شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تسريبات كلينتون: المخابرات المصرية مسؤولة عن التواصل مع «إسرائيل» في عهد مرسي

تقول التسريبات التي نشرتها ويكليكس من بريد هيلاري كلينتون أنّ السيسي هو الذي حرص على التواصل مع «إسرائيل» وليس الرئيس محمد مرسي

على عكس ما أشيع أثناء حكم الدكتور محمد مرسي مصر بأنه صاحب فكرة التواصل مع «إسرائيل» والتنسيق الأمني معها وإقامة علاقات ودية، كشفت مراسلات مسربة من بريد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أنّ المخابرات الحربية بإشراف السيسي هي التي بدأت التنسيق الأمني؛ عبر «عملية عمود السحاب» العسكرية الاحتلالية ضد قطاع غزة في نوفمبر 2012.

وكشفت الوثيقة المسربة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ مرسي أكّد على ضرورة وجود اتصال موازٍ مع «حركة حماس»، وبَذَلَ مساعي لوقف خطة عسكرية إسرائيلية محتملة بالتدخل البري في القطاع كانت لتخلّف قتلى مدنيين وتلحق ضررًا بالبنية التحتية للقطاع، ولتحقيق الاستقرار في المنطقة؛ ما أتاح له في النهاية أن يصبح واحدًا من القادة المؤثرين في المنطقة.

وقالت الوثيقة، المعتمدة على مصادر لديها إمكانية الوصول المباشر لحكومات أوروبية ومصر وليبيا و«إسرائيل» وأجهزة مخابرات وأمن غربية، إنّه في 18 نوفمبر 2012، أيّ بعد «عمود السحاب» بأربعة أيام، أخبر المشير عبدالفتاح السيسي آنذاك الرئيس محمد مرسي، في محادثة خاصة بينهما، أنّ المخابرات الحربية المصرية فتحت اتصالًا مع قوات الدفاع الاحتلالية؛ التي أكّدت أنّ قيادة المؤسستين العسكرية والسياسية الاحتلالية تشاركان حينها في نقاش بشأن كيفية التصرف داخل قطاع غزة.

وقالت مصادر حساسة إنّ ضباط المخابرات الحربية يتحققون من معلومات مررت لمرسي ومستشاريه فى جلسات سرية مع دبلوماسيين إسرائيليين بأن المسألة ما زالت دون حلّ؛ لأن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يتخذ قرارًا بعد بشأن كيفية التصرف داخل القطاع.

حرب غزة

وأضاف: اعتقد السيسي أنه بينما يعتزم كبار قادة الجيش الاحتلالي، مثل وزير الدفاع إيهود باراك، مواصلة الهجوم البري على قطاع غزة؛ رأى مستشارون لنتنياهو أنّه من الممكن تجنّب هذا المسار في الوقت الحالي، ويرى الجنرالات الإسرائيليون المؤيدون للهجوم أنّه فرصة لإثبات قدرة «إسرائيل» العسكرية أمام «حركة حماس»، وأن لديها القدرة على تدمير أعدائها.

لكنّ وزير الدفاع ساوره قلق بأن تؤدي هذه التحركات إلى خسائر بشرية كبرى في صفوف المدنيين، إضافة إلى الخسائر في صفوف القوات الاحتلالية التي ستضطر لإطلاق هجوم في ممرات وحوارٍ ضيقة بغزة.

ويعتقد المصريون، بحسب المصدر، أنّ إيهود باراك أصبح مقتنعًا بأن استخدام جيش الاحتلال الأسلحة المتطورة سيظهر ميزة «إسرائيل» الاستراتيجية ضد حماس وأعدائها الآخرين. ويرى وزير دفاع الاحتلال أنّ هذا التحرك سيسمح لحكومته بقبول وقف إطلاق النار، الذي سيوقف بدوره الهجمات الصاروخية لحماس على جنوب «إسرائيل». وعلى الرغم من خطابها العدواني، المخابرات الحربية المصرية مقتنعة تمامًا بأن نتنياهو لم يلتزم بأي جانب في المناقشات.

وقال المصدر إن إيهود باراك سيصر على أن أيّ انتهاك لوقف إطلاق النار سيؤدي إلى توغل خطير وعدواني لجيش الاحتلال داخل قطاع غزة؛ ما يعني استخدام«إسرائيل» كل إمكانياتها العسكرية للقضاء على حركة حماس.

كما أخبر ضباط مخابرات الاحتلال نظراءهم المصريين في اجتماعات سرية أنّ كبار قادة جيش الاحتلال يرون هذه الاستراتيجية مضيعة للوقت، وتسمح للجهازين العسكري والأمني لحماس بالتحضير لما يرونه هجومًا حتميًا للقوات الاحتلالية؛ ويبدو أنّ إيهود باراك قلق بشأن عوامل أخرى متعلقة بالقضية نفسها، خاصة رد فعل شعوب أميركا وأوروبا وحكوماتهما على حمام الدم الذي سيُنشر في غزة، في الوقت الذي تدعم فيه الولايات المتحدة «حق إسرائيل» في الدفاع عن نفسها.

