شبكة رصد الإخبارية

«السيد البدوي»… تاريخ من الفساد حتى أطاح بـ«الوفد» العريق ليكون «كومبارس» السيسي

السيد البدوي

ينشغل الرأي العام المصري حاليًا بمباحثات قيادات حزب الوفد بتقديم رئيسه «السيد البدوي» ليكون مرشحًا «صوريًا» أو كومبارسًا أمام عبدالفتاح السيسي، بعد انسحاب خالد علي وأحمد شفيق واعتقال سامي عنان وأحمد قنصوة.

وانتهى منذ قليل اجتماع المستشار بهاء أبو شقة، السكرتير العام لحزب الوفد، مع قيادات منه لإقناعهم بالموافقة على ترشح السيد البدوي. وقال طارق التهامي، سكرتير عام مساعد «الوفد»، إنّ الاجتماع لم ينتهِ بقرار بعينه بقدر ما أُجّلت القضية برمتها لاجتماع الهيئة العليا غدًا السبت، والحزب قد يلجأ للتصويت هذا الاجتماع لحسم الموقف النهائى من ترشح السيد البدوي.

وللسيد البدوي تاريخ مثير للجدل في مصر؛ نستعرضه في التالي:

صاحب صيدلية يتحوّل إلى رجل أعمال

يبلغ السيد البدوي من العمر 67 عامًا، من مواليد طنطا بمحافظة الغربية عام 1950، وهو طبيب صيدلي حصل على شهادة البكالوريوس من كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية؛ ثم انطلق في مجال صناعة الدواء حتى أصبح رئيس أحد أهم كيانات صناعة الدواء في القطر: شركة سيجما.

أيضًا، بعدها أُعلن أنه مالك قنوات الحياة الفضائية المصرية المعروفة، وانطلق في عالم السياسة مع «الوفد»، أعرق حزب سياسي مصرى، وفاز برئاسته في عام 2010 على السياسي البارز المعروف حينها محمود أباظة.

تاجر ترامادول

بدأت أولى خفايا السيد البدوي تخرج إلى العلن مع قضية الترامادول الشهيرة في 2009؛ عندما قررت وزارة الصحة إيقافه وإعطاء الصيدليات مهلة حتى شهر يناير التالي للقرار لإيقاف توزيعه. وقبل يناير بشهر واحد وزّعت سيجما للأدوية على الصيدليات بيانًا يحذرها من بيع أدوية تحتوي على نسبة ترامادول.

محافظ المنوفية يشاركه في شركة أدوية

وكشفت تقارير صحفية سابقة أنّ السيد البدوي توسط له صحفي من الوفد عند محافظ المنوفية وخُصّصت له أرض في المنطقة الصناعية بقويسنا لإنشاء مصنع أدوية، وجمع شركاء ووعدهم بأن يكونوا أعضاء مجلس إدارة، وظهر المصنع إلى الوجود وكانت مدة خصبة لنجاح جميع مصانع الأدوية التي ظهرت حينها (في التسعينيات).

سر علاقته بصفوت الشريف وكمال الشاذلي 

بعد وفاة سراج الدين، نجح فريق نعمان جمعة ومحمود أباظة في خلافته، وحينها كان نعمان جمعة يميل إلى ترشيح السيد البدوى رئيسًا للوفد خلفًا له، ويكون هو مثل الراحل خالد محيي الدين في «التجمع» زعيمًا فقط، وكان يريد إبعاد أباظة عن رئاسة الوفد. وبالرغم من ذلك خطط البدوي بالاتفاق مع صفوت الشريف لإبعاد نعمان جمعة وساعده فى ذلك ارتباطه الوثيق برجل النظام القوي آنذاك كمال الشاذلي، الذى كان يخرج له عمال مصنعه بمنطقة قويسنا لانتخابه ويعين له ما يريد، وكان يساهم في نجاحه بالرغم من أن المرشح المنافس للشاذلي كان وفديًا ورجل أعمال.

كان الشاذلي يحفظ الجميل للبدوي، ويريد تعيينه في مجلس الشعب طالما لا ينجح في الانتخابات لولا القدر الذي أطاح بالشاذلي من منصب الأمين العام للتنظيم في الحزب الوطني الحاكم وقتها. وكان البدوي يتمتع بعلاقات قوية مع صفوت الشريف عبر علاقات البيزنس مع نجله أشرف ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي.

وكان صعود السيد البدوي واختياره سكرتيرًا عامًا من قبل نعمان جمعة، في صفقة معروفة كان مهندسها الصحفي الراحل سعيد عبد الخالق رئيس تحرير الوفد الأسبق، حتى جاءت انتخابات رئاسة الحزب. وقالت مصادر إنّها أعدت ونُسّقت في مبنى أمن الدولة.

وكان البدوي على علاقة مع شقيق زوجة رئيس جهاز أمن الدولة اللواء حسن عبد الرحمن، وهو محمد زيدان، وأعطيت أوامر للإعلام بمناصرة البدوي والهجوم على محمود أباظة واتهامه بأنه عميل الأميركان، وسخّرت الدولة فضائيات الحكومة والفضائيات الخاصة لترجيح كفة البدوي، الذي زار فور فوزه صفوت الشريف بمكتبه في زيارة شهيرة أثارت الجدل وقتها.

