قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» إنّ الاحتجاجات الإيرانية تنحسر الآن بعد قرار حكومي بتكليف الحرس الثوري الإسلامي بحفظ الأمن في ثلاث مقاطعات شكّلت مركزًا للاضطرابات، وهي همدان وأصفهان ولورستان، موضحة مقال للكاتب «الإسرائيلي» البريطاني «جوناثان سباير» أنّه من السابق لآوانه التأكيد بأنّ موجة الاضطرابات قضيت تمامًا؛ فلا تزال هناك تظاهرات جارية بالرغم من إعلان الحرس الثوري، في مدن مثل سنندج وزاهدان وميبد وعقالة وغيرها.
وأضاف، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّه خرج باستنتاجات وملاحظات على الاحتجاجات الإيرانية الحالية ومدى قربها أو بعدها عن إسقاط النظام؛ مؤكدًا أنّ النظام الإسلامي الشيعي هناك ما زال متماسكًا ومحافظًا على وجوده، وهناك شواهد تدلّ على أنّه في طريقه لقمع الحركة الاحتجاجاية، والأعداد المشاركة في التظاهرات تخفت.
والاحتجاجات الإيرانية الحالية «غريبة»، فبالمقارنة بينها واحتجاجات 2009، التي اندلعت بسبب تزوير الانتخابات؛ فالحالية لم تبدأ بالشباب كما حدث من قبل، بل بدأت في مدن وبلدات صغرى، كما هاجم المتظاهرون منشآت أمنية تابعة للباسيج ومنشآت حكومية، وهو ما لم يحدث في 2009، ورددوا هتافات معادية للنظام.
كما ركّزت التظاهرات الحالية على سياسة طهران الإقليمية وتدخلها في دول، ورأى المتظاهرون هذه السياسات لا تعود بنفع عليهم، وظهرت هذه المعارضة في هتافاتهم: «الموت لحزب الله»، «غادروا سوريا.. فكروا فينا»، «الموت للديكتاتور» وغيرها.
وبدأت الاحتجاجات في مدينة مشهد المحافظة والموالية للنظام، وكان تركيزهم الأوليّ على التدابير التقشفية التي اتخذها روحاني، كما ظهرت أدلة على أن المحرضين البادئين للتظاهرات من خصوم روحاني المتشددين. لكن، لم يتوقّع أحدٌ امتداد التظاهرات بسرعة إلى باقي المدن؛ إذ فاجأت النظام هناك، وكان القمع الطريقة الوحيدة التي ردت بها الحكومة؛ إذ قُتل ما لا يقل عن 22 شخصًا حتى الآن، وأصيب المئات بجروح.
وخلص الكاتب إلى استنتاجات متعلقة باتجاه الأحداث حتى الآن:
• غياب المستوى التنظيمي للتظاهرات وغياب رؤية مستقبيلة أو استراتيجية معينة لهزيمة النظام الإسلامي الشيعي، وبعد بدء التظاهرات بأيام لم يظهر حتى الآن أيّ مستوى تنظيمي لها، داخليًا أو خارجيًا.
• بالرغم من الطبيعة الاقتصادية للاحتجاجات، فمن الممكن أن تتحول في وقت ما إلى صراعات بين مراكز القوى، أو الإطاحة بالرئيس المعتدل «روحاني». لكن، بسبب غياب أيّ نواة من المعارضة السياسية أو العسكرية للنظام فمن الصعب أن تتمكن الاضطرابات من القضاء على نظام الجمهورية الإسلامية.
• دأب النظام الإيراني أثناء الاحتجاجات على اتهام قوى خارجية بالوقوف وراءها، وقال المرشد الإيراني الأعلى «علي خامنئي» إنّ هناك قوى خارجية تقف وراء الأحداث، وأضاف أنّه مخطط من الولايات المتحدة والصهاينة، وبأموال من حكومات خليجية ثرية، ومن الواضح أن كان يقصد المملكة العربية السعودية.
• بالنظر إلى توجّه النظام الإيراني الخارجي في سوريا والعراق واليمن ولبنان، فمخاوفه مبررة إلى حدٍ ما؛ غير أنه لا توجد أي أدلة على صدق توقعاته، لكنّ ترامب أكّد في خطابه أثناء الإعلان عن استراتيجيته الوطنية الأميركية للخارج أنّ «إيران دولة خبيثة راعية رئيسة للإرهاب»، وحثّ على ضرورة تحييد النفوذ الإيراني.
وإحدى الطرق لتحقيق هدف ترامب الأخير: إثارة الاضطرابات، وهو سلوك تتبعه معظم الدولة لإضعاف منافسيها أو جيرانها. ومن أجل ذلك هناك طرق عدة؛ كضمان اتصال المتظاهرين ببضعهم بعضًا، ومعاقبة الأشخاص والمسؤولين والبلدان التي تؤيد النظام وتساعده على اكتساب وسائل قمعية.
• غير أنّ النظام الإسلامي في إيران ما زال محتفظا بقوته بالرغم من الاضطرابات، وثمّة صعوبة محاسبة مسؤوليه الآن؛ بل بالعكس قوتهم تزداد وأكثر التزامًا بقيم الثورة الإسلامية عام 1979، مثل الحرس الثوري الإيراني والشخصيات المتشددة المتربطة به.
وأثار المتشددون داخل النظام الحالي ثورة 1979، وماز الوا موجودين حتى اليوم؛ فلو حاولت أطراف داخل الجمهورية الإسلامية تقويضها ستُقابل بمقاومة شرسة.
• تشير الاحتجاجات في الأسبوعين الماضيين إلى أنّ هناك انشقاقات حادة داخل المجتمع الإيراني نفسه، وانفصال النظام عن قطاع عريض من الشعب الإيراني، وبعيدًا عن معرفة احتياجاته ومتطلباته أو تلبيتها.