كما يشعر باراك بالقلق من الخدمات اللوجيستية والتكاليف المرتبطة بالهجوم إذا استمر أكثر من ستة أسابيع، وهي المدة التي خطط لها قادة جيش دفاع الاحتلال.

ويعتقد المصريون أن باراك سعيد للغاية بأداء منظومة القبة الحديدية، والجيل الجديد من الطائرات من دون طيار، والقوات الجوية الاحتلالية بأكملها. وبناء على ذلك؛ يرى باراك أنّ نجاح هذه الأسلحة في حماية مدن الاحتلال بالتزامن مع تدمير قطاع غزة يذكِّر حماس بقوة جيش الدفاع الاحتلالي.

وأثناء حديثهم، كما ذكر المصدر، حذّر السيسي مرسي من أنه يجب النظر بعناية في المعلومات الواردة من اتصالاتهم مع جيش الدفاع الاحتلالي؛ إذ توقّع من الإسرائيليين -عبر قناة الاتصال هذه- التأثير على السياسة المصرية، وقال أيضًا إنّه يعتقد أنّ هؤلاء ضباط من جيش الاحتلال رتب متوسطة ويتطلعون إلى حلٍ دبلوماسي في غزة.

موقف مرسي

قال المصدر إنّ مرسي أكّد أنّ الإسرائيليين بشكل عام ونتنياهو بشكل خاص لا يمكن التنبؤ بتحركاتهم، غير أنه أراد أن تبقى خطوط الاتصال مفتوحة معهم؛ خاصة الاتصالات السرية. وعبّر مرسي عن قلقه من استمرار العنف في غزة للسيسي؛ خاصة إذا قاد جيش الاحتلال هجومًا بريًا على حماس؛ وهو ما سيهدد استقرار الحكومة المصرية. ويرى الرئيس المصري أنّ نظامه إسلامي معتدل وملتزم بالعمل مع رجال الأعمال الغربيين وقادة حكوماتهم، وهو موقف يضعه على خلاف مع الأعضاء الأكثر تطرفًا في النخبة الإسلامية في مصر.

وفي الوقت نفسه، موقف مرسي في التسلسل الهرمي لجماعة الإخوان المسلمين المصرية يتيح له درجة من التأثير على حركة حماس، وعلى المنوال نفسه.

كما يرى الرئيس المصري أنّ حكومة رئيس المؤتمر الليبي «يوسف المقريف» ورئيس الوزراء «علي زيدان» تتعرض إلى خطر أكبر، ويُنظر إلى الرجلين على أنهما قريبان، ويرتبطان ارتباطًا وثيقًا بحكومة الولايات المتحدة ومجتمع الأعمال التجارية؛ بينما لا يوجد في ليبيا درجة الاختلاف نفسها بين الجماعات الإسلامية في مصر. وأخبر مرسي السيسي أنّ جماعة الإخوان المسلمين أفادت بأن الفصائل الإسلامية المحافظة نسبيا في طرابلس وبني غازي تنظر إلى الوضع في غزة كوسيلة لتقويض حكومة «المقريف»؛ لأنها لم تدعم حركة حماس بشروط قوية بما فيه الكفاية.

ويرى المصدر أنّ مرسي والسيسي سيواصلان اتصالاتهما السرية مع المسؤولين الإسرائيليين وضباط جيش دفاع الاحتلال، مع الحفاظ -في الوقت نفسه- على قناة اتصال قوية بحركة «حماس»، واصفًا الوضع بالخطير للغاية؛ لأنّ «إسرائيل» وحماس لا يمكن التنبؤ بتحركاتهما.

وأضاف المصدر أنّ مرسي رأى هذه الأوضاع فرصة لجعل نفسه واحدًا من القادة الحقيقيين والمؤثرين في الشرق الأوسط، وهذا أمر صحيح إذا ما استطاع منع توغل جيش الاحتلال داخل قطاع غزة والوصول إلى اتفاق بوقف إطلاق النار.

واستخدم مرسي في هذا الصدد موقف جماعة الإخوان المسلمين الرامي إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع «حماس» في الوقت نفسه الذي يتواصل سريًا مع «إسرائيل». ومن جانبه، قال السيسي إنّ منظومة القبة الحديدية أفضل نظام دفاعي تمتلكه «إسرائيل»، وحدّت من حجم الضرر الذي ألحقته حماس بها، وأعطى نتنياهو مزيدًا من الوقت لتحديد المسار الذي ستسلكه المفاوضات بين المؤسسات لعسكرية والسياسية الإسرائيلية بشأن التدخل البري في القطاع، وكان نتنياهو حينها تحت ضغط شديد من المؤيديين للغزو.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023