انتخابات 2010

سيناريو آخر استخدم البدوي أسلوبه الدائم في اللعب على الأحبال، ورفض التحالف مع الإخوان، والانسحاب من الانتخابات حتى انتهت الجولة الاولى وكانت فضيحة الوفد في خسارة معظم مقاعده، ومع ذلك ظل البدوي على اتصال مع صفوت الشريف وكان الانسحاب الذي قام به البدوي بالإتفاق مع صفوت الشريف لكشف أحمد عز أمام حسني مبارك وإعادة زمام الأمور لصفوت الشريف، حيث كان الصراع بين الحرس القديم والجديد في ذروته، وانحاز البدوي للحرس القديم ظنًا منه أنه الأقوى.

ركوب الموجة في يناير 2011

ومع الدعوات الأولى لثورة 25 يناير لم يظهر البدوي؛ لكنه سرعان ما ركب الموجة وأصدر بيانه يوم جمعة الغضب باعتبار أنّ حسني مبارك غير شرعي، ومع ذلك كان أول من استجاب للحوار مع حكومة الفريق أحمد شفيق واللواء عمر سليمان نائب الرئيس قبل تنحي مبارك.

ضرب بالقفا

بعد ثورة يناير، حاول البدوي التسلط على مكتسبات الثورة؛ لكنّ متظاهرًا صفعه في ميدان التحرير يوم «مليونية إسقاط الإعلان الدستوري».
ويظهر الفيديو البدوي وهو يمشي وإلى جواره مشاركين، وأحدهم يسأله: «إيه رأيك في الميدان بدون الإخوان يا ريس؟ فيجيب: «جميل»؛ وفي حركة مفاجئة يأتي شاب مقنع من الخلف ويضربه.

 النصب بفضائية الحياة

حاول البدوى أن يفتح جريدة لكى تكون منبرا له يبدأ فيه من جديد، ولكن الفكرة لم تخرج إلى النور، فاقترح على زملائه فى شركة سيجما أن يفتح قناة، حيث تم إنشاء قضائية الحياة بعد جهد برأسمال ٨ ملايين دولار، دفعت الشركة حوالى النصف والباقى ساهم به أعضاء مجلس الإدارة بنسب مختلفة ودخل الدكتور أحمد العزبى كمساهم ، وأيضًا علاء الكحكى بعد أن أصبح الوكيل الإعلانى للقناة، وقام بدفع ٨٠٠ ألف دولار، لكنه ماطلهم في نسبتهم في القناة وتخلص منها العام الماضي ببيعها  إلى شركة تواصل.

النصب على شركة إماراتية

بعد افتتاح القناة بأقل من عام، دخل شركاء في سيجما للأدوية بشراكة إماراتية برأسمال سعودى اسمها «إيست جيت»، وهي الآن إحدى شركات البنك الأهلي السعودي، وزادت رأس المال بنحو 10%، ودفعت حينها 220 مليون جنيه؛ عبر وديعة في بنك.

واشترطت السعودية أن تتخارج شركة سيجما للأدوية من قناة الحياة، واتفق على تعيين عضوين في مجلس الإدارة من شركة إيست جيت، ثم اكتشفت الشركة في نهاية 2014 أنّ اسمي العضوين لم ينزلا في السجل التجاري، وأنّ السيد البدوى أخفى عليهم ذلك لغرض في نفسه.

مبارك لم يفز بالتزوير
ومؤخرًا، مدخ السيد البدوي الرئيس المخلوع حسني مبارك، زاعمًا أن مصر شهدت حرية في تداول المعلومات والإعلام في عهده، قائلًا: «مبارك لم يفز بالتزوير في الانتخابات، كان ديمقراطيا، وكان به جميع مظاهر الديمقراطية عدا تداول السلطة».
تخريب بيت الأمة

واليوم، بعدما كان حزب الوفد «بيت الأمة»، الذي واجه الإنجليز والملك وشكّل الحكومة وصارع من أجل الاستقلال وكتابة دستور يحقق الجلاء؛ بنتهي به المطاف متواريًا بعيدًا عن الأضواء، منكفئًا على ذاته لاحتواء أزماته الداخلية التي مَزعَته إلى ثلاث جبهات: بدراوي والبدوي وتيار الإصلاح.

بل إنّ «الوفد» أصبح ذيلًا وتابعًا لقائمة تضم حديثي العهد بالسياسة؛ ليتحول مرشحوه إلى مجرد «أرقام» على قائمة «في حب مصر». والراجح مما شهده في الآونة الأخيرة أنّ الدكتور السيد البدوي، رئيس الحزب، أخفق بشكل ملحوظ في إدارته، وأفشله بعد أن كان معولا عليه في التطورات والمتغيرات التي شهدتها الحياة السياسية بعد ثورة 25 يناير؛ لكنه خالف كل التوقعات وذهب به إلى أداء دور «الكومبارس» للنظام العسكري، وبالتالي الذهاب بلا رجعة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023