أعلنت تركيا اليوم السبت انطلاق مقاتلاها من قاعدة عسكرية في ديار بكر بمدينة عفرين بمحافظة حلب (شمال سوريا) في الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي، باسم «غصن الزيتون»؛ مستهدفة خمسة مواقع للمليشيات الكردية، من بينها مواقع في جلمة (جنوبًا).
وتزامنًا مع هذه الغارات، قالت وكالة «الأناضول» إنّ وحدات من «الجيش السوري الحر» بدأت الدخول إلى عفرين من منطقة كيلس الحدودية التركية.
شاهد | المقاتلات التركية تقصف مناطق لتنظيم "ب ي د/ بي كا كا" الإرهابي خلال عملية #غصن_الزيتون التي انطلقت في #عفرين pic.twitter.com/5REHX32IlX
— قناة TRT العربية (@TRTalarabiya) January 20, 2018
أردوغان يُصعد
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب بالاجتماع السادس لمجلس المحافظين لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم بمدينة كوتاهيا، إنّ «هجوم عفرين بدأ بالفعل على الأرض وستتبعه مدينة منبج وستستمر حتى حدود العراق».
وأضاف أنّ «ما تقوله الولايات المتحدة لم يعد يعنينا، لأننا ننظر فقط إلى ما يحصل على الأرض»، و«طالما لم يتم حتى الآن الوفاء بالوعود التي قُطعت لنا بشأن منبج، فلا أحد يستطيع إبلاغنا بما ينبغي علينا فعله في هذا الخصوص».
وفي لفت إلى تخبّط التصريحات الأميركية بشأن إنشاء قوات «حرس حدود» في شمال سوريا بالاعتماد على المليشيات الكردية، قال أردوغان: «يظهر علينا أحدهم ويقول إنّنا سننشئ جيشًا، ثم يقول آخر إنّه ليست لدينا أهداف كهذه، وآخر يقول سنشكّل قوات حرس حدود، لا أحد من هؤلاء على علم بما يقوله الآخر، وعلاوة على ذلك، يقولون إنّ مبادرتنا لا تستهدف تركيا».
ويسيطر «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي على مدينة منبج، بدعم من الولايات المتحدة التي لم تلتزم بوعود قطعتها لتركيا بسحب مليشيات الحزب من المدينة بعد طرد “تنظيم الدولة” منها.
وحذّر أردوغان، واشنطن، من استمرار تعاونها معحزب الاتحاد الديمقراطي» قائلاً: «سيتعلّمون كم كان خطأ أن يثقوا في تنظيم إرهابي»، مستطردًا «أنا أقولها من هنا، وأوجه كلامي لكل الدول الغربية، أنتم لا تكترثون بثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ متواجدين في بلادنا، ماذا يأكل هؤلاء الناس وماذا يشربون، لا تهتمون لذلك، ماذا فعلتم حتى الآن من أجل هؤلاء؟».
إصرار تركي
وفي أعقاب ذلك، كتب وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، على «تويتر»، أنّ تركيا «مُصرّة وقادرة على تدمير جميع أنواع التهديدات التي تواجهها». وبلاده أبلغت النظام السوري بهجوم «غصن الزيتون» عبر رسالة مكتوبة.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء التركي «بن علي يلدريم» أنّ الجيش التركي بدأ الهجمات الجوية في عفرين للقضاء على المليشيات الكردية و«تنظيم الدولة» الإرهابي، و«ليست لدينا عداوة أو مشكلة مع أحد، نحن نريد أن يحل السلام وتسود الأخوة في المنطقة».
وفي سياق متصل، أبلغت الحكومة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، كمال كلجدار أوغلو، وزعيم حزب «الحركة القومية» (يميني قومي متطرف) دولت بهجلي، بتطورات «غصن الزيتون». كما أكدت أنها اتخذت الإجراءات الضرورية للحيلولة دون إلحاق الضرر بالمدنيين.
قلق روسي
وبينما دعت واشنطن إلى توقف الهجوم على المليشيات الكردية، دخلت أنقرة في محادثات مع روسيا لتنسيق الهجوم في عفرين، في وقت نقلت موسكو قواتها من المدينة إلى تل رفعت؛ لضمان سلامتهم، وفق وزارة الدفاع الروسية.
وأعربت روسيا عن قلقها من إعلان تركيا بدء هجوم بري وجوي في شمالي سوريا على وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية، داعية إلى «ضبط النفس».
وقالت وزارة الخارجية الروسية إنّ «تركيا لجأت إلى قواتها المسلحة قرب عفرين، في شمال غربي سوريا…، إن موسكو قلقة حيال هذه المعلومات»، وأضافت أنها «تتابع عن كثب تطور الوضع» و«روسيا تبقى ملتزمة بموقفها فيما يتعلق بالسعي إلى حلول (للنزاع) في سوريا؛ استنادًا إلى الحفاظ على وحدة أراضي هذا البلد واحترام سيادته».
وأضافت أنه بعد الانسحاب الجزئي في ديسمبر الماضي للقوات الروسية من الأراضي السورية، بعد تدخل عسكري، منذ سبتمبر 2015، فـ«الهدف الرئيس للجنود الروس الذين بقوا في البلاد هو ضمان احترام الهدنة في مناطق خفض التوتر».
إطلاع بعثات دبلوماسية
واستدعت تركيا مساء اليوم سفراء دول أميركا وإيران وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين لديها وأطلعتهم على آخر التطورات في مدينة عفرين، في الوقت الذي تباحث فيه رئيس الأركان التركي «خلوصي أكار» مع نظيريه الأميركي «جوزيف دانفورد» والروسي «فاليري غيراسيموف».
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لقناة «24 تي في»: «أبلغنا كلَّ الأطراف بما نقوم به؛ حتى إننا أبلغنا خطيًا النظام السوري بالرغم من أنه لا علاقات لنا معه؛ لكن هذه الخطوات للانسجام مع القانون الدولي».
بينما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية مساء السبت أنّ بلاده تنفي إبلاغها بالهجوم العسكري، الذي وصفه بـ«العدوان التركي الغاشم على مدينة عفرين، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية».
كما اعتبر أنّ «هذا العدوان يمثل الخطوة الأحدث في الاعتداءات التركية على السيادة السورية»، وأن «سوريا تنفي جملة وتفصيلا ادعاءات النظام التركي بإبلاغها بهذا الهجوم الذي هو جزء من مسلسل الأكاذيب التي اعتدنا عليها من النظام التركي»، وفق قوله؛ مطالبًا المجتمع الدولي «بإدانة هذا العدوان التركي واتخاذ الإجراءات الواجبة لوقفه فورا».
اتهام واشنطن
بدورها، اعتبرت وزارة الدفاع الروسية أنّ الهجوم التركي نتيجة للاستفزازات الأميركية. وقالت الوزارة في بيان لها منذ قليل إنّ «العوامل الرئيسة التي أسهمت في تطور الأزمة في هذا الجزء من سوريا هي الخطوات الاستفزازية التي اتخذتها واشنطن بهدف عزل المناطق التي يسكنها الأكراد».
وأضاف أنّ «الهجمات غير الخاضعة للرقابة للبنتاجون لتسليح تشكيلات مؤيدة للولايات المتحدة في شمالي سوريا أسهمت في التصعيد السريع للتوتر في المنطقة وهجوم القوات التركية بعمل خاص»؛ و«هذه الأعمال غير المسؤولة للجانب الأميركي في سوريا تقوّض السلام وتعيق المفاوضات السورية في جنيف، التي يجب أن يشارك الأكراد فيها بشكل كامل».