استثمار مباشر مملوك لجهاز المخابرات العامة المصرية، جرى تأسيسه مؤخراً ليتولى إدارة جميع الاستثمارات المدنية للجهاز في عدد كبير من الشركات المملوكة للمخابرات جزئياً أو كلياً.
ويقول مسؤول تنفيذي سابق رفيع المستوى بمجموعة شركات أبو هشيمة، للموقع نفسه، إنّ حصة الأخير من «إعلام المصريين» لم تتجاوز أبدًا عددًا محدودًا من الأسهم، حيث أن دوره كرئيس لمجلس إدارة الشركة انحصر بالأساس في تمثيلها كواجهة إعلامية، وتوقيع التعاقدات باسمها؛ مؤكدا أن الحصة الأكبر والحاكمة من الشركة مملوكة بالفعل لجهاز المخابرات العامة، الذي أصبح بموجب صفقة الأمس يمتلك كافة أسهم مجموعة إعلام المصريين.
خسائر ضخمة
وأوضح مصدر على تفاصيل صفقة الاستحواذ أن أبو هشيمة خرج من إعلام المصريين ضد إرادته، بعد أن توصلت داليا خورشيد إلى قناعة بأن قراراته الإدارية والمالية قد كبدت المجموعة خسائر مالية ضخمة لن يمكن معالجتها إلا بخروجه تمامًا من المشهد، دون أن يحتفظ حتى بأحد مقاعد مجلس الإدارة.
إذ أن السياسة المالية التي أدار بها أبوهشيمة المجموعة، لم تعد ملائمة لتطلعات محركيه، حيث تسبب اندفاعه في دفع مئات الملايين من الجنيهات لاستقدام نجوم الرياضة والفن وإنتاج برامج خاصة بهم فضلاً عن إنتاج بعض المسلسلات عالية التكلفة، في تحقيق خسائر متتالية للمجموعة، وبصفة خاصة شبكة قنوات «أون» وصلت إلى نحو نصف مليار جنيه، في الوقت الذي تسير فيه الصحف على نحو جيد رغم ضعف التوزيع نتيجة حصول مواقعها الإلكترونية على قارئية عالية ونجاحها في استقطاب معلنين ثابتين وناجحين.
أسهم «سي بي سي»
وفي صفقة مشابهة، كشف مصدر مطلع داخل شبكة قنوات «سي بي سي» عن أن أسهم المخابرات العامة في الشبكة قد جرى خلال شهر ديسمبر الجاري نقلها في سرية إلى مجموعة إعلام المصريين، وبذلك أصبحت «إيجل كابيتال» منذ الأمس تمتلك أيضًا حصة تقترب من النصف من سي بي سي، التي لا تزال الحصة الحاكمة فيها -حتى وقت كتابة هذه السطور- مملوكة لرجل الأعمال محمد الأمين وأسرته.
وكانت شركة «المتحدة للطباعة والنشر وتكنولوجيا المعلومات»، المملوكة للمخابرات العامة، قد أعلنت في أكتوبر من العام الماضي عن استحواذها على حصة من تحالف شبكتي سي بي سي والنهار، وهو الاندماج الذي أعلن فشله في أبريل الماضي لتخرج شبكة النهار وتبقى الشراكة بين كل من شركة المتحدة (المخابرات العامة) ومحمد الأمين عبر شركته «فيوتشر».
ونفى المسؤول من شبكة سي بي سي أن تكون هناك نية لدمج شبكتي «أون تي في» و«سي بي سي»، مؤكدًا أن المتفق عليه حتى الآن هو أن تبقى الشبكتان منفصلتين مع تعاونهما الحتمي نظرًا لتبعيتهما الآن لشركة واحدة هي إيجل كابيتال.
مستقبل أبوهشيمة
وعن مستقبل أبوهشيمة نفسه بعد تجريده من أسلحته الإعلامية؛ قال مصدر بحزب مستقبل وطن الموالي للنظام والذي كان مدعوماً في مرحلة سابقة من أبوهشيمة؛ إن «هناك شخصيات عسكرية في النظام الحاكم كانت منزعجة من الصعود المفاجئ لأبوهشيمة وامتداداته في مجالات عديدة وعلى رأسها الرياضة، بما في ذلك رغبته في السيطرة على النادي الأهلي من خلال صديقه محمود طاهر الرئيس السابق للنادي، وأنه كان يحاول طوال العام الحالي مقاومة محاولات إقصائه عن المشهد، بمزيد من «التربيطات والتواصل» مع الأجهزة الأمنية».
وأضاف المصدر لـصحيفة «العربي الجديد» «إنَّ “أبوهشيمة عاد الآن لوضعه الطبيعي كرئيس لشركة حديد المصريين، التي يشاركه فيها قطريون وإماراتيون، ويستعد لعقد شراكة مع شركات روسية متخصصة في مجالي الزراعة وصناعة المنتجات الوسيطة لتصنيع الصلب».
وعلق الكاتب الصحافي، وعضو مجلس نقابة الصحافيين، عمرو بدر، على بيان الاستحواذ قائلًا: «بعد بيع أبو هشيمة لإعلام المصريين هناك تغييرات كبيرة في خريطة الإعلام الفترة القادمة … ستشمل قناتي دريم والمحور وعدداً من المواقع الإخبارية.. الدولة مركزة جدًا مع الإعلام وليس لديها استعداد لترك أي مساحة دون أن تكون مسيطرة عليها.. وضمن تلك التغييرات سيكون هناك صعود لوجوه جديدة في الإعلام .. وتغييرات كبيرة في اليوم السابع الموقع والمطبوع».
وتعكس هذه التفاصيل تنامي الرغبة الجامحة لدى أجهزة النظام في الاستحواذ المباشر، وليس من خلال وسطاء، على المشهد الإعلامي داخل الإطار الرسمي، بالتزامن مع الاستعداد للانتخابات الرئاسية المقرر دستورياً أن تبدأ في فبراير الماضي، وبالتوازي مع شائعات متنامية عن وقوف جهازي أمن الدولة ومشروعات وزارة الداخلية خلف عملية شراء شبكة قنوات «الحياة» وسعيهما للدخول كشركاء في شبكة «دريم» المملوكة لرجل الأعمال المتعثر في سداد ديونه للدولة أحمد بهجت.
وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود»، ومقرها باريس، قد أبدت في سبتمبر الماضي قلقها من سيطرة أجهزة المخابرات على عدد من المؤسسات الإعلامية المصرية، وذلك في تقرير بعنوان «مصر: حينما تبسط المخابرات سيطرتها على الإعلام، قالت فيه إن «رجال المخابرات أقرب إلى وسائل الإعلام من أي وقت مضى».